الخطأ وارد، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وفاطمة ناعوت أوضحت مقصدها من تدوينة عيد الأضحى، شط منها القلم لفظاً، لا يملك كائن من كان أن يزن إيمان فاطمة، هلا شققت عن قلبه، هكذا علّمنا المبعوث رحمة للعالمين- صلى الله عليه وسلم.
أختلف مع تقدير فاطمة فى شأن محاكمتها بتهمة ازدراء الأديان، هى تلقى بالمغبة على الإخوان، لا يا سيدتى، الروح التكفيرية فى المجتمع عمرها أطول بكثير من ذيول الإخوان. الإخوان من أصحاب الذيول القصيرة. المحاكمة أكبر من عقاب إخوانى على خروجك مع الخارجين يوم 30 يونيو، أو حتى دفاعك عن الكنيسة المصرية، القضية أعمق كثيراً مما تظنين.
لعنة التكفير أصابت العصب المصرى منذ زمن بعيد، وتمكنت من العقل الجمعى. التكفير صار أقرب إلينا من حبل الوريد، بعض يكفر بعضا، بعض يمزق بعضا، نسبح جميعا فى بحيرة التكفير، ونجدف بما أوتينا من عزيمة لضرب أعناق المختلفين، التكفير صار (لبانة) فى الأفواه، يمضغونها، ثم يبصقونها فى وجوه الذين آمنوا، وقالوا إنا موحدون.
حمى التكفير أصابت العقل المصرى، وأورثته العجز عن التفكير، وأغلقت مداراته، صار صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد فى السماء، عندما يصير البحث عن جملة فى رواية، وبيت شعر فى قصيدة، وخط متموج فى لوحة، عندما يجرى التأويل على الألسنة تأويلا، وترجمة مقاصد الكلمات على نحو مريب، وتهجئة الحروف على نطق مخيف، عندما تسن النصال تلمع فى رابعة النهار لقطع الرقاب، فلا تستغربى يا فاطمة أن تقفى أمام المحكمة متهمة بازدراء الأديان ببلاغ من محتسب عتيد يعد علينا الأنفاس.
قال أبوالزهراء: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِى عَنْ أُمَّتِى الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ...»، وفاطمة- وإن أخطأت لفظاً- لم تنس الاعتذار توضيحا، لكن هناك من يروم رؤية الرقاب معلقة فى مشانق التكفير، هناك من يشنق الوطن باسم الدين، الإبداع صار مستباحاً. علامَ تحاكمون فاطمة ناعوت: على التدوينة التى اعتذرت عنها قبل أن تبرد حروفها؟ عجباً هناك قاتل طليق فى الدغل يقتل بدم بارد دون حتى أن يسمّى على الرقاب.
بالله عليكم ما ماهية جريمة الازدراء؟، تهمة مبهمة، كحيوان أسطورى فاغر فاه للقم المختلفين، يبحثون فيما بين السطور عن وليمة جديدة لأعشاب البحر، كثرة من أرباب القلم سيتنكرون لفاطمة خشية أرباب السيف، ما لنا؟ لستم فى مأمن، هلكنا يوم أكل الثور الأبيض، وعن ابن المقفع: «من صنف فقد استهدَفَ، فإن أحسن فقد استعطف، وأن أساء فقد استقذف». والتصنيف من التأليف بمعنى الكتابة، وفاطمة فد استقذفت بقسوة.
نقلا عن المصرى اليوم