الأقباط متحدون - مؤتمر أربيل لدعم الإرهاب
أخر تحديث ٠٧:١٨ | الاثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٣كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مؤتمر أربيل لدعم الإرهاب

الإرهاب
الإرهاب

د.عبدالخالق حسين
نحن نعيش في عصر الخديعة، وقلب المفاهيم والقيم، إذ تُعقد مؤتمرات باسم مكاحة الإرهاب، بينما هي تعمل على دعم الإرهاب، ويشارك بها ناس ملاحقون قضائياً بسبب دورهم الإجرامي في الإرهاب. فقبل سقوط الموصل بيد داعش، عقد في الأردن مؤتمر ضم غلاة الطائفيين العراقيين السنة العرب ومن يخدعهم في تخريب بلادهم، والكثير منهم مشاركون في الإرهاب، رافعين شعارات المظلومية، والعزل، والتهميش. ومن ثمار ذلك المؤتمر سقوط الموصل ومن ثم محافظة صلاح الدين (تكريت)، ومناطق من محافظة الأنبار بأيدي داعش، واحتلال قوات البيشمركة لمحافظة كركوك، ولم يكن ذلك بدون تنسيق مسبق.

وبعد سقوط الموصل سمعنا تصريحات من مشاركين في السلطة من المحافظات الغربية، يباركون فيها حكم (داعش) مدعين أن أهل الموصل يعيشون بسلام وأمن وبركة، وحكم داعش أفضل لهم من حكم المالكي. أما فرار مئات الألوف من السكان فهو ليس لخوفهم من داعش، بل لخوفهم من قصف المالكي لهم بالطائرات!! كما وكان مفتى العراق (السني) الشيخ رافع الرافعي أكثر صدقاً حين صرح من أربيل قبل شهرين، أنهم (السنة) يرفضون أن يكون على رأس الحكومة شيعي، سواءً المالكي أو غيره، وصرح قبل أيام من الأزهر الشريف أنه لا يدين داعش.

عُقد في أربيل يوم الخميس، 18/12/2014، مؤتمر آخر، برعاية ومباركة حكومة الاقليم باسم (المؤتمر العربي لمكافحة الإرهاب والتطرف)، عقدته القيادات السنية العراقية، دون أن يدعو إليه أي عربي شيعي أو أي من المكونات العراقية الأخرى المبتلية بالإرهاب الداعشي. وقالت الأنباء: "شاركت في المؤتمر أكثر من 1200 شخصية عربية سنية بينهم مطلوبين للقضاء العراقي بتهم الإرهاب والفساد، وتشجع على الفوضى، وتساند الجماعات والعصابات الاجرامية في المحافظات الغربية".

كما وحضر المؤتمر مسؤولون قياديون سنة مثل أسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، وصالح المطلق نائب رئيس الوزراء، وكل النواب العرب السنة، وعدد من شيوخ العشائر العربية السنية، وحضر أيضاً المحكوم عليهم بالإرهاب مثل طارق الهاشمي، ورافع العيساوي وعبدالناصر الجنابي، وأمثالهم. ولإضفاء الشرعية الدولية عليه، حضر المؤتمر ممثل الأمم المتحدة في العراق، وسفراء أمريكا وبريطانيا، والوحدة الأوربية.

والجدير بالذكر أن أغلب الذين حضروا هذا المؤتمر قد ساهموا في توفير الأجواء لداعش، إذ جعلوا مناطقهم حواضن للإرهابيين بحجة التهميش والعزل الذي مارسه ضدهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حسب إدعائهم المكرر !!، وأخيراً أدركوا، أن من يزرع الشر لا يحصد إلا الشر. فبعد أن ارتكبت (داعش) جرائم فضيعة بحق الإنسانية، لم يسلم منها حتى عرب السنة، إذ قتلت من عشيرة عربية سنية واحدة (ألبو نمر) في الرمادي وحدها أكثر من 700 شخص، ناهيك عن المقابر الجماعية في غابات الموصل، والجرائم الأخرى بحق الأقليات الدينية والعرقية. ولمّا لم يبق لدعاة التهميش أية حجة يدافعون بها عن داعش، راحوا يطلقون تصريحات فجة يساوون فيها بين داعش وفصائل الدعم الشعبي التي تقاتل من أجل تحريرهم من الإرهابيين الدواعش.
وبهذا النفس الطائفي، قال نائب رئيس الجمهورية العراقية،

أسامة النجيفي في المؤتمر: أن "المحافظات السنية تواجه المأساة بسبب الإرهاب المتمثل بداعش والميليشيات الطائفية...". ويقصد بالمليشيات الطائفية الجيش العراقي، وفصائل الدعم الشعبي، رغم أنها تضم عناصر من مختلف المكونات.
كما وطالب أسامة النجيفي خلال المؤتمر، بالإسراع بتشكيل قوات الحرس الوطني من أبناء المحافظات السنية، وهو الغرض الرئيسي من هذا المؤتمر،
إضافة إلى تسليح العشائر. والمقصود بالحرس الوطني هو تشكيل قوات مسلحة في المحافظات السنية على أسس طائفية لمواجه الجيش العراقي الذي يحارب الإرهاب. والتجارب القريبة أثبتت أن أغلب الأسلحة التي سُلِّمت إلى أبناء العشائر السنية تسربت إلى داعش. (راجع مقال السيد وفيق السامرائي- 3).

وهكذا نعرف أن الغرض الرئيسي من المؤتمر هو تشكيل القوات المسلحة العراقية على أسس طائفية، وهي الخطوة الرئيسية لتمزيق العراق. لذلك اعتبرت أوساط سياسية عراقية ان مؤتمر مكافحة الارهاب هذا وجّهته اجندات خارجية تسعى الى تقسيم العراق، فيما رفضت جهات عراقية من المكون السني المشاركة باعتباره خطوة أولى على طريق التقسيم. ومن هذه الشخصيات التي رفضت حضور هذا المؤتمر المشبوه هو رئيس البرلمان، الدكتور سليم الجبوري، وكتلته النيابية. كما اعترضت عليه محافظتا كركوك وصلاح الدين واهم تنظيمات "ديالى" و"العربية" و"جماعة علماء العراق و"مجلس انقاذ الانبار".(6)

والغريب أن السيد مسعود بارزاني الذي اعترض على تسليح أبناء العشائر العربية والتركمان في محافظة كركوك، رحب بتسليح العشائر العربية من خارج مناطق الإقليم، وهذا تعامل بمكيالين.

فغاية المؤتمر كما أكد كثيرون من المخلصين هو  لعزل الجيش و"الحشد" عن التصدي لداعش في المناطق الغربية (4)
وصرح النائب مثال الآلوسي أن "المؤتمرين في أربيل يحاولون لملمة القيادات السنية الفاشلة والتي سرقت المال العام والمتهمين بالإرهاب لفرضهم على الساحة وعلى الواقع السياسي من جديد...

و"إقامة هذا المؤتمر جاء بدعم إقليمي لتهديد الأمن والسلام الاجتماعي بين صفوف الشعب العراقي وإبراز القيادات الفاشلة في محافظات الانبار وصلاح الدين
والموصل بشكل جديد".(5)

وأخيراً: اعتبر مراقبون للشأن العراقي، ان "مؤتمر أربيل لمكافحة الإرهاب" هذا، تحول الى محفل لمناصرة تنظيم "داعش" الإرهابي، باعتباره القوة التي تحمي اهل "السنة" في العراق من بطش المليشيات، كما ورد ضمنا في الكثير من التصريحات والكلمات التي القيت في اثناء المؤتمر.(6)

خلاصة القول: إن مؤتمر أربيل هو محاولة يائسة من قبل الطائفيين أعداء الديمقراطية في العراق لإعادة الوضع إلى ما قبل 2003، وهذا مستحيل. لذلك فعلى عقلاء العرب السنة أن لا يتركوا المكون السني بأيدي سياسييهم الفاشلين الذين ينفذون أجندات أجنبية، والبعثيين الدواعش وتحت أي مسمىً جاؤوا، بل أن يعملوا على دعم العملية السياسية بجد وإخلاص، وإنجاح الديمقراطية، والعمل على إنضاجها وتخليصها من معوقاتها مثل المحاصصات الطائفية والعرقية. أما اللجوء إلى الإرهاب وتحت أي مبرر كان، فمن شأنه أن يزيد من عذابات شعبنا، وبالأخص معاناة أهل السنة أنفسهم. وما يعانيه شعبنا من فوضى الآن هو نتاج حتمي لاحتكار المكون الواحد للحكم واستبداده لعقود طويلة، ورفضهم لدولة المواطنة والقانون. لذلك فالديمقراطية رغم مشاكلها في أولى مراحلها، إلا إنها هي الحل الوحيد لمشاكل العراق المتراكمة.

ومن يزرع الشر لا يحصد إلا الشر. 

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع