الأقباط متحدون - محاكمة القرن أم محاكمة الفرن
أخر تحديث ١٣:٢٤ | الاربعاء ٣ ديسمبر ٢٠١٤ | ٢٤هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٠٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

محاكمة القرن أم محاكمة الفرن

 حنا حنا المحامى
شرع الله ثم الانسان العقوبه جزاء لاى فعل يخالف العرف أو الناموس أو القانون.  أى أن كل إنسان على وجه الارض عليه أن يلتزم بأحكام القانون سواء المكتوب أو العرفى.  وذلك يعنى أن الخطأ أو الجريمه إذا تم ارتكابهما أو أيا منهما ولم يجازى مرتكب هذا الخطأ, فإنه لن يكون عبره لغيرة أو حتى عبرة لنفسه حتى لا يعاود ارتكاب هذا الخطأ.

فمنذ بداية الخليقه حين عصى آدم أمر الله فى ألا يقرب شجرة معرفة الخير والشر, وعصى أوامر الله كانت النتيجه أن طرد آدم وحواء من الجنه فورا.  وقبل أن يطردا من الجنه شعر كل من آدم وحواء أنهما عريانان.  وهذا الاحساس لم يكن يراودهما من قبل لانهما كانا فى غاية الطهاره والعفه والنقاء سواء فى السلوك أو فى الفكر.  ولكن فاجأهما هذا الاحساس لان الخطيه قد دخلت إلى فكرهم ومن ثم إلى حياتهم.

وهكذا جبلت البشريه: لكل خطأ جزاء وهذا الجزاء يتكافأ مع العمل أو الخطأ المرتكب.  فمثلا حكم الاعدام يكون بسبب القتل.  أى كما أن الجانى قد حرم المجنى عليه من الحياه كذلك يتيعين أن يحرم هو أيضا من الحياه.  ومن هذا قيل الجزاء من نفس العمل.

وفى الماضى القريب عقب الحرب العالميه الثانيه قضى على مجرمى الحرب الالمان بالاعدام.  ونفذ فيهم حكم الاعدام جميعا عدا هتلر الذى كان قد نفذ فى نفسه حكم الاعدام.فى مكان لا يعرفه أحد.

خلاصة القول أن كل عمل يخالف الصحيح فى العرف أو القانون لايد من أن يوقع على فاعله عقوبه.

وقد تختلف العقوبه حسب نوع أو درجة الخطأ المرتكب.  فعقوبة الطالب تختلف عن عقوبة المدرس.  الطالب الذى لا يؤدى واجبه يمكن أن يرسب أما المدرس الذى يخطْئ فعقوبته تتناسب مع الخطأ شأنه شأن أى إنسان آخر.

فى ظل تلك الحقائق المجرده يتعين أن ننظر إلى حكم المحكمه الجنائيه بشأن الحكم الصادر ضد الرئيس السابق حسنى مبارك وأنجاله علاء وجمال.

صدر حكم القرن أو حكم الفرن ببراءتهم جميعا من التهم المنسوبه إليهم.  ومن الغريب أن بعض هذه الجرائم قد سقطت بالتقادم.  ما شاء الله.  يحيا العدل.  وبصفه مبدئيه هل التقادم هذا يعتد به؟  إذا كان لاى إنسان سلطة الحكم وارتكب أى جريمه وطبعا لم يحاكم عليها أو يعاقب بشأنها أليست مدة السلطه تكون مانعا لاحتساب مدة التقادم بحسبانها مدة تخرج عن نطاق التقادم حيث أن الجانى هو من له سلطة تطبيق القانون فى نفس الوقت؟ وإذا كان القانون لم ينص على ذلك ألا يكون من الاجدى تطبيق مبادئ العداله بحسبان أن مده الرئاسه تقطع التقادم؟

ثم إن الاحكام الجنائيه تصدر بشأن الجرائم العاديه التى ترتكب فى حق المجتمع طبقا لقانون العقوبات.  ولكن الجرائم التى ارتكبت جرائم فى حق الشعب بسبب استغلال السلطه والنفوذ والانحراف عن مقتضيات حماية مصالح الشعب وليس استغلاله.  ما حكم تزوير الانتخابات؟  ما حكم استغلال النفوذ بواسطة علاء مبارك الذى كان يدور على كل أصحاب الاعمال ليفرض نفسه شريكا فى رأسماله؟  أليس هذا استغلالا للنفوذ فى ابشع صوره؟  كلنا يعرف كيف أن علاء مبارك طلب من وجيه أباطه أن يشارك أباطه فى توكيل بيجو "جدعنه". 

  فكان أن حصل أباظه على دعوى فى حفل فيه مبارك وشرح له أن ابنه علاء يريد أن يفرض نفسه شريكا عليه.  فما كان من حسنى مبارك إلا أن قال له "إعتبره إبنك يا أخى".  ونعلم أن أباطه توفى بعد ذلك بمده وجيزه حزنا على شقاء عمره الذى راح هباء أو كاد.  هل هذا الجرم تقادم؟   لان الجانى رئيس جمهوريه؟  أو إبن رئيس جمهوريه؟

إن مثل هذه الجرائم لا تقع تحت حصر.  ولكنها جميعا سقطت بالتقادم.  يحيا العدل.  إن إساءة استعمال السلطه ليست جريمه جنائيه.  لان استغلال النفوذ ليس جريمه جنائيه.  لان الكسب غير المشروع ليس جريمه جنائيه وإن كان جريمه جنائيه فقد سقطت بالتقادم أو  لان سلطة المالك "أنا والطوفان من بعدى" ليست جريمه جنائيه.  لان بلايين الاموال التى هربت من مصر ليست جريمه رجالى لان الجرائم المعاقب عليها هى التى يرتكبها الرجال فقط.

وبعد.  لقد صدر الحكم ببراءه مبارك وذويه من أى جريمه جنائيه لم تتقادم.  وهنا يثور التساؤل: هل حسنى مبارك كان رئيس جحمهوريه أم كاتب درحه ثامنه؟  أنصفونا ينصفكم الله وارحموا عقولنا يرحمكم الله.  لقد صدر الحكم ببراءة مبارك وأولاده من جريمة قتل المتظاهرين.  هل بذلك انتهى الامر وتوته توته فرغت الحدوته؟

يطالب الملايين من الشعب بمحاكمة مبارك وأولاده سياسيا.  وهنا يثور التساؤل:  هل هذا الشعب جاد أم غير جاد؟  له كيانه أم ليس له كيان أو اعتبار؟  هل له حق أم ليس له هذا الحق؟  أم كل جرائم مبارك وذويه سقطت بالتقادم؟

يقول –لامؤاخذه- الكتاب المقدس:  "مذنب البرئ ومبرئ المذنب كلاهما مكرهة عند الرب".

وأخيرا وليس آخرا:  لك الله يا مصر.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter