بقلم - ماجدة سيدهم
"وها البنت الحلوة تحبل بالضوء وتلد الطريق "
*يا إلهي الصقيع هذا الشتاء شديد البرودة ، ومنذ الصباح ما برح الزحام أمكنة الحركة ،هكذا مواسم تداول الزهو والثراء دوما شديدة الولع بالصخب الفخم، أردد في داخلي كي أرفق برعشة عظامي "هيا يا مريم ،تشددي واخترقي كثافة هطول مبلل، ثقي واتبعي حدسك.."
* شهري مختمر بتعب النساء لكن ثمة حدث على غير التوقع يحدث ، وفي أحشائي ينضج المخاض بتزاحم الوجع ، أسمعه وحدي رغم التدافع ، قليلا يا ابني ..ها أنا أركض اتبع نجمي المشير وافتش عن المكان ،كتل الخلاء مشجرة بالترقب وأنا أقترب الآن بعيدا .. بعيدا عن انزلاق بريق كل العميان
"ما بك يا امرأة الطريق والوحشة ،عم تبحثين .. ومخاض من رحم الله يتدلى بأنات فرح الوميض، بينما على مشارف الانزواء يرتج في الأعلى العرش الذهبي.. هيا تجاوزي الحصى المعاند بما تبقى من أنات وتعثر لخطوات "
* اهنأ يا وهج الخليقة ورؤية عيني ،ها قد أمسكت بحافة العتمة اللائقة ، نعم ها هي يا ابني ..شديدة الحلكة والاتساخ ،وما كف المطر عن سخاء الغيمة ، شكات كيهك تتربص بعرى الأبواب المتهالكة و بزوايا الداخل الخرب يبدو صوت ثغاء يتوسل ، يعصرني وخز يرتجف وبالمداهمة يلقيني اللهاث على قارعة التدحرج ، تـَمهلني يا ابني .. قاربت الانتهاء فأطرز من كومات البقايا مرقدا من خشونة ،عاري من الراحة وبروحي حشوته سكيبا ، فلا من وتد هنا يصلح يا حبيبي للاتكاء ،هيا ..أعني ..أعني يا ابني ..وإلهي ..سألدك ..الآن ..
" صوت صارخ في العراء لصبية من بين نزيف الروح تلد الضوء ..على غير ثوابت الطبيعة لذا ترتج المدينة بأسرها وطريق زوار المشرق أيضا يتغير ، أبواق على المرتفعات بالمجد تصدح ، والمسرة تركض في كل الطرقات "
مرحبا رضيعي ..أنا مريم .. أمك .. وأنت أيضا يسوع ،عمانوئيل ، ممتلئا بالأعاجيب الحلوة ، هل تعلم لماذا..؟ لأنك يا حبيبي أنت النور ، نعم أنت ..ال.. ن.. ووو..ر ، يا له من أمر مذهل ..النور يولد ..! ، أشبهك إذا أم تشبهني .. أجبني هيا يا طفل الخبر المفرح ، ياللروعة ..هكذا تقبض على أصبع أمك.. بينما على الأرض تكتب العتق توبيخا أيضا بإصبعك ، وقماطك في لون ردائي حكته لك من جلبابي ، هيا أعلمك أغنياتي وأطلعك الأشياء هنا ، هذه أجراس الغابات والصنوبر وبياض الثلج ترن ترن ترن ، وأما هذه فغنمات ،وهذا كلس لفتات جرح قديم بالتورم تجلط ، وفي الزاوية هناك على ما يبدو بضعة أوراق منتهكة أو ذكريات محترقة ومتجمدة ، لا يا صغيري لا تنزعج ..أنا معك، لكنها جلبة وصخب الخارج يتصاعد والتعب في الشوارع يتساقط ، فقد صار بك يا ابني تاريخا جديدا، بالخارج الزينات ملء ألوانها بهجة ونداء ، و تهليل الأجراس يدوي بميلاد ك يا مخلصي ،أخبرك سرا .. ما كان للمفاجأة هولا أو شجا في الجمود بغير ولادتك هكذا ضوءا مبريا في عتمة وصقيع بقايا كوخ ،لذا بدا المخبوء واضحا ،والتفصيلات المنحنية كانت بلا ملح او أية محاولة للغناء ، وهل كان يليق انبثاق النور بين موائد الحفاوة وزهو الدعاة ..! فما من حاجة الأصحاء لمداوي .. أليس كذلك ..!فطنة أمك ، ألا توافقني في هذا .. فأنا أجيد طي كل حرفك الذهبي في عين قلبي ، ألا أستحق إذا تكافئني وتضمني أكثر وأكثر .. ما أحلى عيناك يا حملي اللطيف وما أبهي ثغرك يا حلو الكلام ،ثم أيضا سيأتينا ناس كثيرة من شتى الأرجاء بهدايا كثيرة وعلب ملونة ومفاجآت براقة ومدهشة ، سأعطيك ثمين ذهبها وعبق طيبها ولي أنا ثقل المر، يا ولعي بك يا ابن رحمي وعمري الأبدي ،قليلا واهبك للعالم كرمة الخلاص ونورا باهرا، تجدد التهالك بالاستقامة وبحبك الجنوني تتسع كل التخوم، لكني سأبقي خلفك حيثما تجول في ضيق الأمكنة والتواء السؤال وأنادي :هذا هو ابني الحبيب، كل ما يقول لكم افعلوه ،بلا مهل إلقوا تيجانكم ثم قدموا بلا خجل خربكم وصقيعكم ، فحيثما يحل بالدواخل هو ينير ويجدد، ومعكم بالفرح يقسم خبزا ..نعم الجلبة المفرحة بالخارج في ذروتها ،والعالم يا أبني يصرخ يناديك بالخلاص..
*تذهب كل المواسم ويبقى كيهك محملا بالضوء على الأبواب من مذود العتمة وحتى الأبواب المغلقة والمترددة
*عام جديد ،ميلاد فريد ، وفرح يضج في الخليقة كلها وقلوب نعطيها لسكنى ملك الفرح من جديد ..