الأقباط متحدون - عفريت يناير
أخر تحديث ١٣:١٦ | الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٤ | ٧كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عفريت يناير

محمود خليل
محمود خليل

 واقعة طريفة لكنها مخيفة!.. نشر موقع «الوطن» أمس الأول خبراً يقول: إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على بريطانى وشقيقته فى محطة مترو المرج، بعد أن أبلغ عنهما أحد ركاب المترو عندما سمعهما يتحدثان الإنجليزية، وتمكن من فهم حديثهما الذى تطرق لثورة 25 يناير، والأوضاع الأمنية فى مصر، واشتبه فى أنهما على علاقة بالجماعات الإرهابية، ويخططان للاشتراك فى هجمات تخريبية داخل البلاد. وبعد استجوابهما بمعرفة ضباط الأمن الوطنى تبين عدم صلتهما بما ادعاه الراكب، وتم إطلاق سراحهما.

 
مواطن شريف عاش زخم الشهور الماضية الذى ساده مناخ تحريض على أى شخص يشتبه فى علاقته بأى أمر يمت بصلة إلى الفترة التى تقع بين 25 يناير إلى موجتها الثورية الثانية فى 30 يونيو، مناخ أدى بالمواطن العادى إلى الشك فى كل من حوله ودفعه إلى التحرك برأس «مخبر»، يجيد التلصص على أحاديث الآخرين، ويحلل بشكل سريع آراءهم السياسية، ويحدد بناء على تقييمه لهذه الآراء هل من يتحدث مصدر خطورة على أمن البلاد أم لا، ثم يقرر الإبلاغ عنه إذا أحس بذلك، فما بالنا إذا كان يتحدث الإنجليزية!. هذا المواطن ضحية إعلام «الأرجزة» و«الأراجوزات» الذى يتولى كبره إعلاميون تربوا فى أحضان الأمن، أو إعلاميون بدرجة «مخبرين» فصدّورا صنعتهم التى لم يتقنوا غيرها إلى المواطن، فأصبح «أمنجياً» هو الآخر.
 
ولعل أكبر دليل على رسوخ هذا المواطن فى علم «الأمن» -بفضل معلميه الكبار من «الإعلاميين الأمنجية»- أنه عَبَر كل الحواجز التقليدية، ولم يعد الاشتباه لديه يتأسس على مجرد إطلاق لحية، أو التعبير عن التململ عند الاستماع إلى أو ترديد أغنية «تسلم الأيادى»، المسألة تجاوزت ذلك إلى «ثورة 25 يناير»، فقد أصبح ظهورها فى كلام الناس تهمة تستحق التوقيف لدى البعض، خصوصاً إذا كان الحديث بـ«الإنجليزى»!. هذا المواطن تلميذ نجيب لخطاب إعلامى ظل يشدد ويؤكد ما يقرب من عامين على أن ثورة يناير كانت مؤامرة حاكتها أطراف أجنبية وتولى كبر تنفيذها ملايين المصريين ممن نزلوا إلى الشوارع، وفى أفضل الحالات يردد أصحاب هذا الخطاب أن «يناير» كانت موجة غضب شعبية ركبتها قوى الشر من الداخل والخارج بعد ذلك. قد أتفق مع من يقول إن هناك من حاول ركوب ثورة يناير، من منطلق أن الثورات عموماً يمتطى صهوتها الانتهازيون، لكن أن يقال إنها كانت مجرد هبّة شعبية تحولت إلى مؤامرة فذلك تعسف فى قراءة حركة هذا الشعب الذى رفع شعار التغيير والإصلاح طيلة ثمانية عشر يوماً داخل ميدان التحرير، وما زالت مطالبه بالإصلاح والتغيير متواصلة طيلة السنوات الماضية وحتى الآن.
 
«يناير» أصبحت مؤامرة فى خيال إعلاميين مرضى، أوجعهم فشلهم المزرى فى حماية نظام المخلوع، وظلوا يكتمون غيظهم حتى تعفن، وما إن واتتهم الفرصة حتى انطلقوا يبغبغون بنعت ثورة هذا الشعب بكل نقيصة، ولم يعد يتوقف تحريضهم على الإرهابيين الذين يهددون أمن هذا الشعب، بل سحبوه أيضاً على «الينايرجية»، فكانت النتيجة أن خرج هذا المواطن ليتلصص على حوار ما بين اثنين، وما إن نط عفريت يناير فى الكلام، حتى لعب فار «المواطن الشريف» فى «صدره ورأسه» فهرول يبلغ عنهما، بتهمة الحديث عن «يناير»!.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع