مينا اسعد كامل

مقدمة:
في جهل مطبق من بعض المعترضين يحاولون  إثبات أن ملكي صادق أعظم من المسيح و أحق بالتأليه !!!
مستندين في ذلك على قول بولس رسول الله :
 
                 
 Heb_7:3           
 بلا أب بلا أم بلا نسب. لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. بل هو مشبه بابن الله. هذا يبقى كاهنا إلى الأبد.          
وللرد بنعمه الرب نقول :

القسم الأول من هو ملكي صادق
لنعرف هل ملكي صادق شخصية حقيقة في التاريخ أم خياليه ظهرت فجأة و اختفت كما يدعي المعترض ناسبا اليها الإلوهية نتتبع معا

ملكي صادق وهي كلمة تعني ملك البر

وكان ملكا على شاليم (التي صارت فيما بعد أورشليم)
وهو مكان يقول عنه المزمور:
Psa 76:1 لإمام المغنين على ذوات الأوتار. مزمور لآساف. تسبيحة الله معروف في يهوذا. اسمه عظيم في إسرائيل.
Psa 76:2 كانت في ساليم مظلته ومسكنه في صهيون.
وتكلم عنه يوحنا في انجيله :
Joh 3:23 وكان يوحنا أيضا يعمد في عين نون بقرب ساليم لأنه كان هناك مياه كثيرة وكانوا يأتون ويعتمدون
اذن مملكة ملكي صادق هي مكان حقيقي موجود و ذكر في الكتاب المقدس ..
بل أنه كان لها ملوك أخرى ..
Jos 10:3فأرسل أدوني صادق ملك أورشليم إلى هوهام ملك حبرون

Jos 10:1 فلما سمع أدوني صادق ملك أورشليم أن يشوع قد أخذ عاي وحرمها.
و أدوني صادق تعني سيد البر
Jos 10:5 فاجتمع ملوك الأموريين الخمسة: ملك أورشليموملك حبرون وملك يرموت وملك لخيش وملك عجلون, وصعدوا هم وكل جيوشهم ونزلوا على جبعون وحاربوها.

Jos 12:10 ملك أورشليم واحد. ملك حبرون واحد.

2Sa 5:5 في حبرون ملك على يهوذا سبع سنين وستة أشهر. وفي أورشليم ملك ثلاثا وثلاثين سنة على جميع إسرائيل ويهوذا.

1Ki 15:2 ملك ثلاث سنين في أورشليم. واسم أمه معكة ابنة أبشالوم.
وكان الملك سليمان أيضا من ملوك أورشليم
1Ki 11:42 وكانت الأيام التي ملك فيها سليمان في أورشليم على كل إسرائيل أربعين سنة.

وهناك العديد من الادله من الكتاب المقدس نكتفي بما سبق منها ..
يعتقد البعض أن ملكي صادق هو سام ابن نوح ..
Gen 10:1 وهذه مواليد بني نوح: سام وحام ويافث. وولد لهم بنون بعد الطوفان.

معتمدين في ذلك على بعض التفسيرات و النصوص التي أتت في الكتب اليهودية مثل :
سفر ياشر - ترجوم راشي - ترجوم يوناثان - التلمود - التلمود البابلي .... وغيرها
والتي ربطت مباشرة بين الشخصيتين .
. لن نتعرض لها هنا حتى لا يبكي المعترض ويقول يستشهدون بكتب غير معتمدة لدى المسيحيين ..
لكن سنركز على مدى منطقية هذا من كتابنا المقدس.:
الدليل الأول هل يمكن لسام ونوح أن يتلاقيا ؟
حساب العمر لسام :
Gen 11:10 هذه مواليد سام: لما كان سام ابن مئة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين.
Gen 11:11 وعاش سام بعد ما ولد ارفكشاد خمس مئة سنة وولد بنين وبنات.
(100+500) = 600 سنه هي عمر سام
ونتابع معا تلك الشجرة :
+ ولد سام ارفكشاد في سن 100
Gen 11:10 هذه مواليد سام: لما كان سام ابن مئة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين.

+ ولد ارفكشاد شالح عن عمر 35 سنه
Gen 11:12 وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح.
+ ولد شالح عابر بعد 30 سنه
Gen 11:14 وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر.
+ وولد رعو ابن فالج بعد 30 سنه
Gen 11:18 وعاش فالج ثلاثين سنة وولد رعو.
+ ولد رعو سروج بعد 32 سنه
Gen 11:20 وعاش رعو اثنتين وثلاثين سنة وولد سروج.
+ وجاء ناحور بعد 30 سنه
Gen 11:22 وعاش سروج ثلاثين سنة وولد ناحور.
+ ثم تارح بعد 26 سنه
Gen 11:24 وعاش ناحور تسعا وعشرين سنة وولد تارح.
+ ثم جاء ابراهيم بعد 70 سنه تقريبا
Gen 11:26 وعاش تارح سبعين سنة وولد ابرام وناحور وهاران.

+ عاش ابينا ابراهيم 175 سنه
Gen 25:7 وهذه ايام سني حياة ابراهيم التي عاشها: مئة وخمس وسبعون سنة.
 
اذن ابراهيم مات وسام عمرة 565 سنه
(100+35+30+30+32+30+26+70+175)
فكان من الممكن أن يتلاقيا ..

الدليل الثاني تسلسل البركة :
جاءت البركة الالهيه من الله لنوح
Gen 6:8 واما نوح فوجد نعمة في عيني الرب.
Gen 9:1وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم: «اثمروا واكثروا واملاوا الارض.

ثم من نوح لسام
Gen 9:26 وقال: «مبارك الرب اله سام. وليكن كنعان عبدا له.

ومن سام (ملكي صادق) لإبراهيم حفيدة
Gen 14:19 وباركه وقال: «مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والارض
Heb 7:1 لأن ملكي صادق هذا، ملك ساليم، كاهن الله العلي، الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه
الدليل الثالث : سبب تقديم نوح العشور لملكي صادق
Gen 14:20 ومبارك الله العلي الذي اسلم اعداءك في يدك». فاعطاه عشرا من كل شيء.

فالعشور تقدم للاوي الذي هو الكاهن
Num 18:24إن عشور بني إسرائيل التي يرفعونها للرب رفيعة قد أعطيتها للاويين نصيبا. لذلك قلت لهم: في وسط بني إسرائيل لا ينالون نصيبا».

مع كل ما سبق يكون من الأرجح أن ملكي صادق هو سام بن نوح جد أبينا ابراهيم ....
وحتى إن لم يكن هو ..
فالأكيد أنه كان رجلا حقيقا ذو أب و ام ملك على مدينه حقيقة ....
 
القسم الثاني : كهنوت ملكي صادق
1- الكهنوت اللاوي
اقتصر الكهنوت اليهودي على سبط لاوي
Num 18:21 «وأما بنو لاوي فإني قد أعطيتهم كل عشر في إسرائيل ميراثا عوض خدمة خيمة الاجتماع التي يخدمونها.
Deu 10:8 في ذلك الوقت أفرز الرب سبط لاوي ليحملوا تابوت عهد الرب وليقفوا أمام الرب ليخدموه ويباركوا باسمه إلى هذا اليوم.
Heb 7:5 وأما الذين هم من بني لاوي، الذين يأخذون الكهنوت، فلهم وصية أن يعشروا الشعب بمقتضى الناموس - أي إخوتهم، مع أنهم قد خرجوا من صلب إبراهيم.
2- شروط الكهنوت اللاوي
 
كان أهم شرط كهنوتي هو النسب و الانتماء لسبط لاوي خاصة حتى أن مقطوع النسب كان يرذل من الكهنوت

Ezr 2:62 هؤلاء فتشوا على كتابة أنسابهم فلم توجد فرذلوا من الكهنوت.
Ezr 2:63 وقال لهم الترشاثا أن لا يأكلوا من قدس الأقداس حتى يقوم كاهن للأوريم والتميم.

3- ملكي صادق كاهن الله العلي
كان ملكي صادق هو الاستثناء من تلك القاعده ... فهو كاهن الله العلي الذي لا ينتمي لسبط لاوي ...
Heb 7:1 لأن ملكي صادق هذا، ملك ساليم، كاهن الله العلي، الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه،
وكان ملكي صادق هو الكاهن الذي افرزه الله مباشرة وميز رتبته الكهنوتية
 
Heb 5:10 مدعوا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق.
Psa 110:4أقسم الرب ولن يندم: [أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق].
+ خاتمة القسم الثاني
كانت السطور الماضية هامة للإنتقال لرد شبهه المعترض الواهيه حول ان ملكي صادق بلا أم ولا نسب وخالد !!!!
القسم الثالث: تفنيد الشبهه
1- معنى لا بداءة أيام ولا نهاية حياة هل تعني الخلود (قراءة للنص)
لنرى معا النص الكامل لقول بولس رسول الله الذي كتبه بالوحي الالهي واقتص منه المعترض شبهته
Heb 7:1 لأن ملكي صادق هذا، ملك ساليم، كاهن الله العلي، الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه،
 
Heb 7:2
الذي قسم له إبراهيم عشرا من كل شيء. المترجم أولا «ملك البر» ثم أيضا «ملك ساليم» أي ملك السلام
 
Heb_7:3
بلا أب بلا أم بلا نسب. لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. بل هو مشبه بابن الله. هذا يبقى كاهنا إلى الأبد.
 
Heb 7:4
ثم انظروا ما أعظم هذا الذي أعطاه إبراهيم رئيس الآباء عشرا أيضا من رأس الغنائم.
 
Heb 7:5
وأما الذين هم من بني لاوي، الذين يأخذون الكهنوت، فلهم وصية أن يعشروا الشعب بمقتضى الناموس - أي إخوتهم، مع أنهم قد خرجوا من صلب إبراهيم.
 
Heb 7:6
ولكن الذي ليس له نسب منهم قد عشر إبراهيم، وبارك الذي له المواعيد!
 
من له اذنان للسمع فليسمع ...
بلا أم .. بلا نسب
في الكهنوت
 
فالرسول يبدأ بتوضيح شخصية ملكي صادق الكاهن عدد 1
ويتحدث عن تقديم ابراهيم العشور له عدد 2
وهو بلا أم ولا أب ولا نسب عدد 32
ويوضح الكهنوت اللاوي في عدد 5 و أن من وظائفهم اخذ العشور
وينتهي بتوضيح المقصد في عدد 6 أن ملكي صادق الذي بلا نسب ينتمي للاويين الكاهن قبل عشور ابراهيم ..
فملكي صادق بلا أب ولا أم ولا نسب في الكهنوت من سبط لاوي بل هو كاهن من الله مباشرة كما اوضحنا سابقا
أما عن قوله يبقى كاهنا للأبد .. فالمقصود يبقى كاهنا حتى نهاية حياته ..
فالأبد في الكتاب المقدس لا تعني في كل الاحوال الي المنتهى
امثله :
Deu 23:3
لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب. حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد
 
هنا انتهى الأبد في الجيل العاشر ..
Deu 23:6
لا تلتمس سلامهم ولا خيرهم كل أيامكإلى الأبد.
 
هنا الأبد هو الي نهاية الحياه .. وطبعا أتت في مواضع أخرى بمعنى المنتهى ...

2- الشخصيات الرمزيه في الكتاب المقدس
الرمز هو وجود مسبق من خلال دلاله معينه ..
أي أن المرموز اليه يظهر من خلال دلاله معينه في الرمز ..
مثال : سفينه نوح ترمز للكنيسة ... من حيث النجاة من الهلاك ..
الكنيسة كانت موجوده في سفينة نوح .. و الدلاله الفعل بالنجاة من الغرق و الهلاك ...

وقد مهد العهد القديم لعهد النعمة (الجديد) بالكثير من الرموز التي حملت دلالات لعهد النعمة ..

3- ملكي صادق و المسيح (عن تفسير القمص تادرس يعقوب)
أولاً:
من جهة الاسم يسمى "ملكي صادق" التي تعني لغويًا "ملك البرّ"، إشارة إلى السيد المسيح الذي يملك في القلوب ببرّه؛ يتربع في النفس فيخفيها فيه لتظهر في عيني الآب حاملة برّه. بمعنى آخر حين يملك السيد المسيح على الإنسان روحيًا تختفي كل ضعفاته ونقائصه، ويتجلى السيد ببرّه وبهائه! وكما يقول الرسول: "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو ٣: ٢٤
ثانيًا:
من جهة العمل فهو "ملك ساليم" أي ملك السلام، فقد ملك السيد المسيح في كنيسته واهبًا لمؤمن سلامًا مع الآب وسلامًا مع إخوته وسلامًا مع نفسه. تصالحت البشرية مع السماء، وتصالحت مع بعضها البعض، بل وتمت المصالحة داخل الإنسان نفسه: بين النفس والجسد حيث صار كل ما في الإنسان روحيًا، يسلك بروحٍ واحد. حقًا إن السيد المسيح هو ملك ساليم الحقيقي، يمتد سلامه إلى كل المستويات
 
ختم السيد حديثه الوداعي مع تلاميذه قبل القبض عليه ليعلن أن غاية حديثه هو تمتعهم بالسلام فيه: "قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو ١٦: ٣٣). ويعلق القديس أغسطينوس على هذا القول الإلهي هكذا: [لقد قدم هذا كغاية لحديثه حتى يجدوا فيه السلام، وذلك كما أننا نحن أيضًا مسيحيون بهذا الهدف... فهذا السلام هو غاية كل نية وكل عمل تقوي، نمارسه في الوقت الحاضر. فمن أجل السلام (في المسيح) ننعم بسرائره، ونتثقف بأعماله وكلماته ونتقبل غيرة الروح، ولأجله نؤمن به ونترجاه... بهذا السلام نتعزى في وسط كل متابعنا وبه نخلص منها. من أجله نحتمل الضيقات بسرور حتى نملك فيه بسعادة دون ضيقات.

ويعلق القديس أغسطينوس على قول السيد لتلاميذه: "سلامًا أترك لكم سلامي أعطيكم" (يو ١٤: ٢٧)، قائلاً: [إنه يترك سلامه معنا وهو راحل (إلى السماء)، وسيعطينا سلامه الخاص عندما يأتي في النهاية. يترك لنا سلامًا ونحن في هذا العالم، وسيهبنا سلامه الخاص به في العالم العتيد. إنه يترك سلامًا معنا حتى إذ نسكن فيه نغلب العدو (إبليس)، وسيهبنا سلامه الخاص عندما لا يعود بعد يوجد عدو نحاربه فنملك كملوك. يترك سلامًا معنا، لكي نحب هنا بعضنا البعض، وسيهبنا سلامه حينما نرتفع فوق كل إمكانية لحدوث انشقاقات. يترك سلامًا لنا لكي لا يدين أحد الآخر فيما هو خفي عنه وهو سالك على الأرض، وسيهبنا سلامه حينما "يظهر آراء القلوب وحينئذ يكون المدح لكل واحد من الله" (١ كو ٤: ٥). ومع ذلك فإنه فيه ومنه ننال السلام، سواء عندما يتركه لنا ونحن راحلون نحو الآب، أو يهبه لنا عندما نحضر بالفعل لدى الآب بواسطته.
 
ثالثًا:
سبق أن رأينا في مقدمة الأصحاح الأول أن انشقاقًا قد حدث في العهد القديم بين النبوة والكهنوت، أو بمعنى أدق بين الأنبياء والكهنة، إذ لم يستطع الأخيرون أن يتقبلوا كلمة الحق، مكتفين بممارسة الطقس التعبدي في شكلية بلا روح، لكن جاء السيد الحق ذاته والكاهن الأعظم، يحمل النبوة في كمال فائق وفريد مع الكهنوت السماوي الأبدي، مصالحًا المعرفة مع العبادة والحق مع الطقس! هنا أيضًا يجمع السيد بين الملوكية والكهنوت، فهو ملك البرّ والسلام في نفس الوقت الكاهن على رتبة ملكي صادق إلى الأبد، هو الملك والكاهن في نفس الوقت، عمله الملوكي لا يمكن فصله عن الكهنوتي. ففيما هو يملك على القلب خلال ذبيحته الفريدة، يقدم هذه الذبيحة بكونه رئيس الكهنة السماوي. فهو الملك صاحب السلطان خلال الحب العملي الباذل، والمعلن بشفاعته الكفارية عن مؤمنيه ليقيمهم فيه ومعه ملوكًا وكهنةً روحيين
.
 
رابعًا:
ملكي صادق كرمز للسيد المسيح لم يذكر الكتاب شيئًا عن أبيه أو أمه أو نسبه. وكأنه يحمل رمزًا لمن هو بلا بداءة أيام ولا نهاية. فالسيد المسيح سرمدي بحق ليس من زرع بشر، ليس له أب حسب الجسد، ولا أم من جهة اللاهوت، كاهن أبدي
.
 
خامسًا:
ذبيحة ملكي صادق من الخبز والخمر لا معنى لها إلا بكونها رمزًا لذبيحة الإفخارستيا التي هي جسد السيد المسيح ودمه، حيث قام السيد نفسه بتحويل الخبز والخمر إليهما في تأسيسه السرّ. وكما يقول القديس چيروم مخاطبًا السيد: [أنت كاهن لا بتقديم ذبائح يهودية وإنما بالحري على طقس ملكي صادق. فكما أن ملكي صادق، ملك ساليم، قدم خبزًا وخمرًا (تك ١٤: ١٨) هكذا تقدم أنت جسدك ودمك، الخبز الحقيقي والخمر الحقيقي. هذا هو ملكي صادقنا الذي وهبنا الذبيحة الإلهية التي لنا. إنه ذاك الذي قال: "من يأكل جسدي ويشرب دمي" (يو ٦: ٥٥)، على طقس ملكي صادق، معطيًا إيانا سرائره
.]
 

وعن أفضلية كهنوت المسيح عن ملكي صادق نقرأ
وإن كانت رتبة ملكي
صادق أفضل من رتبة هرون، إلا أن ملكي صادق لم يكن كما ذكرنا فيما سلف، إلا رمزاً للمسيح من بعض الوجوه، ومن ثم كان المسيح أفضل منه بما لا يقاس، كما يتضح مما يلي
 
1--
لقد كان ملكي
صادق إنساناً مثلنا، أما المسيح فهو ابن الله الأزلي الواحد مع الآب والروح القدس في اللاهوت، بكل خواصه وصفاته.
 
2--
إن ملكي
صادق كان، ولا شك، يقدم ذبائح حيوانية ليكفر بها عن نفسه، لأنه كان خاطئاً مثلنا، أما المسيح فقدم نفسه ذبيحة لله كفارة عن خطايانا نحن لأنه له المجد كان كاملاً كل الكمال.
 
3--
لقد بارك ملكي
صادق ابراهيم باسم الله العلي، أما المسيح فبارك ابراهيم، وذلك قبل تجسده له المجد[1]، باسمه الشخصي. فقد قال له "بذاتي أقسمت يقول الرب... أباركك مباركة" (تكوين22: 15- 17) فضلاً عن ذلك فقد باركنا نحن المؤمنين بكل بركة روحية في السماويات (أفسس1: 3).
 
4--
إن كهنوت ملكي
صادق وملكه زالا بموته، أما كهنوت المسيح وملكه فليس لهما نهاية.
 
5--
لقد سجل الوحي عن المسيح
أنه على رتبة ملكي صادق. وذلك من ناحية كون المسيح إنساناً يظهر في العالم بعد ملكي صادق بمئات السنين. غير أن المسيح، بوصفه ابن الله، سابق لملكي صادق لأنه له الم أزلي. ومن ثم فإن المسيح من هذه الناحية، لا يكون على رتبة ملكي صادق، بل يكون ملكي صادق مثالاً أو رمزاً إلى المسيح. وقد أشار الوحي إلى هذه الحقيقة فقال عن ملكي صادق إنه مشبه بابن الله (عبرانيين7: 3)- وطبعاً هذا من ناحية جزئية فحسب، لأن المشبه لا يطابق المشبه به في كل الوجوه. فملكي صادق كان بشراً مثلنا له بداءة وله نهاية، أما المسيح بوصفه الابن الأزلي لا بداءة له ولا نهاية على الإطلاق.
 
6--
تولى ملكي
صادق خدمته الكهنوتية وهو حي على الأرض فقط فلما مات، انتهت خدمته هذه. أما المسيح فصار رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق بحسب قوة حياة لا تزول (عبرانيين7: 16)، أي أن حياة القيامة التي أعلنت انتصاره على الموت، هي التي جعلته رئيس الكهنة الدائم إلى الأبد. إذ قال الله له من ناحيته الإنسانية بعد القيامة من الأموات: "اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مزمور110: 1- 4). ومن ثم فإنه يظهر الآن بعد القيامة أمام وجه الله (عبرانيين8: 1و 2) في قيمة دمه الكريم لحسابنا، ليمثلنا في كل كماله المطلق ويجلب إلينا كل معونة، وذلك باستحقاقاته الشخصية (عبرانيين9: 24) التي لا نهاية لها.
 
7--
ولوجود شبه بين كهنوت المسيح
وكهنوت هرون من جهة، وبين كهنوته وكهنوت ملكي صادق من جهة أخرى نقول إن المسيح يمارس الآن أعماله الكهنوتية بالنعمة في الأقداس السماوية مرموزاً إليه من ناحية جزئية بهرون، لكنه يمارسها بغير انقطاع وإلى الأبد مرموزاً إليه من ناحية جزئية أيضاً بملكي صادق (كما ذكرنا). أما في الملك الألفي فسيظهر له المجد للعالم على رتبة ملكي صادق وحده جامعاً في شخصه مجد الملك وجلال الكهنوت، إذ سوف لا يكون هناك مجال للكهنوت الوساطي بحال، وذلك بسبب وجود المؤمنين الحقيقيين في المجد وقضاء الله على الشر بمجرد ظهوره على الأرض. وحينئذ سيتحقق قول زكريا النبي عن المسيح: "هوذا الرجل الغصن اسمه. ومن مكانه ينبت. ويبني هيكل الرب. فهو يبني هيكل الرب وهو يحمل الجلال. ويجلس ويتسلط على كرسيه (ملكاً). ويكون كاهناً على كرسيه. وتكون مشورة السلام بينهما كليهما" (زكريا6: 12و 13). ومن ثم سيتغير العالم الذي نعيش فيه الآن تغييراً كلياً. إذ سيتمتع الساكنون فيه بكل خير وسلام، الأمر الذي يسعى لتحقيقه الساسة والمصلحون في جميع العصور والبلاد دون جدوى، لأنه ليس هناك سلام مع الله أو خير منه دون إيفاء مطالب عدالته وقداسته، وليس هناك شخص استطاع إيفاء مطالب كل منهما سوى المسيح، كما ذكرنا.

4- أيهما أعظم الرمز أم المرموز إليه
فالمرموز إليه أعظم من الرمز ..
ولا يستطيع أحد يدعي أن الحية النحاسية - مثلا - التي رمزت للصليب بتقديمها للخلاص المؤقت أعظم من صليب رب المجد الذي قدم لنا من خلاله الحياة الأبدية إلي المنتهى و الكفارة العظمى ...
و العليقة التي رآها موسى كرمز لظهور المسيح من خلال العذراء مريم القديسة لن تكون أعظم من القديسة العظيمة مريم التي حملت في أحشائها رب المجد و تجسد من خلالها ...

فلن يكون أبدا ملكي صادق الرمز للمسيح أعظم من رب المجد نفسه ..