للشاعر والأديب فايز البهجورى
اختلاف الناس فى طريقة تفكيرهم وفى سلوكياتهم
يختلف الناس فى أسلوب حياتهم . وفى طريقة تفكيرهم . وفى نظرتهم للآخرين . وطريقة تعاملهم معهم .
فالبعض أعمل عقله ، وحقق الكثير من النجاح فى حياته .
والبعض جمّد أو ألغى عقله لحساب غرائزه وعواطفه ، ففشل فى حياته . وتأخر عن أقرانه . وظل فى قاع المجتمع .
وحينما ينظر الى الآخرين ، ويشاهد الفجوة الواسعة بينه وبينهم تهزّه " الغيرة " منهم . ويؤرّقه الحقد عليهم .
وبدلا من أن يحاول أن يتعلم منهم . ويستفيد من تجاربهم بهدف اللحاق بهم أو على الأقل الوصول الى مستوى قريب منهم ، فانه يحاول هدمهم وتحطيمهم ، والهبوط بهم الى مستواه هو ، ليتساوى هو معهم . وهؤلاء هم أغبياء القوم .
ما هى الغيرة
و"الغيرة " هى احساس داخلى عند " الشخص". ينشط عندما يرى "شخصا آخر" ناجحا فى حياته وفى أعماله . أو متفوقا عليه فى مجال منافسة بينهما .
حينئذ يقوم هذا الشخص بعمل مقارنة بينه وبين الشخص الآخر . وعادة ما تؤدى به هذه المقارنة الى " حالة الغيرة "
ويختلف الاحساس بالغيرة - فى عمقه - قوة وضعفا ، من شخص لآخر ، متأثرا فى ذلك بثقافته وعمق الفجوة بينه وبين من يغار منه .
الغيرة من منظور أخلاقى
والغيرة سلوك لا يمكن وصفه فى ذاته بأنه " سلوك سوى" أو "سلوك معيب" .
ولا يمكن الحكم عليه من منظور أخلاقى مطلق ، لأن ذلك يتوقف على عدة عوامل منها :
• شخصية الطرف الأول الفاعل فى الغيرة (وهو الشخص الغيران ) ومشاعره نحو الآخر .
• و"الموضوع" الذى تقوم بسببه الغيرة .
** فاذا كانت الغيرة من شخص نجح فيما فشل فيه الطرف الفاعل ( الغيران منه ) من منطلق الحقد عليه ، هنا تصبح " الغيرة رذيلة " .
** ولكن اذا كانت الغيرة من الشخص الناجح فيما فشل فيه الطرف الفاعل ( الغيران منه ) دافعا له لكى يحذو حذوه . ويتعلم منه . لكى يصل الى مستواه أو الى مستوى قريب منه .
هنا تصبح " الغيرة فضيلة " ، ينطبق عليها القول المأثور " حسنة هى الغيرة فى الحسنى "
وبعد هذا التوضيح، أقول لك أيها القارئ الذى لا أعرفه :
اذا حدثت منك غيرة نحو أحد الأشخاص . سبقك فى طريق النجاح أو تفوّق عليك فى منافسة بينكما.
" لا تجعل غيرتك منه حقدا عليه ".
بل اجعلها " دافعا لك لتعرف مواطن القوة فيه . وأضفها الى خبراتك . وابدأ من جديد لتلحق أنت به . وتحقق أنت ما حققه.وقد تتفوق عليه .
هكذا علمتنى تجاربى فى الحياة.
وأخيرا أهدى اليك هذا البيت من الشعر من قصيدة كتبتها فى فجر حياتى :
لا تحسبنّ زمان العلم قد ولّى
دنياك مدرسة .. والدهر أستاذ