نانا جاورجيوس
يتداول البعض فيديو للشيخ أحمد ديدات يقول فيه ما نصه:{إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها}«1كو11: 6» ! في الحقيقة لا أعرف لماذا هذا الشيخ لم يفتح الإنجيل ليقرأ نص الآية كاملة والتي إقتصها من سياق الآيات ليستشهد بها؟!. لو فعلاً قال الإنجيل هكذا نكون أمام كارثة حقيقية و نصير أمام نفس ثقافة الجاهلية لبدو جزيرة العرب والتي نجترها الآن بشدة و نعيش مأساتها في المجتمعات العربية.!
فالآية كاملة تقول:{ وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إِذِ الْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ}«1كو11: 6» فالآيات تبدأ بـ ((كل إمرأة تصلي أو تتنبأ...)) والتنبؤ هنا معناه الوعظ أو التعليم داخل الكنيسة، أي وهي« تعظ».. إذن الآية توصينا بتغطية الرأس في حالة الصلاة أو التنبؤ و خدمة التعليم للمرأة «داخل الكنيسة». وحتى الآن تحرص المرأة المسيحية على تغطية شعرها أثناء صلاة القداس أو أي صلوات وإجتماعات داخل الكنيسة.
لو رجعنا للآية «4» لنفس الإصحاح و الخاصة بتوصية الرجال نجده أيضاً يتكلم عن غطاء الرأس للرجل وأنه يشينه أثناء الصلاة، فهي وصية للرجل ولكنها أيضاً (( في حالة الصلاة فقط)):{ كُلُّ رَجُل يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ، يَشِينُ رَأْسَهُ.} فمن يتخذ الآيات الخاصة بالمرأة فقط
كذريعة على أنها أمر بحجاب المرأة خارج الكنيسة فبكل تأكيد هو إنسان كاذب وغير أمين، يعمم فرضية غائبة ليبرر ذكوريته هو وبنظرته المتعصبة ضد للمرأة ليعمم عبوديتهم للمرأة!!
أيضاً في الآية 13لنفس الإصحاح يؤكد أن هذه الوصية تخص حالة الصلاة فقط، فيقول:{ احكموا في أنفسكم هل يليق بالمراة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة.} من الآيات نستدل على أنه لا وجود لهذا لحجاب إلا في عقول الذكورة المملوئة عورات، وليس كل غطاء للشعر يقال عليه" حجاب" وبالمناسبة هي لفظة إسلامية بحتة تخص المرأة المسلمة تحت شريعتها.
*** لنرى الهدف من غطاء الرأس أثناء الصلاة، وهل هو نفس الهدف لإرتداء الحجاب خارج المسيحية و هل الرجل في المسيحية ينظر لشعر المرأة على أنه عورة كما يُنظر لها في الديانات الأخرى خارج المسيحية؟!
بالتأكيد الإجابة لا.. لأن المسيحية شريعة الكمال التي إكتملت فيها صورة الإنسان لينشد فيها الكمال الروحي سواء للرجل أو المرأة،حتى صاروا صورة الله، فالمسيح حررنا من العبودية{ فإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا}«يو8»، وجعلنا خليقة جديدة به وفيه« 2كو5: 17» فكيف للخليقة الجديدة و بروح جديدة أن تعود لعبودية الفروض؟!
وليست المرأة في شريعة الكمال أقل من الرجل كي يحتقرها ويراها عورة، فالكتاب المقدس يدعوها « معينة نظيره»«تك2: 18» فهما متساويين أمام الرب:{ ليس ذكر و أنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع}«غلاطية3: 28» في نفس الإصحاح الذي أوصى بغطاء شعر المرأة أثناء
الصلاة يقول عن شعرها أنه{ مجد لها} فهو وصف يرفع قدر المرأة لمصاف الملكات المكللة بتاج العزة والفخر و ليس العورة الخزي كي تخجل من شعرها وتصير كالمحلوقة شعرها سواء، فيكمل بولس بقوله:{أَمْ لَيْسَتِ الطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا، لأَنَّ الشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا عِوَضَ بُرْقُعٍ}«1كورنثوس11: 14- 15» فلماذا ذكر بولس هذه الآيات لأهل كرونثوس تحديداً أثناء بشارته؟ لأنه في الثقافة اليونانية القديمة يعبدون الأوثان في معابد الوثنية وكانت المرأة الوثنية شبه عارية في معابد،
تخدم وتمارس طقوس البغاء، وكانت خادمات وعاهرات هذه المعابد حليقات الرأس ليتميزن بأنهن خادمات هيكل الأوثان، فحليقة الرأس في الثقافة اليونانية وأهل كرونثوس هي من فقدت مجدها وعزتها لهذا اوصى بولس بتغطية الشعر في الصلاة بدلاً من حلقه..وكما قال (وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ....؟)«2كورنثوس6: 16» فإن كانت المسيحية تعتبر شعر المرأة تاج مجد وعزة وكرامة وأكليل ملكة متوجة بشعرها فوق رأسها،
عوضاً عن البرقع، فبأي منطق يقول مدعي الحجاب، أن الإنجيل أمر بوضع الحجاب فوق تاج مجدها. شعرها الذي هو مجد طبيعي منحه لها الله ؟!!
وإن كان الشعر تاج مكلل فوق رأس المرأة، فبإي حق للرجل أن يسلبه منها ليرى تاجها عبارة عن عورة يثير شهواته و غريزته البهيمية؟!
*** الراهبات فقط هن من يرتدين غطاء الرأس «الدائم» خارج الكنيسة والأديرة وداخلها لأجل الصلاة أيضاً وليس لأنهم يرون شعورهن عورة، بل لأنهم في حالة صلوات دائمة سواء داخل الكنيسة أو بأديرتهن أو خارجها.فالراهبات قد تم صلاة الجنازة عليهن أي ماتوا عن العالم وأصبح
ردائهم «تكفين لهم كالموتى» وأصبحوا لا يشتهون شيئاً من العالم ولم يغطوا شعورهم لأنه يسبب أزمة وثير غرائز الرجال في الشوارع، فهذا المفهوم غير مسيحي، فالراهبات حتى وهم في عزلتهم داخل الأديرة يغطون شعورهم فيما بينهم و في صلواتهم وخلوتهم مع الرب.
أو ماذا عن الرهبان من الرجال الذين يرتدون نفس الغطاء للشعر، هل هم أيضاً يرتدون حجاباً لأن شعورهم عورة؟! وهل نستطيع مقارنة المرأة المحجبة بغطاء الرأس و رداء الرهبان الرجال؟!! إذن الهدف من غطاء الرأس في المسيحية هو للصلاة وليس لأن شعر المرأة عورة.
أما لماذا تغطي المرأة شعرها« تاجها» في الكنيسة؟ لأن السيد المسيح هو ملك الملوك الذي نخضع ونسجد أمامه ونخلع تحت قدميه تيجاننا و أكاليل مجدنا،علامة على« الخضوع لسلطانه وملكه على قلوبنا وأرواحنا» وعندنا مثال واضح نمارسه في حياتنا العامة وهو عندما تدخل أي رتبة عسكرية على ملك دولة فإنه يخلع الكاب أو ما يرتديه فوق رأسه إحتراماً للملك وخضوعاً لصولجان ملكه وسلطانه، فما بالك أننا نقف سواء رجل أو إمرأة أمام ملك الملوك ورب الأرباب؟!
ولأن شعر المرأة هو تاج مجدها، يجب أن تغطي مجدها بدلاً من أن تحلقه أثناء صلاتها أمام ملك الملوك الذي هو تاج مجدنا الحقيقي. حتى أن الملائكة الكاروبيم والسيرافيم ذو الستة أجنحة أمام العرش، يقول إشعياء النبي«6» أنهم يغطون وجوههم بجناحين أمام الله. كما أن الأربعة
والعشرين شيخاً الذين أمام العرش يخلعون أكاليلهم ويطرحونها أمام الجالس على العرش كما يقول سفر الرؤيا: { وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ}«رؤيا4» فخلع التيجان والأكاليل للرجال وتغطية النساء لشعورهن امام الله وفي حضوره هو إحترام وخضوع للحضور الإلهي في الكنيسة وإعلان لقدسية و مكانة الله في الإيمان المسيحي.
*** والسؤال: هل العذراء مريم إرتدت الحجاب؟!وهل كل غطاء يوضع على الرأس هو حجاب أو نقاب؟!
أولا لفظة حجاب هي لفظة غير مسيحية لا وجود لها بالكتاب المقدس . فالحجاب يخفي الشعر والرقبة للمرأة غير المسيحية ولا يظهر إلا تقاطيع وجهها فقط، بينما ما إرتدته العذراء هي «طرحة للرأس »مع وضوح شعرها الأمامي تماما كما تظهر في الصور والأيقونات، مع عدم تغطية
رقبتها.
بالإضافة إلى أننا نجد صور كثيرة وأيقونات للسيدة العذراء وهي بشعرها بدون طرحة الرأس. هذا لأن ما إرتدته العذراء هو أزياء عصرها مثل باقي نساء اليهود في ذلك الوقت، و بحسب ثقافتهم. فلم يكن أبداً حجاباً والذي لم يظهر ولم يدخل لأوطاننا العربية إلا مع المد الوهابي السلفي في أواخر سبعينيات القرن الماضي! ونسألهم فماذا عن المرأة المسلمة قبل أن يكتشفوا لها فجأة أن هناك حجاب او نقاب لم ترتديه طيلة 1400 سنة
،قبل ان تفرضه السعودية ودول الخليج على المرأة العربية؟! ولماذا بنات ملوك و أمراء السعودية ودول الخليج لا ترتدي هذا الحجاب أو النقاب، بل يرتدين أحدث صيحات الموضة خارج بلدانهم؟! وهل الطهارة تختصرها قطعة قماش فوق الرأس؟! وإلا كانت كل اليهوديات زمن العذراء
أطهار ! ولو كان هناك حجاب مفروض دينياً على اليهوديات!
وكيف إذن مسحت المرأة الخاطئة« ساكبة الطيب» على أقدام المسيح ومستحتهم بشعر رأسها؟! ألعل كشف الشعر حرام بحسب منطق هؤلاء الذكور من مدعيي فرض الحجاب ؟! أو ألعل السيد المسيح لم يكن يعلم جيداً الإيمان اليهودي و يعلِّم في الهيكل وأسس لنا إيماننا المسيحي، فكان أولى به أن يفرض الحجاب على أمه؟! ومع هذا لم ينتهر المسيح المرأة الخاطئة ساكبة الطيب ولم يأمرها بتغطية شعرها، بل غفر لها خطاياها وقال لها اذهبي بسلام إيمانك قد خلَّصكِ«لوقا7»
*** السيد المسيح لم ينظر للمرأة اليهودية و أنها عورة ولا غطائها لشعرها كان حجاباً دينياً مفروضاً بل لام وعنف العين الشريرة للرجل « عين الشهوة والرذيلة» . لأن الأصل في الخطية هو شهوة العين وليس جسد المرأة بخطية لكل يوصم بالعوار، لهذا العين البسيطة لا ترى المرأة « فتنة» كما يدعوا قادة الذكورة في المنطقة العربية!. هذا شدد السيد المسيح على عثرة العين وشهواتها موجهاً كلامه للرجال:{ إِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ
فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ} «متى 18: 9») {إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ} « متى 5: 29» { إِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ
مَلَكُوتَ اللهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ} «مرقس 9: 47» لأن{ سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ؟!}«متى 6: 22، 23؛ لوقا
11: 34-36» رب المجد يسوع طالبنا بنظرة العين البسيطة لا الشهوانية، والإنجيل خصوصاً رسائل بولس الرسول أكد فيها على حشمة المرأة المسيحية لا بإرتداء حجاب بل بتقوى الله وبأعمال صالحة: {وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ} «2تي2: 9- 10»
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع