- هذه كلمة «حقيرة» لأن الله أعطى للجميع الأمل وأعطى عقلاً ليس للتجميد، ولابد من حمد ربنا على نعمة العقل والتفكير وأنا أحلامى واقعية، فمنذ أن كنت فى مرحلة الإعدادية كنت كثيراً ما أذهب للسينما، وكانت العائلة تنتقدنى وتقول لوالدى ده «بايظ» يرد عليهم «هيبقى أحسن واحد فى العيلة»، وكان دائماً ما يعطينى ثقة فى نفسى، وكانت توقعاتى لنفسى كبيرة، فعندما طلبت منه أن أستكمل دراستى بأمريكا قال «موافق.. ولو هبيع جلابيتى» فالثقة نصف النجاح ودائماً أقول لتلاميذى «السماء هى الحدود».
- جداً، وبكيت من الفرحة وتلاميذى كانوا فى الميادين وكانوا يتصلون بى ويقولون إن الثورة نتيجة ما علمته لهم، لأننى كنت متوقعاً ما حدث.
- حذرته وقلت له فى آخر اجتماع للجنة السياسات قبل الثورة أمام 200 شخص كان من بينهم مصطفى الفقى ود. محمد حسن الحفناوى، «هناك شيئان لا بد أن أتكلم فيهما قبل أى حد، الفساد اللى منخور فى مصر، والفساد الكبير فى الوزراء قبل الناس، والنقطة الثانية أن أى تزوير فى الانتخابات الناس هتعمل ثورة، والناس خافت». فقام يوسف بطرس غالى يتكلم عن الأوضاع الاقتصادية، فقلت له «اسمع يا يوسف واقعد.. لما أنا أتكلم فى الاقتصاد انت تقعد تتعلم».. فرد «طيب» وجلس فى مكانه.
وخرجت الناس قالوا هيقبضوا عليا، وفى المساء حدثنى هاتفياً جمال مبارك معاتباً لى بأننى تحدثت أمام الناس معه بهذا الأسلوب، فقلت له «يا جمال تعالى نقعد ونتكلم وأقول لك اللى بيحصل فى مصر».. فرد «اكتبلى ده فى ورقتين»، رفضت وقلت «مش كاتب عايز تيجى تعالى زى ما كنت بتيجى لما كنت بعلمك». فالعلم يعطى القدرة على التنبؤ.
- لو لم يحدث ما أقوله من اتباع أسلوب علمى «هنتكعبل»، لأن المشروعات تحتاج إدارة علمية بقيادات شابة مصرية، ولابد من عمل معاقل لتنمية قيادات الشباب بإدارة علمية، لا يجوز أن يحضر الشباب من التحرير ليديروا، هيفشلوا، وقلت لوزير الشباب لا بد من التدريب على الإدارة علشان الشباب ينزل الانتخابات ويكون لهم دور، لكن لو تركناهم بلا معرفة بالاقتصاد والإدارة والتسويق، سيرفعون شعارات الثورة، وسيواجهون التكنولوجيا بـ«الكلامونجيا»، وإسرائيل تقع فى الجوار ولديها العلم والإدارة، فهى رابع دولة فى السلاح وثالث دولة فى البرمجيات والتكنولوجيا، وإحنا نتكلم فى الملوخية والجنس والجن والعفاريت، مع العلم أن كل دولة لديها أمراض لا بد من التركيز كيف تنتقى هذه الأمراض. لدينا رأس مال معطل بالمليارات فى شركات ومصانع ومستشفيات لماذا لا نحولها شركات مساهمة؟
- دخل الإخوان، وأنا أول من قلت إن الإخوان احتلال داخلى متخلف، وحرب استنزاف داخلية.
- لا.. وكنت خائفاً جداً ومرعوباً من الظلام الذى يعم ولذلك أقدر السيسى، وأقول إن وقفته مع الشعب أفضل ما حدث فى العصر الحديث، وهو بداية تحديث لمصر، فالحداثة هى أساليب إدارة وتفعيل الموارد البشرية.
- لا.. بالعكس كانوا يكرهوننى لأننى أول من انتقدهم، وقلت إن رئيس وزرائهم متخلف ولو لديه الشجاعة يقابلنى، وقلت إن الإخوان استعمار داخلى وعلى الجيش أن يحررنا، ولو لم يحررنا من هؤلاء هيحررنا من إسرائيل إزاى.
- أعرف الأمريكان جيداً، يحترمون القوة، طالما أنت قوى تستحوذ على احترامهم، ولو كنت تتظاهر بالقوة و«بتستعبط وماسك نبوت.. هيدوك بالجزمة».
- جداً، والتفاؤل يزيد مع تحركات السيسى.
■ ما رأيك فى ممر التنمية؟
- ممر التنمية مشروع عظيم، ولكن حوله 100 مشروع لا نعرف عنها شيئاً، ما أريد أن أعرفه كم مدينة سيتم إنشاؤها وما شكل التصميمات، وأريد هذه التصميمات أن تكون عالمية، وليس شركات محلية عربية، أريد من أنشأ «تشن زن» فى الصين ومن قام ببناء دبى يقوم بعمل تصميمات المدن الجديدة فى مصر، ويقول لى محاور التنمية فيها إيه، وما قيمتها العالية لمنافسة دبى وغيرها، وتحديد إدارة هذا المشروع.
■ هل حدث أى تواصل بينك وبين المسئولين منذ 30 يونيو؟
- لم يحدث أى تواصل إلا مع إبراهيم محلب فقط، واجتمعت معه وأيضاً حوله ناس تسيطر.. إنها إعادة إنتاج زكريا عزمى وأمثاله، هناك فلتر لرئيس الوزراء يلبسه حزام العفة، طلبت منه إعادة هيكلة إدارة المؤسسات وعمل مجموعة من الشباب، وكان الرد «حاضر» فقط.
■ ماذا تقصد بـ«الكلامونجيا»؟
- من يدير أمريكا يأخذ وقتاً يفكر ويقابل مستشارين مقيمين معه فى البيت الأبيض كل يوم فى كل قطاع لتشغيل مؤسسات تحل مشاكل، وإنما نحن طول الوقت نتكلم كلاماً عاماً فى الاجتماعات العامة دون تنفيذ، بالرغم من أن هناك العديد من القطاعات تحتاج إعادة هيكلة.
■ هل شعرت بالندم لأنك تركت أمريكا ورجعت إلى مصر؟
- إطلاقاً.. لو ماكنتش رجعت مصر كنت سأشعر بالذنب، وسعادتى فى هذا البلد طول ما أنا رسالتى هى نقل خبراتى للآخرين وتعليم الناس.
■ هل تؤمن بأن جميع المشروعات العظيمة تتم بمؤامرات نظيفة؟
- طالما أن هناك نجاحاً ستكون هناك مؤامرات.. وأنا أواجه مؤامرة ضدى فى مصر، والدليل على ذلك هو أننى لم أتقلد منصب رئيس الوزراء حتى الآن، ولكن النجاح الحقيقى هو أننى لا ألتفت للمؤامرات، وأن لا تعمل هذه المؤامرات على إحباطى، لأن جزءاً من الحياة التنافس، ولكن لا يمكن اعتبار التنافس مؤامرة.
■ هل تتوقع ثورة ثالثة؟
- أريد ثورة علمية، ثورة منهج تنافسى، لكن سياسية لا أعتقد أن تكون هناك ثورة مرة أخرى.
■ ما رأيك فى الانتقادات الموجهة للرئيس السيسى حول إعادة إنتاج نظام مبارك؟
- مبارك لم يكن لديه نظام.. والنظام الفاشل يكون بمن يديره، وطالما أن من يدير النظام من الفاشلين فهو فاشل، فالاختيار هو القرار، والذكاء مرتبط باختيارك فى حياتك ويعكس قدراتك فى الحياة.
■ هل هناك صراع أجيال.. والشباب لم يحصل على الفرص الكافية؟
- أجيال إيه.. أنا شاب أكتر من الشباب وأعرف فى الموسيقى وأنواعها، وأذهب إلى المسارح، وأعيش مع الشباب أكتر من الشباب أكتر مما يعيشوا هم مع أنفسهم.. فأى صراع هذا؟
■ ولكن الانتقادات توجه فى إطار أنه لا يوجد تمكين للشباب؟
- وما المشكلة من تمكين الشباب، لا بد من منحهم فرصاً لكن فى البداية لا بد من بناء الكفاءات، والاستثمار فيها، والشباب يحتاج إلى تنمية، ولا بد من إرسالهم للحصول على منح وبعثات، وعقب عودتهم علينا إعطاؤهم الفرصة، مثلما فعل سابقاً محمد على لتنوير مصر، ولكن المشكلة الآن أن يتم الصرف على آلاف فى البعثات والمنح وعند العودة تتم محاربتهم.
■ هل تشعر بالضيق حينما يطالب البعض بعودة عبدالناصر؟
- أشعر بالضيق من النظرة السلفية فى جميع الأفكار، لو تكلمت عن عهد الصحابة هاقول لا يمكن أن نعيد فكرهم، لأن البيئة مختلفة والظروف مختلفة، القيم اختلفت قديماً عن الآن.
■ هل تعتقد أن السلفيين جزء منفصل عن الإخوان؟
- السلفيون هم سلفيو الدين، وإنما هناك الآن سلفية فى الإدارة أخطر من سلفيى الدين، ولكن الجماعة السلفية الموجودة فى نظرى هم جماعة مهملة، ولو قمنا بتعليم الناس لن يكون لدينا هذا الوضع، ولكن الآن نركز على التخلف وننميه.
■ ما توقعاتك للبرلمان المقبل؟
- على حسب من يقومون بالترشح، ولا أستطيع التوقع لأننى لا دور لى فى الاختيار، ولم يقم أحد بأخذ رأيى.
■ ولكن الشعب هو من يختار فى النهاية؟
- نعم، ولكن هناك ترويج للاختيار، فالمرشح مثل السلعة لا بد من الترويج لها، ومعرفة جودتها، وتتنبأ بالحياة من خلال من يرأس الأجهزة الرئيسية فى الدولة.
■ ما رأيك فى الإعلام الحالى؟
- يروى التخلف، وهو المساهم الأول فيه، من خلال عرض برامج بالساعات لا قيمة لها وكلام فارغ، وكل مقدم برنامج يشعر أنه هو النجم، ومعلوماته محدودة جداً، وللأسف المذيع لا يستفيد من الضيف ولا من المعلومات التى يقولها.
■ ما تقييمك للنخبة الموجودة على الساحة؟
- هناك نخبة مهمشة، ونخبة لديها خبرة فى الوصولية والتأقلم، وإنما النخبة المهمشة هى الأجود، وللأسف لا تتاح لهم الفرصة والاكتشاف، هل هناك أحد يسمع عن النخبة العلمية من علماء الطبيعة والكيمياء فى مصر؟ هل يعرفهم أحد؟ أو يسمع عن علماء الإدارة فى مصر؟
الجميع يقول إن مشكلة مصر فى الإدارة، وأنا من علماء الإدارة هل قام أحد بسؤالى أو الاستماع إلى خبراتى؟ ومن يتحدث هم «بتوع الكلامنوجيا» المتسلقون، والطبقة العازلة فى الحكم تختار هؤلاء لأنهم غير مُهدِدين. وأكرر إننى أخاف على السيسى من هؤلاء، وأن يحدث مثلما حدث مع عبدالناصر مات من القهر، والسادات نصحه من حوله من الأصدقاء بخروج الإخوان من السجون فقتلوه، ومبارك اختار صفوت الشريف وزكريا عزمى فعزلاه عن الحكم وتسببا فى دخوله السجن، ومرسى أحضر عائلته وعشيرته وأوصلوه إلى ما هو فيه.
■ هل زرت مبارك فى السجن؟
- لا.. لم أزره.
■ ما رأيك فى أحكام البراءة الأخيرة لمبارك والعادلى ومساعديه؟
- ما بنى على خطأ فهو خطأ، لم تكن هناك محاكم لمحاسبة الفساد السياسى، ولذلك كانت النتيجة البراءة.
■ ما سبب التخلف فى مصر؟
- هناك أمراض بسبب التخلف، المرض الأول سوء الاختيار، واقترحت سابقاً عمل لجان استماع للوزراء وأن يختار 10 وزراء، يقوم كل وزير بتقديم رؤيته وبرنامجه، ويتم اختيار الأفضل.
■ ما المشاكل الكبرى المعوقة للتقدم فى مصر؟
- هناك مشاكل تعيق التقدم لم نواجهها فى مصر، وعدم المواجهة يؤدى إلى التأجيل، والتأجيل هو التخلف والجمود وعدم التقدم، وعلى رأس هذه المشاكل هو الاحتكار، الرأسمالية تطورت، وانتقلت من مجموعة عائلات تملك فى أمريكا وإنجلترا وألمانيا إلى أن أصبحت شركات مساهمة تمارس الديمقراطية فى الإدارة، تختار من يدير وتحاسب متخذى القرار، وإنما فى مصر الملكية لعائلات أو محتكر أجنبى، والاحتكار يؤدى إلى مركزة المال وعدم عدالة التوزيع ويقتل الابتكار، فالعائلات بخيلة فى الصرف على البحث العلمى والتطوير، ومصر مؤسساتها تنحدر لأنها لم تنتقل من الملكية الفردية إلى الملكية الشعبية.
المشكلة الثانية هى الأمية، والبلد الذى لم يعالج مشكلة الأمية فى ثلاث سنوات إدارته فاشلة، ولم أسمع عن وزير أو أى مسئول يعمل على محو الأمية وهى أكبر معوقات التنمية.
المشكلة الثالثة هى «السكانية»، وهى قنبلة ستؤدى إلى دمار المجتمع، والمشكلة الرابعة تكمن فى العشوائية فى التخطيط فى المسكن والاختيار، وفى جميع القرارات، وتؤدى إلى التطمين المبنى على التجهيل، وأحذر من هذه المشاكل التى تؤدى إلى الفساد الكبير.
■ ما رأيك فى وضع المرأة المصرية فى المجتمع؟
- المجتمع ينظر للمرأة المصرية على أنها مركز إنتاج حيوانى، وهذه إحدى المشاكل المعوقة للمرأة، والمشكلة الثانية التى تعوق التقدم هى أمية المرأة، فهى صانعة التقدم، مرأة متخلفة وجاهلة وغير متعلمة تؤدى إلى مجتمع متخلف وجاهل ولديه أمراض نفسية، فالاستثمار فى المرأة هو استثمار فى المجتمع، وللأسف حقها فى التعليم مهضوم، وفى العمل مهضوم.
■ لماذا لم تعرض هذا أثناء وجودك فى أمانة سياسات الحزب الوطنى؟
- عرضت كل هذه الأفكار وكانت سبب اختلافى مع مبارك وطاقمه، وتكلمت عن أن التقدم يأتى بالمشاركة والحرية، والشعب المصرى خارج المشاركة، وطلبت عمل شركات مساهمة نبيعها للشعب حتى ينال الشعب حظه من الغنى، قالوا لا، مستثمر واحد، وقلت إن هذه هى سياسة «الاحتكار»، وكتبت مقالاً كبيراً وقتها بعنوان الاحتكار يقتل الابتكار ويؤدى للانهيار، ونحن ما زلنا نسير على نفس المنهج.
وقال لى رجال الحزب الوطنى «عندنا زيك كتير» وكانوا بيخافوا ويهربوا منى، وللأسف فإن الأقزام هم من يديرون مصر.
■ ولكن الشعب ساهم فى مشروع محور قناة السويس الجديد؟
- ما حدث فى مشروع القناة ليس اكتتاباً عاماً، لم يكن هناك جمعية عمومية لقناة السويس، ولا شركة مساهمة مصرية ليكون المشروع ملكاً للشعب.
■ ولكن أحياناً من يجيد تقديم نفسه لا يجيد التنفيذ؟
- طالما أن التنظير لا يؤتى بجدواه نغلق الجامعات، النظرية هى عبارة القدرة عن التطبيق، والعلم هو نظريات، وأهم شىء يمكن تطبيقه، والعلم ما أثبت نجاحه فى التطبيق.
■ ولكن من يدير أمريكا ليسوا علماء فقط؟
- وإنما من يدير أمريكا على مر السنين يختار بجواره العلماء، فعلى سبيل المثال أوباما، هو أستاذ فى جامعة هارفارد فى القانون، ونجح فى المحليات فى شيكاغو، ورشح نفسه للمجتمع الأمريكى، مركز التقدم والنجاح فى العالم، واختير وبجواره 10 مجالس متخصصة للطاقة والتكنولوجيا والتعليم والسياسة الخارجية والأمن القومى تدير معه، وتعتمد هذه المجالس على جميع مؤسسات التفكير فى أمريكا فى المشاكل التى يواجهها، وتقوم بعمل ملخصات للرئيس الأمريكى بوجهات نظرهم، وهو ما يقدمه ويعرضه على الشعب الأمريكى فى النهاية، هذا واقع تطبيقى للعلم والنظريات، أما فى مصر المجلس الاستشارى يتكون من علماء مثل زويل غير متفرغ بين مصر وأمريكا، وأغلب المستشارين من علماء المعامل وليس علماء تنمية الحياة، فهؤلاء المختارون يصلحون لمجلس علمى قائم مع مجموعة من شباب من كليات علوم، ويقومون بحل مشاكل الطاقة، وإنما المجلس الذى يجتمع بالصدفة لا يصلح لتنمية البلد.
■ البعض يتخوف من عودة القمع؟
- فى الدول الديمقراطية تقمع الخروج عن النظام تحت بند التنظيم، فهل معاقبة الخارجين عن القانون تعتبر قمعاً، فى اليابان يعاقب من يتأخر عن العمل ويعتبرونه عاراً، وخروجاً عن الشرف، أما فى مصر يقولك 10 دقائق فقط، ولا بد من قمع من يهدر المال أو يخرب فى البلد.
■ البعض يتهمك بالغرور؟
- أنا واثق فى نفسى، التغيير سنة الحياة، والتصور يؤدى إلى التطور، والغرور هل يأتى من الغيرة أم التغير، وأنا غير متعال، أنا باقعد على الرصيف، ولكن الكبر على أهل الكبر. والحزب الوطنى اتهمنى بالغرور لأنهم كانوا جهلة ويخافون من النور.