الأقباط متحدون - الجانى المؤمن والضحية الكافر..
أخر تحديث ٠٨:٠٥ | الجمعة ١٩ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٠كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الجانى المؤمن والضحية الكافر..

بقلم منير بشاى

 المشكلة التى تواجه شيوخ الاسلام فى موضوع داعش هى كيف يدينوا الجانى اذا كان مؤمنا؟  والشق الثانى لا يقل عنه اشكالية وهو كيف يبرروا الضحية اذا كان كافرا؟

 من استراليا الى بلجيكا الى باكستان الى اليمن، وقبلها كينيا والهند ونيجيريا، القائمة تطول وتطال تقريبا كل دولة على وجه الارض.  كل يوم تأتينا الاخبار عن حوادث ارهابية دموية ضد الابرياء من الاطفال والنساء والعجائز الذين لم يسيئوا لأحد.  القاسم المشترك فى مرتكبى هذه الحوادث غالبا اناس يحملون اسماء اسلامية.  اما الضحايا فهم اناس قد يحملون اسماء مسيحية او يهودية او هندوسية واحيانا اسلامية ممن ينتمون الى فصيل مخالف.

قيل ان معظم المسلمين ليسو ارهابيين، ولكن مؤكد ان معظم الارهابيين مسلمين.  والارهابيون يعتبرون انفسهم مسلمين مؤمنين ليس عن ادعاء ولكن عن اعتقاد راسخ ان ما يعملونه يؤيده صحيح الدين.  والمصيبة ان عددا من العلماء المسلمين يوافقونهم على هذا.  والمصيبة الاكبر ان هؤلاء العلماء لا يمثلون الاسلام المتطرف ولكن بعضهم من بين الذين ينسبون لأنفسهم الاعتدال ومن هؤلاء شيوخ الازهر الذى كنا نظنه منارة الاسلام السنى الوسطى فى العالم

صدمنا من بيان الازهر الذى ينفى شبهة الكفر عن جماعة داعش.  وكان الشيخ الحسينى مفتى نيجيريا قد افتى ان افعال داعش ليست افعال اهل الاسلام مضيفا "انهم قتلوا المسلمين وقتال المسلم كفر وبذلك فقد حكموا على انفسهم بالكفر بافعالهم".  وقد فسّر البعض هذا على انه يعنى تكفير داعش، ولكن الازهر سارع بالنفى واصدر بيانا يقول فيه "عبارة تكفير داعش لم ترد صراحة ولا تلميحا فى عبارة الشيخ الحسينى".

والغريب مع كل البشائع التى ارتكبتها داعش بما فيها، حسب قول الشيخ الحسينى “انهم قاموا باشاعة الفساد وهتك الاعراض وقتل الانفس ثم انتهوا الى تكفير الأمة”.  ولكن – فى رأى الازهر-  بما ان داعش لم يصدر عنهم انكار شفوى للايمان فهم ليسوا بكفار.  وذلك لأن العبد لا يخرج من الايمان الا بجحد ما ادخله فيه وهو الشهادتين اللتين تعلنان الايمان بوحدانية الله ونبوة محمد.
 وراى مشابه صدر عن الامين العام لمجمع البحوث الاسلامية يقول ان داعش وبوكو حرام ليسوا كفارا طالما يقولوا لا اله الا الله.
 وهنا يأتى السؤال: اذا كانت داعش وبوكو حرام ليسوا كفارا فمن يكون الكافر؟

طبقا لاحكام الشريعة الكافر هو من انكر احد اركان الاسلام العقائدية الثلاثة وهى وحدانية الله ونبوة محمد والمعاد فى يوم القيامة.  والكفار نوعان: 
كافر اصلى ولد على الكفر، وكافر مرتد وهو من كان مسلما وارتد..
 من هذا فان الكفار فى الاسلام هم غير المسلمين والمرتدين عن الاسلام ومن هؤلاء  ضحايا داعش . اما المسلمين  ومنهم داعش  فلا يعتبرون كفارا مهما ارتكبوا من الذنوب.

ولذلك فبينما المشكلة التى يواجهها العالم هو كيف يوقفون جرائم داعش وينقذوا الضحايا، نجد علماء الاسلام يغضون الطرف عن جرائم داعش ويوجهون اهتمامهم الى ضحايا داعش ليبحثوا متى يجب حربهم ومتى يجوز مهادنتهم.  هذا لأن داعش مؤمنون والضحايا كفار.

 حكم التعامل مع الكفار فى الاسلام يبنى اصلا على تحديد اى نوع من الكفار ينتمون له وما اذا كانوا  أهل حرب ام اهل عهد.  والمبدأ العام هو قتال الكفار الذين يحاربون المسلمين، ومهادنة الكفار الذين لهم مع المسلمين اتفاقية عهد.  والنص الذى يقتبس عادة للتدليل على ان المسلم لا يبدأ بالاعتداء هو الذى يقول  "يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" الممتحنة 8. 
 ولكن مع ظهور عقيدة الناسخ والمنسوخ وجدنا ان ايات التسامح وعددها 124 قد  نسخت جميعها (الغي العمل بها) وحلت مكانها آية السيف "فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم" التوبة 5  هنا تنتفى نظرية الحرب الدفاعية لأن القتل كما جاء فى آية السيف لم يكن دفاعا عن النفس بل لاجبار المشركين على اعتناق الاسلام وينتهى باعتناقهم للاسلام.

ومثال آخر على ذلك قول القرآن "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" البقرة 193  وهذا ايضا يوضح ان هدف القتال هو فرض الدين على الجميع بقوة السلاح.  ويؤيده ما جاء على لسان نبى الاسلام "امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. فمن قال لا اله الا الله فقد عصم منى نفسه وماله".  البخارى الجزء الرابع

 والملاحظ ان داعش لم يهددهم احد او يخرجهم من ديارهم بل هم الذين اخرجوا المسيحيين والايزيديين من ديارهم وذبحوهم ونهبوهم وهتكوا اعراضهم وباعوا نسائهم فى سوق الرقيق.

 والقتل له جذوره فى الكراهية.  قال السيد المسيح "سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن يقتل يكون مستوجب الحكم.  واما انا فأقول لكم من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم" متى 21 و 22  وهذا يؤيده قول الرسول يوحنا "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" 1يو 3: 15.

 فالاسلام الذى اباح القتال ضد المحارب، وايضا لغرض فرض الدعوة، قد بث فى المسلمين كراهية من يسمونهم كفار كدافع لقتالهم وقتلهم.  وهى جزء من عقيدة الولاء والبراء التى بنيت على قول القرآن " قد كانت لكم اسوة حسنة فى ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده"

وبعد – ان كنا ننتظر من علماء المسلمين ان يدينوا المنظمات الارهابية مثل داعش وان ينصفوا الضحايا مثل المسيحيين والايزيديين، فقد اتانا الجواب اليقين: هذا لن يحدث.  الاسلام لن يدين المؤمن حتى وان كان ظالما  ولن يبرر الكافر حتى وان كان مظلوما.  من يريد العدل فليرفع دعواه عند من قال "مبرىء المذنب ومذنب البرىء كلاهما مكرهة الرب". أمثال 17: 15

  Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter