كتبت : ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
موعدنا اليوم مع الحلقة الثانية من "أديرة وادي النطرون"، والتي تضم بين جنباتها العديد من الشواهد المعمارية واللوحات الفنية والعناصر المعمارية، التي قلما تجدها في عمائر دينية مسيحية أخرى في العالم، ومن هذه الأديرة "دير السيدة العذراء البراموس"، "ودير القديس الأنبا مقار".
ودُعىَّ هذا الدير باسم السيدة العذراء "براموس" -وهى كلمة قبطية تعني: "الخاص بالروم"- وذلك لأنه ضم بين رهبانه ثلاثة قديسين أروام الجنسية، وهم: (مكسيموس ودوماديوس وأرسانيوس)، ويتكون الدير من كنيسة السيدة العذراء الأثرية، التي بُنِيَت حوالي عام 350م، وكنيسة الأمير تادرس، وكنيسة الشهيد مارجرجس، وكنيسة القديس يوحنا المعمدان؛ والتي شُيدت على أنقاض كنيسة أنبا أبوللو عام 1879م، في عهد البابا كيرلس الخامس، أما المنارتان فبناهما المتنيح الأنبا توماس مطران المنيا الأسبق على نفقته الخاصة.
اكتشاف الكنيسة المندثرة بدير البراموس
في دير البراموس تم الكشف حديثًا عن موقع الكنيسة الأثرية المندثرة، وهي على مقربة من سور الدير، وبجوار تلك الكنيسة أُكتشف فرن وحجرة إعداد القربان "بيت لحم"، كما أُكتشف حوالي 32 جسدًا من أجساد الرهبان المدفونة بجوار الكنيسة، وبئر للماء، وبدراسة هذه الأطلال تم اكتشاف أن تلك الكنيسة بُنيت في القرن الرابع على أطلال معبد فرعوني قديم، وهُدمت في القرن الثالث عشر تقريبًا.
فالصحراء الغربية لم تكن خالية من السكان أيام الحكم الفرعوني، كما تم الكشف عن عدد ضخم من قطع الفخار والأواني الفخارية الثمينة والتي أحضرها للدير زوار أتوا إليه من الصين وقبرص وبلاد أخرى بعد أن ذاع صيت الرهبنة المصرية في العالم كله.
المقصورة الأثرية بدير أنبا مقار
عند دخولك لدير القديس "أنبا مقار"، ستعبر من تحت قوس أثري عظيم من الطوب الأحمر الجميل، وهو عبارة عن مقصورة ضخمة، كانت هي المدخل البحري القديم لكنيسة أنبا مقار فيما قبل القرن التاسع، ويُقدَّر عُمرها بأكثر من 1300 سنة، وقد عُثر عليها أثناء إزالة طبقات السور.
وبالدير أثر خالد بدأت نواته الأولى سنة 360م، وهو هيكل أنبا مقار المعروف بقبته الضخمة، ولكن قبته تساقطت عدة مرات ورُممت عدة مرات، والكنيسة الآن لا تحمل من أجزائها الأثرية الأولى سوى هيكل أنبا مقار.
كنيسة الشهيد "أبا سخيرون" وقبتها الرائعة
تُعد كنيسة الشهيد "أبا سخيرون" وقبتها الرائعة وبابها الجميل، إحدى روائع الفن المعماري، ومن أجمل الآثار في الدير، والمذبح الأوسط بالهيكل مغلق من جميع الجهات، ويُعتقد أن به جسد الشهيد أبا سخيرون، وقد لوحظ أثناء ترميم القبة أنها ترجع إلى القرن السابع الميلادى، أما الباب الموجود بالخورس الأول من الجهة البحرية، فصُمم بزخرفة دقيقة وبديعة من الطوب الطبيعي، وهذا جعل الرهبان يعطون أولوية لهذه الكنيسة.
وتم الكشف قريبًا عن العديد من آثار المباني القديمة والمندثرة بالدير، وعدد من القلالي التي كانت متناثرة حول أسواره، وكان يسكنها من ثلاثة لأربعة رهبان معًا مُلتفين حول أب شيخ يتعلمون منه، ويتدربون على حياة النسك والفضيلة تحت يديه.
كما أنه أثناء ترميم الدير وأثناء إزالة الجدران الحديثة، تم الكشف عن بعض الأجزاء المعمارية والقطع الرخامية الأثرية القيمة التي كانت مطموسة داخل الأسوار، أو خلف الطبقات الحديثة من البياض الجبسي السميك، أو تحت التراب.
أنشطة زراعية وحيوانية بدير أنبا مقار
ويضم الدير العديد من الأنشطة الزراعية والحيوانية، فاستطاع الدير تحويل مساحات الرمال الصفراء إلى حقول خضراء، تنتج العديد من المنتجات الزراعية بما يفوق العائد من الأراضي الطينية السوداء، وذلك باستخدام أساليب البحث العلمي الدقيق، هذا إلى جانب العديد من التجارب الزراعية التي قام بها الدير، فقد ساهم في حل مشكلة نقص علف الماشية وما يسببه من ارتفاع أسعار اللحوم، كما قام بزراعة بنجر السكر من بذور مستوردة وأعطى أعلى نسبة سكر في العالم، كما قام باستيراد وتربية بقر فريزيان من موطنه الأصلي بألمانيا وهولندا.
أحدث الاكتشافات الأثرية بوادي النطرون
وقد اكتشفت البعثة الأثرية المشتركة بين جامعة "بيل" الأمريكية، وبعثة "المجلس الأعلى للآثار" مؤخرًا، دينارًا ذهبيًا يرجع للعصر الأموى (103-721م)، وذلك أثناء أعمال التنقيب الأثري بمنطقة وادي النطرون، ويرجع هذا تاريخ اصدار هذا الدينار لفترة الخليفة الأموى "يزيد بن عبد الملك بن مروان"، وولاية "حنظلة بن صفوان" على مصر.
وعُثر على هذا الدينار وهو في حالة جيدة، ومزين بكتابات كوفية على الوجهين.
لقراءة منطقة وادي النطرون.. كنز من الآثار القبطية 1/ 2 انقرهنـــــــا |