ماجد سوس
فكرة الكرازة او البشارة او التبشير باليوناني "كيرسو" أي المناداة او الإعلان ، فكرة كتابية ابائية واضحة و ملزمة لكل مسيحي في هذا العالم و قد ذكر هذا الفعل في الكتاب حوالي 60 مرة . ويعلمنا الرسول بولس: “إن كنت ابشر فليس لي فخر إذ الضرورة موضوعة عليَّ، فويل لي إن كنت لا أبشر" (1كو 9 : 16) و بعد صعود السيد المسيح أصبحت الكرازة هي المناداة "بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا" (1كو 1: 23)
و"الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ" (1كو 15: 12) و"ابْنَ اللهِ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، الَّذِي كُرِزَ بِهِ بَيْنَكُمْ" (2كو 1: 19)، و"نَكْرِزُ.. بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا"( 2 كو 4: 5)، لذا تجد الكنيسة يهتف شعبها في القداس قائلا بموتك يارب نبشر و هنا يعلو صوت المؤمنين بل و الصغار قبل الكبار ليعلنوا طريقهم الكرازي و لكن هل يعي الشعب ما يقول هل يعرف الشعب و يختبر ما يردده .
هل يعرف قادة الكنيسة ان ارساليتهم الأولى التي سلمها لهم الله هي ان يكونوا صيادي نفوس و ان رسالة الكنيسة الأولى و الوحيدة هي تقديم خلاص لله للخطاة و غير المؤمنين.
كانت دعوة يسوع الأخيرة قبل صعوده هي أن تشهد الكنيسة له في العالم كله. كانت أول رسالة في يوم الخمسين رسالة كرازية (أع2: 37-38) وكان المؤمنون الأوائل يكرزون بصفة مستمرة (أع5: 42 ،8: 4)، حتى انتشر الإيمان في العالم اجمع.
على ان الكرازة يجب ان تبدأ من الداخل اولا و هي تتطلب أمرين أولهما ان يكرز الكاهن و الخادم في أورشليم اولا كما فعل يسوع ، اي يهتم بشعبه و رعيته جيدا اولا و يبذل نفسه من اجلهم حتى لا تصير كرازته باطلة . الامر الثاني و هي إعداد الكارز عن طريق ما يسمى بالتلمذة و هو امر قل الاهتمام به داخل كنائسنا ان تكون هناك دروس تلمذة يرى التلميذ معلمه كقدوة يتبع منهجه و خطواته و يتعلم منه طريق الايمان العملي و الدراسي ايضا .
و في المجتمعات التي تسمح فيها قوانين الدولة بالكرازة خارج الكنيسة ، كدول المهجر ، يجب ان تكون هناك قوافل كرازية تبنى على أساس تأسيس الكارز على الإيمان و العقيدة الراسخة و التي تتطلب من الكاهن و الخادم إعداد منهج و خطة لتلقي بشباكها في بحر العالم لتحصد النفوس .
المشهد الذي اراه الآن في بعض كنائسنا مرير ففي الوطن الأم هناك من ينشغل عن كرازة بحجة تبدو منطقية و هي ان التبشير داخل مصر محفوف بالمخاطر على مستوى العلاقة مع الدولة او مع غير المسيحيين و تناسوا ان هناك طرق كثيرة للكرازة اهمها و أقواها تقديم المسيح الرحيم الذي يحنو ويترفق بالخطاه و يشعر بهم ويقبلهم بكل ضعفاتهم و بث روح الرجاء في النفوس المتعبة فالخاطي هو اعظم كارز بخلاصه ، فأنظر ماذا فعلت المرأة السامرية حين تحنن عليها يسوع و اعلن لها خلاصه و م كرزت في كل المدينة .
اما الإنشغال عن الخاطي و التركيز على الأمور المادية و المباني و الأنشطة او حتى التركيز على دقة الطقس و ضبط اللحن و تطبيق القانون دون النظر الى ان نفس الإنسان المنهكة و المتربص لها من عدو الخير حتى يهلكها، فهي كارثة ان لم نلتفت لها.
فالنفس الانسانية محور اهتمام الله الأول و من اجله كُسر السبت . فالترفق بالخطاه و تسهيل طريق الخلاص لهم و التركيز على محبة الاب و نعمة الابن الفاتح ذراعه للبشرية جمعاء هو باب الكرازة الحقيقي لذا أهيب ببعض قيادات الكنيسة و خدامها ان تقدم للخاطي كل ما يسهل توبته و عودته لعلاقة حية مع الله حتى لو تتطلب هذا ان تكسر قانون او قاعدة حتى يدخل الحظيرة و يشعر بأبوة الله الحانية و هو منهج كتابي آبائي أرثوذكسي لذا اعطى الله للكنيسة سلطان الحل و الربط حتى تستطيع ان تكسر القيود التي قد تعيق خلاص البعض و هي أمور تختلف في فعلها وفاعليتها من شخص لآخر .
اما الكنيسة خارج مصر فمع وضع نفس المرونة التي تحدثنا عنها سابقا في التعامل مع اولادها ، الا ان الأمر يزيد مع وجود تحديات اخرى فالكنيسة في الخارج يجب ان تكون كنيسة كارزة ، كما اسلفنا ، لانها مهيأة للقيام بهذا الدور و لكنها ايضا يجب ان تبدأ ايضا بالاهتمام بأولادها اولا و قد بدأت بعض قيادات الكنيسة بأن تعي هذا الدور برسامة اباء كهنة من ابناء نفس الوطن الجديد حتى يقدمون الكنيسة للأجيال الجديدة بفهم و ادراك للثقافة و الخلفية التي تربى عليها اولادنا و في تطور لاحق بدأ العمل على انشاء كنائس انجليزية ارثوذكسية لا تستخدم الا الانجليزية مع الالتزام بنفس الطقس و الالحان و الممارسات والتقليد الكنسي حتى نضمن ارتباط ابنائنا بها و أعدادهم لأجل الكرازة و فتح أبواب الكنيسة امام المجتمع كله .
اما في كنائسنا الاخرى في المهجر و التي تضطر في ليتورجياتها ان تصلي بثلاث لغات بالقبطية و العربية و الانجليزية فليس أمامنا سوى ان نضع خلاص كل طوائف الشعب دون ان يهلك احد لذا اقترح ان يكون قداس الأحد بالكامل باللغة الانجليزية و يكون قداس السبت بالعربية مع القبطية على ان تراعى اللغة الانجليزية اولا في كل المناسبات حتى تقدم الكنيسة المسيح المخلص لكل إنسان و بلغته التي يفهمها و تجعله يتلامس مع الله و يكرز و يبشر بكم فعل الرب من اجله فالأيام مقصرة و الرب قريب و شهوة قلبه ان الجميع يخلصون و علينا الا ننحرف عن هذا الهدف.