القمص أثناسيوس چورچ.
لن ينتهي العالم إلا بمجيء نعمة الرب، لذلك صيغة Μαρανα θα تأتي في صيغة الاعتراف المضارع المستمر (ربنا يأتي). وترد أيضًا في صيغة امر الطلب والترجِّي (تعالَ يا ربنا) كنداء عبادة وصلاة توسلية في اشتياق وترقب (لينتهِ العالم) و (لتأتِ نعمتُك يارب. عندما نستعجل مجيئه؛ ونعيش حاضرنا على رجاء انتظار مجيء ربنا كل يوم
لأنه حاضر معنا وحالٌّ بيننا ونحن ننظره كل يوم على المذبح؛ يكسر معنا خبزه، ثم يغيب عن ناظرينا؛ لكنه باقٍ معنا؛ ونحن نترجاه طالبين أن لا يتركنا وأن لا يغيب عنا، فقد وَعَدَنا على كل حال؛ أنه سيشرب معنا من نتاج الكرمة جديدًا في ملكوته (مر ١٤ : ٢٥). ويكفي أننا في مَعِيَّته وتحت ظل جناحَي صليبه نَبِيتُ. نذكر موته ونعترف بقيامته ونبشر بخلاصه كل يوم إلى أن يجيء (١كو ١١ : ٢٦). يأتي إلينا ويقرع أبوابنا ويتعشىَ معنا (رؤ ٣ : ٢٠)، وكل من ذاقه وخَبِر حلاوته؛ تنفتح عينه ويدرك صدق كل ما وعد به.
إننا نعيش مواعيده منذ الآن؛ حينما يكسر معنا الخبز كل يوم، مانحًا لنا الغفران والخلود الأبدﻱ. واهبًا لنا حياةً يمتزج فيها الحاضر بالمستقبل. ونحن نلحُّ عليه بلجاجة قائلين له (تعالَ يارب ولينتهِ هذا العالم). ومناداتنا له يا أبانا الذﻱ في السموات؛ تؤكد بأننا لم نأخذ روح العبودية التي للخوف بل روح التبني الذﻱ به نصرخ يا أبا الآب، في جراءة ودالة؛ حتى يأتي ملكوته.
فملكوته آتٍ آتٍ حتمًا، ونحن نترقبه بصبر واستعداد؛ لنُعِدَّ له موضع ارتكاز عندما يحُطّ على أرض الشقاء، لعله يجد الإيمان على الأرض (لو ١٨ : ٨)، وهو قد سلمنا نسخة من مشورته فيما هو مزمع أن يعمله. نناديه ونذكر وعوده ومواعيده كل يوم بندًا بندًا؛ لأن كل مشيئة صالحة هي من عنده، مختوم عليها بالدم الكريم؛ ليقودنا بدم صليبه نحو البراءة الكلية والوجود الآتي والثاني الذﻱ للغد الأبدي الخالد؛ نأخذها كوثيقة موثقة مدموغة بفصح العبور؛ ونحلِّق بجرأة فنتراءىَ قدامه؛ ونطلب نعمته صارخين بإستغاثة على من نجَّانا وأنقذنا من موت مثل هذا، وهو ينجي وسينجي أيضًا (٢كو ١ : ١٠).
لقد جاء في مجيئه الأول (تجسده) لكي يخلصنا؛ وفي مجيئه الثاني (دينونته) لكي يضمنا.. تجسّد ليخلصنا؛ وتكلم ليخلصنا؛ وصُلب ليخلصنا، وتدبير خلاصه هو في كل عمله وإرساليته وحياته وموته وقيامته. وها نحن في هذا الزمان؛ زمان الفوضى اليائسة والعاملة في كل شيء من حولنا... نترجى وجهك يا ربنا الطيب ونمتلئ رهبة في حضورك يا مليكنا محب البشر الصالح، ونتوسل مجيئك الآتي بين الذين صلبوك والذين يصلبونك كل يوم، ونقول لك : ”تعالَ إلينا اليوم يا سيدنا المسيح؛ وأضِئْ علينا بلاهوتك العالي“.
فمَن يبحث في هذا العالم عن الجمال؛ إنما يبحث عنك دون أن يدرﻱ؛ لأنك أنت الجمال الكامل والمكمِّل والفائق في القِدم، الذﻱ تنساب النعمة من شفتيه؛ والأبرع جمالاً من بني البشر. وكل من يجُول بفكره نحو الحق إنما يسعى إليك؛ لأنك الحق الحقيقي ( الأليثيا) Αληθεια الواحد والوحيد؛ الذﻱ ينبغي أن يُعرَف. وكل من يفتش عن السلام إنما يبحث عنك لتستقر فيه بسلامك غير الفاني ياملك السلام وذا المجد والاكرام .
إن صلاة (ماران آثا) هي نداء قد تسجَّل في (١كو ١٦ : ٢٢)،(رؤ ٢٢ : ٢٠) كفعل رجاء وعُربون تذوُّق لمجيئك الثاني المنتظر في نهاية هذا الدهر، حيث وليمة المسيا المجيدة وسمائن البنين، وعشاء عرس الحمل الملكوتية؛ الروح والعروس يقولان : (تعالَ). ومَنْ يسمع فليقل (تعال) فهَلُمَّ نكمل خطة خلاصنا من جهة مجيئك... بنعمتك ومسرة أبيك الصالح وفعل روحك القدس القدوس، نأتيك عطشىَ فنأخذ ماء حياة مجانًا، ولن نتكلف شيئًا، فقد دفعتَ الثمن واشتريتنا بدمك الذكي الكريم، فاقتننا لك ياالله مخلصنا، وها الشاهد قد صدَّق على هذة الأقوال (نعم أنا آتٍ سريعًا). آمين (تعالَ أيها الرب يسوع). نراك وننظرك في مجد الدهر الآتي.