بقلم : أنطوني ولسن / أستراليا
في الجزئين الأول والثاني كنا قد قدمنا كل من الرئيس عبد الناصر والرئيس أنور السادات الى إعادة محاكمتهما على الرغم من وفاتهما .
اليوم سنبدأ إستعراض الرؤساء الأحياء وما قدموه لمصر أو فعلوه ويستحقون أو لا يستحقون محاكمتهم .
ثالثا : الرئيس محمد حسني مبارك ...
تولى الرئيس محمد حسني مبارك سُدة الحكم في العام 1981 بعد وفاة الرئيس الراحل أنور السادات .
مصر في ذلك الوقت كانت فرحة بنصر السادس من أكتوبر 1973 واستطاع السادات أن يسترد معظم ما احتلته اسرائيل في حرب الخامس من يونيو عام 1967 .
إستمع السادات الى نصيحة أميركا له بتطبيق الديمقراطية والحرية للشعب المصري ، بالإضافة الى البدء في الأفراج عن الجماعات الإخوانية والجماعات التي خرجت من عباءتها .
ظن السادات أن أميركا جادة بالفعل أن الديمقراطية والحرية هما الطريق الى التقدم والرقي . وأن أطلاق سراح الأخوان وأتباعهم فيه خير البلاد . وبقية القصة معروف .
الرئيس مبارك تولى سُدة الحكم ومصر في حالة رعب وخوف من الغد القريب والبعيد . ودماء السادات لم تجف . فكان من الطبيعي أن يبدأ بمحاكمة القتلة وإدخال بعض المشتبه فيهم السجون والمعتقلات ، وفرّ من فر خارج البلاد من الأخوان والجماعات الإسلامية والسلفية .
بدأ مبارك فتح باب الحوار مع الأخوان وغيرهم للوصول الى حلٍ لوقف العنف وأن يكونوا كبقية أبناء مصر يعملون من أجل النهوض بها والعيش الكريم .لكن فات مبارك أنهم منذ بدايتهم وهم يسعون ويضحون بأنفسهم من أجل الوصول الى الحكم واعتبار مصر نقطة إنطلاق للوصول الى الخلافة الأسلامية والتي عاصمتها القدس .
يبدو أنه تم إتفاق غير معلن بين مبارك والأخوان أقوى الجماعات الأسلامية في مصر بتركهم يعيثون في البلاد فسادا وإفسادا للوصول الى مصالحهم والعمل على ضم أكبر عدد من الشباب والشابات إليهم ويدربونهم على السمع والطاعة . بل أنهم بدون شك شجعوا أبناء الأعضاء وبناته على الألتحاق بالجامعة الأزهرية لدراسة الدراسات العلمية مع القليل من الدراسات الدينية الأزهرية . لأنهم قاموا بتعليمهم سواء بالمدارس الحكومية أو المدارس الخاصة بهم تعاليم الأخوان .
في العام 1991 قررت زيارة مصر زوجتي وأنا ومعنا إبننا وزوجته وإبنتنا الصغرى وإبنتها . لكم أن تتصوروا الفرحة في قلبي بعد غياب 20 عام من الهجرة تخللها زيارة خاطفة في العام 1976 لمدة 17 يوما فقط وأنا في طريقي الى شيكاغو .
لم أندم على شيء قمت به مثلما ندمت على ذهابي الى مصر في ذلك الوقت .
التغير الى الأسوأ بصورة غير طبيعية . قذارة ووساخة لم نتعود رؤية الشارع المصري بهذا الشكل . الأخلاق واحترام الأخر حتى على المستوى العائلي " يوك" على رأي الأتراك . أُنتزعت المحبة من قلوب الناس . كنت أبكي لما وصلت اليه مصر . التقيت في أسوان بسائق تاكسي أخذنا الى اللوكاندة بعد أن دار بنا حول السد العالي وأحياء في المدينة . تعجب الرجل من أنني كنت مع لجنة تهجير النوبيون ، وكلما وجدت مشاكل في أي مكتب من مكاتب مصلحة الأحوال المدنية لحل تلك المشاكل . في اليوم التالي لم نستطع زوجتي وأنا الذهاب مع الأولاد لمعبد أبو سمبل . في اليوم الثالث أخبرت سائق التاكسي إننا سنذهب الى الأقصر . إنتظرته لكنه تأخر . مما أضطرني أن أذهب الى المطار مع سائق غيره . لكنه فاجأني ونحن في صالة الأنتظار . وقال لي لا يمكن أن لا أودعك أنت والأسرة فقد جعلتني وعاملتني كأحد أفراد عائلتك . صدقوني أبكاني وظل معنا حاملا الحقائب حتى دخولنا الى بوابة الدخول الى الطائرة .
لا تتعجبوا أنني تركت مبارك وفساده . لأنني مقتنع لما شاهدت أن كل مصري حر شعر بذلك . ومن يشاهد أعمال فنان مصر الصريح والجريء عادل أمام يعرف لماذا أدرجت إسم مبارك في قائمة من يجب محاكمتهم ليس سياسيا فقط !. بل وإقتصاديا ومعنويا . لقد أدار ظهره لمصر والمصريين فأصبحت مصر مرتعا خصبا للصوص والآفاقين والأرهابيين بما فيهم الأخوان . أرجو كل من يقرأ هذا الكلام أن يحاول مشاهدة بعض أفلام عادل إمام مثل " بوبوس ، الأرهابي ، والإرهاب والكباب .
رابعا : المشير طنطاوي ...
لا أجد الكلام الذي أستطيع أن أصف به هذا الرجل غير أنه خان مصر وقدمها على طبق من فضة هدية للأخوان والسلفيين وكل الإرهابيين الذين وصلوا الى حكم مصر في برلمان أضحوكة العالم . ورئيس من أول وهلة رأينا أنه لا يهش ولا ينش ولا ليه في الطور أو الطحين . طبعا نعرف من هو ولا داعي لذكر إسمه فهو لا يستحق اسم رئيس لمصر . وأيضا الرئيس الإنتقالي المستشار عدلي منصور الرجل المتزن والهادي في طباعه ، لكنه مع الأسف لم يتخذ خطوة إيجابية للتصدي للمظاهرات والأضرابات وما حدث من الأخوان من إضطرابات خاصة بعد القاء القبض على الرئيس المعزول والموجود في السجن هو والمرشد وشلة الأنس .
أختم هذه السلسلة عن محاكمة بمبارك سياسيا بالمرور على مبارك وطنطاوي ومرسي و المستشار عدلي منصور .
فهل توافقون على محاكمتهم جميعا الأحياء منهم والأموات ، ليس فقط سياسيا ، بل إجتماعيا واقتصاديا وإهمالا لمصر والشعب المصري ؟؟؟
هذا أتركه لعدالة السماء ومن ينادون بضرورة محاكمة مبارك سياسيا .
في النهاية أريد أن أشير إلى شيء هام جدا وهو الإرادة .. " إن أراد الشعب الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " . وعندنا مثال يحتذى ..
جزيرة صغيرة أُحتلت من العديد من الدول وأخر المحتلين كانت ماليزيا .
في العام 1965 إستقلت الجزيرة عن ماليزيا وأصبحت تحكم بأبنائها .
جزيرة متعددة السكان عرقيا ودينيا . لكنها استطاعت أن تنهض من كبوتها وأصبح كيانها بين الدول يُحسب له حساب .
هل تعرفون هذه الجزيرة ؟ أقول لكم :
انها سنغافورة التي يعيش على أرضها السنغافوري والماليزي والمسلم والمسيحي والبوذي والهندوسي ومن كافة أنحاء الأرض . ومع كل هذه التعدودات العرقية والدينية ، لا تجد خلافا بينهم . السنغافوري المسلم داخل المسجد مسلما . مجرد ما يخرج من المسجد هومواطن سنغافوري يخضع لقوانين وأحكام الوطن الذي يعيش على أرضه . ونفس الشيء مع المسيحي والبوذي والهندوسي والملحد وإلخ . وذلك لأن المواطنة حق من حقوق الحياة لكل من يعيش على أرض سنغافورة . إن أخطأ أحد يعاقب . وإن أجاد أحد يُمنح المكافأة التي يستحقها .
وهذا سر نجاح سنغافورة ووصولها الى المرتبة المشرفة بين الدول المتقدمة .
فهل هذا صعب على شعب له تاريخ مشرف ضارب في القدم لكنه مع الأسف أصيب بمرض الرؤساء الذين يسعون لمجد أنفسهم فقط وليس الشعب . والشعب أصيب بداء الأتكالية والتكاسل وعدم الأهتمام بالحياة بعد أن خدعوه بالإنجاب الكثير الذي تسبب في خراب مصر .
مازالت هناك فرصة في يد الرئيس عبدالفتاح السيسي وضرورة تفعيل القانون لجميع المواطنين المصريين وكل واحد وله نبي يصلي عليه في مكان عبادته وفي بيته . أما في العمل والحياة فهم مواطنون متساون في القانون والعمل والتعليم وإدارة البلاد .
أعتذر من القراء لتوقفي عن الكتابة الى ما بعد شهر يناير المقبل بإذن الله ، ان كان لنا عمر نقضيه على الأرض .
شكرا لكم ولأصحاب الصحف الورقية والصحف والمواقع الإلكترونية في سدني وفي جميع أنحاء العالم .