بقلم عادل عطية
• لماذا التخلي عن طبيعتنا؟!:
نطلق على أولادنا الجانحين: جنّ مصوّر، عفريت، وشيطان!
ونطلق على كل طيب عطوف: ملاك!
والبعض يقول عن نفسه: لست ملاكاً ولا شيطاناً!
وفي كل هذه التعبيرات، نهرب من صفتنا الإنسانية؛ حتى نسيناها، ونسينا أنفسنا!...
• زي الناس!
يسأل الأطفال في براءة، الكثير من الأسئلة المحرجة.. فتقمعهم كلمات الأهل: عيب يا ولد.. إخرس...". يكبرون، وتكبر معهم الأسئلة المسكوت عنها، وتكبر أكثر وأكثر مؤسسات القمع؛ لتجبرهم على أن: يتكلموا "زي الناس"، ويسألوا "زي الناس"، ويعملوا "زي الناس".. وكأنهم ليسوا في الأصل من الناس!
• .. ومسخناه رجلاً:
من أقسى الكلمات وأخطرها على فكر الطفل، أن نقول له بسخرية كالشتيمة: "خليك راجل"!..
فحين يسمعها بغزارة في البيت، وفي الشارع، وفي المدرسة؛ يشتعل في عقله الطموح، ونجبره على محاولة أن يكون كبيراً قبل أوانه!
ولأنه لا يستطيع أن يزيد على قامته ذراعاً واحداً؛ فانه يكبر في خياله، الذي أصبناه بمرض: "التقمص"، فيقبل على التدخين، وعلى مطاردة الفتيات، وفي بعض المجتمعات، يتزوج عرفي، كا ويستقوي على خلق الله!...
• الأبالسة الجدد:
تعودنا أن نطلق على الطفل الذكي النابغة، اسم: عفريت.. أو: شيطان من تحت الأرض!
فإذا شب هذا الطفل عن الطوق، وصار رجلاً: مسئولاً، مسنوناً، مسنوداً..؛ صرخنا في وجهه: "فين الإنسانية؟!.."، "ما عندكش خير؟!.."، "ما فيش رحمة؟!.."...
وربما يسأل نفسه بعد أن نتركه، قائلاً: "يعني أيه: إنسانية، وخير، ورحمة؟!.."!...
• الأم مدرسة الحكومة:
كم من أم تهدهد طفلها، وتغريه بالنوم على وقع أنغام صوتها:
"يارب تنام.. يا رب تنام؛ حتى أذبح لك طير حمام"!
فإذا نام صغيرها، فكيف يأكل الحمام؟!..
هذا إذا وجدت الأم الحمام، وذبحته، واستطاع وليدها في هذه السن الصغيرة أن يأكله!...
وكم من أم تلتجيء إلى الحكايات الخرافية المرعبة، التي أبطالها: العفريت، والبعبع، والعو، وأبو رجل مسلوخة؛ لكي يحتمي صغيرها بأحضان النوم؟!..
هذا الأسلوب الأمومي؛ تعلمته، وتمارسه، حكومات، عدة، متعاقبة..
فما أكثر وعودها الكثيرة التي لا تتحقق!
ومن ينتبه إلى حكاية "فرخي الحمام"، ويقول: "قديمة".. عليه في هذه الحالة أن يجابه: الكائنات المرعبة!...