أ-د-نادر-نور-الدين-محمد
هل حصل الوزير على تفويض من الدول العربية بالشراء بالنيابة عنها؟!، وهل ستضحى هذه الدول بتوازن علاقتها مع الدول السبع الكبار المصدرة للقمح من أجل أوهام الوزير؟
مازال وزير التموين ماضياً فى وهمه ونقص علمه بنظم البورصات والتجارة العالمية فيما يخص مشروع ما يسميه على غير الحقيقة بالمركز اللوجيستى العالمى للغلال!! أولاً ما هو معنى العالمى؟! وما معنى اللوجيستى فى ميناء إعادة تصدير بفرض أنه جائز؟ ولنوضح عدم علم الوزير بالأسواق العالمية مقابل علم كاتب صحفى قدير، فيقول وزير التموين فى محادثة تليفونية مع الإعلامى إبراهيم عيسى إنه من غير المقبول أن تكون مصر أكبر دولة مستوردة للقمح ولا يكون لها رأى فى أسعار القمح فى البورصات العالمية؟ فيجيبه الأستاذ عيسى بأن البائع هو الذى يحدد الثمن وليس المشترى، ومثال ذلك أن منظمة «الأوبك» هى التى تحدد أسعار البترول فى العالم وليس الدول المشترية وإلا كانت الصين والهند واليابان أكبر مستوردى البترول فى العالم هى التى تحدد أسعار البترول.
وهنا بُهت الوزير لأنه لا يدرى مقولة هنرى كينسجر بأن أمريكا تزرع القمح كغذاء وسلاح تستخدمه وقت اللزوم، وعلى الوزير أن يرى موقف أمريكا حالياً ومعها دول الاتحاد الأوروبى فى فرض حظر تصدير الغذاء إلى روسيا أم يظن أن مصر أقوى عالمياً من روسيا؟ وهو بهذا يمكن أن يتسبب فى تجويع الشعب المصرى إذا مارفضت أمريكا والدول المصدرة للقمح لمصر حتى يفيق الوزير من أوهامه أن بإمكانه فرض سعر إذعان على البائعين للقمح وهو نفس فكر باسم عودة الوزير السابق فى استيراد القمح.
يستمر الوزير فى المجادلة بغير علم فيقول إننا سنستورد القمح بشراء جماعى!! بالجملة يعنى وكأن البورصة العالمية بها أسواق للجملة وأخرى للقطاعى أو كأن البورصة العالمية شخص بعينه يمكن أن ندخل معه فى مفاوضات دون أن يدرى الوزير أن البورصة «شخصية اعتبارية» تحدد أسعار القمح بناء على حجم إنتاج الدول المصدرة ثم إنتاج الدول المستوردة وموقف الدول المكتفية ذاتياً خاصة الكثيفة السكان مثل الصين والهند وباكستان وبنجلاديش وهى تمثل نصف سكان العالم ودخول أى منها إلى أسواق شراء القمح يمثل كارثة سعرية يمكن أن يخرب اقتصاديات دول صغيرة مستوردة للقمح مثل مصر واليمن والمغرب.
بالإضافة إلى ذلك فهل حصل الوزير على تفويض من الدول العربية بالشراء بالنيابة عنها؟!، وهل ستضحى هذه الدول بتوازن علاقتها مع الدول السبع الكبار المصدرة للقمح من أجل أوهام الوزير؟ والأغرب أن وزير التموين لا يعرف طريقة شراء وزارته للقمح عن طريق «المناقصات العالمية» أى أن مصر تنشر فى وكالات الأنباء حاجتها مثلا إلى استيراد نصف مليون طن قمح من المناشئ المعروفة على أن يكون الوصول للموانىء المصرية بعد شهر ونصف الشهر، حيث يتم حساب هذه المدة على أساس أسبوعين تعاقد وأسبوعين شحن وأسبوعين إبحار للسفن
فأين إذن هذا التفاوض الذى يتحدث عنه وزير التموين؟! وهل يدرى الفرق بين المناقصة والممارسة؟! هل رأيتم أى تفاوض فى فتح مظاريف المتقدمين للمناقصة المصرية لشراء القمح ينطبق عليها قول الوزير بالشراء بالجملة؟! ثم نأتى إلى الأمر الأهم هل حصل الوزير على موافقة أمريكا مثلاً كأكبر مصدر للقمح أو أستراليا وكندا وفرنسا لإعادة بيع قمحهم أم سيبيعه بغير رضاهم ودوناً عن إرادتهم؟ وهل تسمح قوانين التجارة العالمية فى الاتجار بمنتجات الغير؟ هل استوردت مصر مثلاً بضائع من الصين ثم أعادت تصديرها؟ وهل تبيح قوانين التجارة العالمية ذلك؟
الغريب أن الوزير كلما قابل أى مندوب لسفارة أو شركة عالمية يصرح عقب اللقاء بالنيابة عنهم بأنهم «يرحبون» بالمشاركة فى المركز العالمى الوهمى لإعادة تصدير الحبوب؟ ولماذا لم يصرح مندوبو السفارات والشركات بذلك وتصرح أنت بلسانهم وبالنيابة عنهم؟! فالقاعدة الدبلوماسية التى تعلمناها فى الخارجية عند عملى فيها لثلاث سنوات تقول إن الدبلوماسى «لا يقول لأ أبداً» The Diplomacy Never Say No، وبالتالى فعندما اتقابل كدبلوماسى مع مسئول يطرح طلباً لدولته ونحن نعلم مقدماً أنه مرفوض فإننا لا نظهر هذا الرفض أبداً ولكننا نرحب بالطلب ونعد بعرضه على المسئولين فى بلدنا وإبلاغكم الرد الذى لن يجئ أبداً
فإذا تابع المسئول الاتصال معنا نعده بأننا سنرسل استعجال أول لطلبه ثم استعجال ثان حتى يفهم ويتوقف عن الاتصال والمتابعة، بينما نحن نعلم من اليوم الأول رفض طلبه! هذا هو الأمر ياوزير التموين وبدلاً من أن تتحدث بالنيابة عنهم أجعلهم لو كنت صادقاً أن يصرحوا بأسماء شركاتهم ودولهم بموافقاتهم.
أأطرح على وزير التموين مناظرة علنية فضائية أو إعلامية ترعاها أى صحيفة حول هذا الأمر ونترك بعدها الأمر للمتخصصين والمسئولين للحكم فى المشروع الدولى للغلال المهدر للأموال المصرية.
نقلأ عن الدستور