المظاهرات.. كلمة تحمل لعنة حلت بأسرة مصرية ليس لها أي علاقة بالسياسة لكن شاء القدر أن تحل بها المصائب مع هتافات المتظاهرين أيا كانت مطالبهم.. مظاهرة شبرا تسلل فيها بلطجية أطلقوا النار علي «إسلام» فتحولت حياة الشاب الذي لا يتعدي عمره 18 عاما إلي الجحيم،
ومظاهرة بجامعة عين شمس قضت علي بصيص النور الذي تبقي لأخيه محمود الطالب الجامعي فأصبح كفيفا بفعل قنابل الغاز في يوم 16 أغسطس من عام 2013، خرج أحمد إبراهيم الطالب بالمدرسة الثانوية الصناعية، كان يعمل في ورشة حدادة لمساعدة أسرته، فجأة تعالت هتافات المتظاهرين بشارع أحمد حلمي فيما كان أحمد يسرع هو وزميله لتوصيل معدات خاصة بالورشة مستقلين «تروسيكل» فإذا بثلاثة بلطجية يطلقون عليهم الرصاص بغرض السرقة.
أحمد يتذكر تلك اللحظات التي حولت حياه الي جحيم قائلا: شعرت بالرصاص يخترق ظهري وحسيت أن رجلي بتروح مني ومش حاسس بيها، لم أفقد الوعي وأتذكر كل التفاصيل حملوني الي معهد ناصر حيث قاموا بنزع قطعة بلاستيك خاصة بالخرطوش وقالوا إن بليّ الخرطوش في الصدر والرئة وأخرجوا بعضه ثم أغلقوا الجرح وقتها عرفت أنني لن أتحرك مرة أخري خاصة أن البليّ كان يتساقط من جسدي فوق السرير وجاء بالتقرير إصابتي بطلق خرطوش في الظهر أدي الي تجمع دموي في الغشاء البلوري الايمن وكتب بالتقرير أن طلق الخرطوش أدي الي إصابة كاملة للنخاع الشوكي مصحوبا بشلل كامل للطرفين السفليين وفقدان القدرة علي الإحساس بالطرفين السفليين، وقد تم إغلاق الجرح الناتج عن طلق الخرطوش ويحتاج الي إعادة تأهيل لتقوية عضلات الطرفين السفليين واستثارة كهربائية للعضلات، وفي تقرير آخر تأكد احتياجه الي العلاج بواسطة حقن الخلايا الجزعية مع العلاج الطبيعي.. الي هنا وبدأت رحلة عذاب أسرة أحمد أملا في شفائه أو مساعدته علي الحركة دون فائدة، أخوه إسلام ترك عمله ليحمل الي المستشفيات وأطباء المخ والأعصاب بعد أن أصيب والده باكتئاب حزنا علي ما حل به وهو موظف علي المعاش، لا يمتلك سوي معاشه الذي أصبح لا يعينه علي مصاريف تأهيل أحمد حيث تتكلف الجلسة الواحدة 120 جنيها وبدونها تتلف الأعصاب تماما أما والدته فهي امرأة مصرية صابرة علي ما أصاب ولديها، باعت كل ما تملك لتعرضه علي أفضل الأطباء الذين أوصي بعضهم بعملية زرع نخاع شوكي، الأم المسكينة تمسح دموعها وتول: أحمد كان نور عيني فجأة أصبح طفلا صغيرا يحتاج الي أن أحمله وأراعيه وأنا مصابة بكسر في العمود الفقري
نتيجة حادث سيارة، كان ذلك أثناء اصطحابي لابني محمود الطالب بجامعة عين شمس بكلية الآداب الذي كان يعاني من ضعف شديد العين لكن جاءت المظاهرات لتقضي علي نظره نهائيا بسبب الأدخنة والغازات المسيلة للدموع أما أكثر ما يعذبني الآن فهو أحمد الذي أضاع المجرمون مستقبله وأصبح عاجزا عن الحركة واحترت مع الأطباء فلا أحد يريد إجراء جراحة له وأحد الأطباء قال إنه يحتاج الي حقن نخاع 10 حقن الواحدة بـ5 آلاف جنيه، فضلا عن إصابته في الرئة المليئة بـ«البلي» من أثر الخرطوش والجرح مغلق عليها كان من المفترض سحيه.
تبكي الأم بحسرة وهي تنظر الي أحمد وتقول: نفسي أشوفه بيمشي علي رجله تاني ويكمل تعليمه وأن تقتص العدالة ممن تسبب في إيذائه، أحد هؤلاء البلطجية تم القبض عليه لكن لم يحكم عليه بعد وأحدهم مازال حرا طليقا فيما أصبح ابني حبيسا في سريره، وأتمزق كلما نظرت اليه أتمني من الله أن يجد من يعالجه سواء في مصر أو في خارج مصر ليعيد اليه شبابه ويرد لي قلبي.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوÙد الاليكترونية الوفد - أسرة "تلاحقها" لعنة المظاهرات