الأقباط متحدون - نظرية «ثلاثة إلاَّ خمسة»
أخر تحديث ٠٣:١٧ | الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٤ | ٧كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نظرية «ثلاثة إلاَّ خمسة»

محمود عمارة
محمود عمارة

 أول درس تعلمناه فى «السوربون» سنة 92، من أستاذ فرنسى أصله بولندى، من اليساريين المحبين للعرب، المناصرين لحقوق الشعب الفلسطينى، ويعرف عن ثقافتنا أكثر مما نعرفه.. فى «السيكشن» كنا 19 عربياً (جزائريين - توانسة - مغاربة - سعوديين - يمنيين - وأنا المصرى)، وطالبة مكسيكية غائبة.

 
الأستاذ: «بونجور».. وجلس على مقعده.. وسألنا: الساعة كام؟
 
قلنا: الساعة 3
 
قال: أى واحد فيكم هيقوم يتكلم فى «ثلاثة إلاّ خمسة» هطلَّعه بره.. لأن انتم العرب، عايزين تتقدموا وانتم ماشيين بضهركم!!
 
عشان كده دايماً تتكعبلوا، وتقعوا على دماغكم، والشماعة جاهزة: أصل أمريكا مش عايزانا نتقدم.. أصل أوروبا بتحارب الإسلام.. أصل إسرائيل هيّه السبب.. والحقيقة: انتم العرب عندكم مشكلة:
 
دايما مشغولين «بالماضى».. مناقشاتكم - حواراتكم - تعليمكم - «وثقافتكم» مغلولة بتابوهات وخرافات من العصور الوسطى، لهذا أحاديثكم وبرامجكم الإعلامية مشغولة بحواديت السحر والشعوذة، والعفاريت والشياطين.. وعاجزون عن استشراق المستقبل.. تكرهون العلم، تُحقِّرون العلماء، تتجاهلون الحديث عن «بُكرة»، وعندكم «بعد بكرة» من الغيب لا يجوز الحديث فيه!!
 
عارفين ليه؟
 
لأنكم شعوب «كسلانة»، «خاملة».. تفضلون «اللت والعجن» فى متاهات «الماضى»، لأنه لا يحتاج سوى «قاعدة» مصطبة وبراد شاى وشيشة، مع أغنية لأم كلثوم.. تقولوا المتقال، وتعيدوا المتعاد، وتروحوا تناموا.. فالكلام فى الماضى لا يحتاج إلى «إبداع»، ولا مجهود.
 
أما الحديث عن «المستقبل»، فيحتاج إلى جُهد - ابتكار - صراع أفكار - مبادرات.. و«رؤى» للمستقبل لتحويل أزماتنا إلى فُرص، وكل هذا.. «يُحفِّز»، ويدفع «للبناء».. «والبناء» يحتاج إلى الوقوف والحركة، وتشمير الأكمام، وأنتم العرب استسهلتم «الجلوس».. لدرجة أنكم تميزتم عن كل شعوب الأرض «بحجم المؤخرات».. ما تزعلوش منى.. لأن «الصراحة» عندكم بتعتبروها «وقاحة»!!
 
ولهذا تفضلون النفاق، وتعشقون الرياء، وتدمنون الكذب - حتى على أنفسكم، وليس لديكم الشجاعة لمراجعة الكثير مما وجدتم عليه آباءكم وأجدادكم وترددونه كالبغبغانات، دون إعمال للعقل النقدى المستنير.
 
تذكرت هذا الدرس القاسى الذى أوجعنى وقتها - وعلَّقته حلقاً فى أُذنى، وكررته عشرات المرات بعد ثورة 25 يناير، وكتبت بـ«المصرى اليوم» فى 14 فبراير 2011 (بعد خلع الفاسد الأعظم) بساعات، مقالاً بعنوان «دقّت ساعة العمل».. قُلت: انسوا الماضى، اقلبوا الصفحة.. اتركوا السياسة للسياسيين، والعدالة للمحامين والقضاة والمتخصصين، والأموال المهربة للخارج - تتولاَّها إحدى الشركات العالمية التى نجحت فى رد 18 ملياراً لإيران، و9 مليارات لـ بوكاسَّا وغيرهم، وبتاخد 6% مما تحصله، ولم يستمع أحد!!
 
باختصار تعالوا نتحدث عن المستقبل (بلاش الكلام فى 3 إلا خمسة) تعالوا نتحدث عن ثلاثة ونص، أربعة - خمسة - بكرة - السنة الجاية - مصر 2020، مصر 2030..
 
تعالوا نتخيَّل: ما هى صورة مصر التى نريدها فى المستقبل بعد ثورتى 25/30؟.. ما هو شكل «الحلم القومى» فى الزراعة - فى الصناعة - فى التعليم والبحث العلمى - فى الفنون والآداب - فى الرياضة - فى سياساتنا الخارجية - فى الانفجار السكانى الذى سيأكل الأخضر واليابس، ويغتال كل أحلامنا. (أكرر أن عدد سكان مصر بعد 60 سنة سيصل إلى 321 مليوناً - يساوى عدد سكان أمريكا)!!
 
تعالوا: نجمع كل «دراسات الجدوى»، و«الأبحاث»، و«المبادرات الناجحة»، «والأفكار المفيدة»، الموجودة فى المراكز البحثية العامة والخاصة، ونعيد تحديثها ومراجعة بياناتها.. لنتمكن من وضع «رؤية» لمصر الجديدة.. اتصلت بعد 30/6 بمن أعرفهم من المعدين وبعض رؤساء التحرير فى البرامج التليفزيونية، أرجوهم الحديث عن «بكرة» عن مستقبلنا، وبلاش الكلام فى «ثلاثة إلا خمسة»، ولم يستجب سوى واحد من كل خمسة!!
 
كل دول العالم التى نهضت، لم تنهض وهى غرقانة فى الماضى، مدمنة «بكاء على اللبن المسكوب».. لا تتعلم من تجارب الناجحين.. خُد مثلاً: «اليابان» بعد تدميرها بالقنابل النووية، قلبت الصفحة وبنوا اليابان - ليباهوا بها الأمم.. خُد «مهاتير» فى ماليزيا - بدون موارد، ولا ثروات، عنده 32 ديانة ومذهب، فى عشر سنين أصبح من النمور، لم يبحث عن شماعات أو حجج.. لم يقل: أصل مش لاقى وزرا ولا محافظين، أو يعترف بأن الفساد فى الزراعة للركب، وطرمخ على الموضوع أو يعلن عدم وجود سياسات زراعية.. ورايحين قال نزرع مليون فدان بدون «دراسة جدوى»!!
 
من منكم رأى «صورة» الرئيس السيسى، وسط شباب الإعلاميين، ومع شباب المبدعين، وفى عناق ذوى القدرات الخاصة، من أبطال مصر.
 
ارجع «بُص» تانى.. لصورة الرئيس مع الشباب الواعد (محمد فتحى - الدسوقى رشدى- الطاهرى- الغطريفى - رامى رضوان - إيمان العقاد - رشا علام - أحمد فايق- محمود الفقى- أسماء يوسف - سارة عبدالبارى - هبة ماهر - أسماء مصطفى- وأحمد خيرى - أحمد بدر الدين - مروة شتلة - عمرو خليل - ورامى جلال عامر). أعيدوا هذه الصورة.. تروا «نماذج» لصناع المستقبل.. «عيِّنة» تجعلك فخوراً بشباب مصر.. وغيرهم آلاف أنقياء ومجتهدون.. فى كل مجال، وعلى كل المستويات، وفى كل المحافظات.
 
(مش زى ما صورهم البعض بأنهم شوية عيال مخربين - عملاء- ومتآمرين).. للعلم (62% من عدد السكان تحت سن 30 سنة) يعنى أن هناك عشرين مليون شاب يهدوا «جبال»، يبنوا أهرامات وسفن فضاء، مبدعين- خلاقين- مبتكرين- علماء شباب تخطفهم أمريكا وأوروبا، ونحن غافلون!
 
باختصار: لا تشاهدوا، ولا تسمعوا من يتحدث فى 3 إلا خمسة، أى واحد يكلمك فى اللى فات سيبه وامشى.. غيَّر المحطة.. اقلب على موجة كوميدى.
 
صباح الخير سيادة الرئيس:
 
وصلتنى هذه الرسالة من د.مجدى أبوعلم بتقول:
 
أولاً: ربنا معاك يا ريس هتلاقيها منين ولاَّ منين، وكل واحد عايز يعمل بطل.. من ورق.. وآل كابونى القدامى بيضغطوا.. لكن إحنا وراك، وأغلبية الشعب مصدقاك.
 
ثانياً: ممكن سيادتك تبعت رسالة للأستاذ هيكل «فيلسوف الهزيمة».. تقول له: روح منَّك للَّه، انت ومبارك وكل اللى وصَّلونا إلى ما نحن فيه من 52 حتى الآن..
 
يا عالم: كفانا نبش فى الماضى وخلّونا نبص لقدام.. قرفنا.. «قرفنا» من الماضى وحواديته وشخوصه.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع