لم ينج الأموات من إهمال المسؤولين حتى بعد مفارقتهم لدنيانا، فبعد أن قضى وباء الإهمال على الأحياء تسرب إلى مقابر الأموات، بمنطقة مساكن الكيلو 21 بالإسكندرية، وانتهك حرماتها، بعد أن غمرت مياه الصرف الصحى تلك المقابر وتغلغلت فى أعماقها حتى أصبحت بعض الجثث لا تتحلل، نظراً لاضطرار بعض «الحانوتية» لوضع الجثث فوق مياه الصرف الصحى وغلق المقابر عليها، وذلك بعد أن فقدوا كل آمالهم فى استجابة المسؤولين لشكواهم.
تقول زينب عبدالفتاح، 65 سنة، صاحبة إحدى المقابر «يعنى الحكومة مش رحمانا لا فى حياة ولا موت» وتابعت زينب: «ذهبنا إلى إدارة الصرف الصحى أكثر من مرة واستنجدنا بهم ولكن لا حياة لمن تنادى، لا أحد يسمع أصواتنا لأننا بسطاء وأمثالنا يعيشون غلابة ويموتون غلابة».
وأضاف حمدى محمد شبايك، من الأهالى: «الإهمال كما هو واللامبالاه كما هى ولا أحد ينظر إلينا بعين الاعتبار وفى حالة عدم سماع مطالبنا سنقوم بالتصعيد لأن هذه تعد من الحرمات وليست حقوقاً ومطالب فئوية».
وتساءل: «فين الحكومة الجديدة المؤمنة اللى بتعرف ربنا مش عارفين ده حرام وإن ده هتك لحرمات الأموات؟ وتابع: «نحن لا نطالب بزيادة الحوافز يا سيادة الرئيس ولا بوظائف.. نحن تنازلنا عن حقوقنا ولكن نطالب بحقوق أمواتنا فهل هذا كثير علينا أيضا؟».
ويقول سعد إبراهيم على، نائب رئيس جمعية الرائد الخيرية المسؤولة عن الدفن والحراسة بالمقابر: «انتهكت حرمات مقابرنا وأصبحنا نلقى بموتانا بمياه صرف صحى بدلاً من دفنهم على الطريقة الشرعية، والجثث أصبحت لا تتحلل، لقد قمت منذ حوالى عشرة أيام بفتح مقبرة لدفن جثة وفوجئت ببقاء جثة أخرى كما هى لن تتحلل بعد مرور أكثر من 7 أشهر على دفنها، نظراً لأنها ليست مدفونة تحت تراب إنما هى عائمة داخل مياه الصرف ومغلق عليها باب القبر ولا أحد يعلم شأنها إلا الله فنحن لا نفتح مقبرة قبل مرور 6 أشهر على دفن الجثة بها تجنباً لحدوث أى أذى لنا».
وأضاف: «ربنا يسامحنا على حرمة هؤلاء الموتى فالذنب ليس ذنبنا فنحن بذلنا قصارى جهدنا فى الشكوى للمسؤولين ولا أحد يستجيب لنا».
وعبر محمد رزق، حانوتى بجمعية الرائد، عن مدى المعاناه التى يعانيها أثناء دفن الجثة ويقول: «فى العديد من المرات انزلقت الجثة من بين أيادينا لصعوبة الطريق المؤدى للمقابر ومداخل الجبانات لذا نقوم بتحطيم الأسوار التى تحيط ببعض الأراضى المجاورة من أجل استخدام الطوب، ونقوم بوضعه فى الطريق كى نخطو فوقه».
واستطرد قائلاً: «دفنا حرمة الميت فى مياه («المجارى) فمنذ بضعة أيام كنا نقوم بدفن جثة متوفية وذاك اليوم لن ننساه أبدأ فظلنا لمدة 6 ساعات متواصلة نحاول تجفيف المقبرة من المياه بعد فتحها مما أخر ميعاد الدفن، وأثار غضب أهالى المنطقة الذين فوجئوا بشكل المقابر من الداخل وغرق جثث موتاهم بمياه الصرف الصحى».
وطالب مصطفى متولى، ابن المتوفية نعمة حافظ آخر جثة تم دفنها بالمقابر، الحكومة بنقل جثث الموتى من تلك المقابر بعد أن غرقتها مياه الصرف الصحى، فأنا لن أنسى يوم دفن والدتى وهى ملقاة على الأرض لمدة 7 ساعات ونحن نحاول نزع الماء من المقبرة.