بقلم: شفيق بطرس
إنحنى الرئيس الأمريكي أوباما أمام الملك عبد الله ملك السعودية، وأختلفت الأقاويل عليه والتكهُنات، فمن قال من قواعد البروتوكول وكان الرد عليهم كان من باب أولى أن ينحني للملكة إليزابيث ملكة بريطانيا ويقبل يدها، إذا تكلمنا عن البروتوكولات، ولكنه لم يفعلها واكتفى بإيماءة من رأسه وكانت تعبيرات ملكة بريطانيا تقول: كل هذا من أجل براميل البترول؟
ومن قال أنه -إي أوباما- أراد أن يفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي متمثلاً في الملك عبد الله فهو خادم الحرمين ومستقبل الحجاج من كل بلاد العالم الإسلامي في بلاده الحجازية، وطالما كانت هذه الصفحة من العلاقات الأمريكية الإسلامية متسخة ملطخة بالدماء وقاتمة وكئيبة، حاول أوباما بإنحناءه أمام ملك السعودية وممثل العالم الإسلامي ولا ندري أنه قبل يده أو عزم على تقبيلها؟
المهم أنه انحنى راكعاً أمام الملك عبد الله وكانت التكهنات الأعلى والأصدق أنه فعلها لأن خلفيته الدينية قد طغت عليه، وعندما رأى الملك بثيابه الإسلامية وعقاله وعباءته قد تذكر على الفور مدارسه الإسلامية في إندونيسيا وتذكر أنه المُهاب والذي يُحسب له ألف ومليون حساب ولم يفكر إنه أي (أوباما) رئيس أكبر قوة عُظمى في العالم وهي الآن أصبحت القطب الأوحد الذي يتحكم في كل مجريات السياسة الدولية والأمور.
لم يفكر أنه الرمز للقوة العظمى التي يهابها الجميع ويتحسبون لكل خطواتها وتحركاتها، لم يفكر أوباما أنه بإنحناءته هذه قد انحنت معه كل هيبة أمريكا للملك الذي كان لا يعرف شعبه الفرق بين الصابون والجبن الرومي ولا الفرق بين الشبشب والصندل فغير ذلك كان الحفي وتقشف الأقدام إلى أن جاءهم الفرج بالبترول الذي أخرجهم من خيامهم البالية وأسكنهم أعظم ناطحات السحاب وأفخم القصور وصاروا من أغنى أغنياء العالم، لم يعرف أوباما أنه قد جذب معه كل كرامة الأمريكان بإنحناءته الممقوتة هذه مهما كانت مبرراتها من طرفه.
لكنه فقد كل شعبية ومحبة كان قد إكتسبها من قبل حملته الإنتخابية وأثناءها وبعدها من الأمريكي الأبيض والأسود على حد سواء لأنهم قد كرهوا بوش وسياساته الحمقاء وإخفاقاته في السياسة الخارجية والداخلية، وجاءت له الأقدار بالفرج لكى يسترد شعبيته بمعركته الحامية أمام القراصنة الإسلاميين الصوماليين وهم قد إقتادوا القبطان الأمريكي وإحتجزوا سفينته مطالبين بفدية قدرها مليونان من الدولارات، بمساندة ومباركة مجنون ليبيا المعتوه الذي أنكر أي وجود للمسيحية كدين سماوي أو المسيحيين في المسكونة، وكأنه يعيش في خياله المريض فقط ملك ملوك أفريقيا والحاكم بأمر الله بأسلمة كل مسيحيين العالم وجعلهم مسلمين موحدين بالله ويجب عليهم حج البيت أيضاً، تحاور وتناور أوباما مع الإرهابيين القتلة صعاليك العالم لمدة خمسة أيام كاملة وكل ما فكر فيه أنه قد اكتسب حبهم وولائهم له بالإنحناءة الممقوتة أمام ملك المسلمين السعودي، لم يعرف أوباما أنه يتعامل مع أوغاد قتلة لصوص وقاطعي طرق وقراصنة، فمهما انحنى ولو حتى أمام كل روؤساء وملوك العالم الإسلامي كله لن يغير هذا من طبيعتهم الشرسة وحبهم وولعهم للقتل والقرصنة والتمتع بالكر والفر كما ورثوها من السلف الصالح.
وأخيراً عرف أوباما كلمة السر وتيقظ وعلم أن النمر لا يستطيع أن يغير رقطه ولا الكوفي أن يغير جلده، وأمر باستعمال الرصاص ولا شيء غيره وتمت العملية بنجاح وتم قتل ثلاثة من القراصنة الخاطفين والقبض على الرابع لتنتهي أسطورتهم المرعبة أمام سواحل الصومال لكل سفن العالم الآمنة المبحرة في المياه الدولية بكل أمان.
وعندها عرف أوباما أنه مهما انحنى أمام الملوك المسلمون والرؤساء لن يعفيه من إرهاب شعوبهم من القلة والسُفهاء، وتعلم الدرس أن هنالك فرق كبير بين معاملة الملوك الصعاليك وبين معاملة الملوك ومن ورائهم من صعاليك...
مش كده ولا إيه
شفيق بطرس