الأقباط متحدون - لماذا اندفع لطفى الخولى نحو اشتهاء الموت؟
أخر تحديث ٠٥:٥٣ | الاثنين ١ ديسمبر ٢٠١٤ | ٢٢هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٠٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا اندفع لطفى الخولى نحو اشتهاء الموت؟

د. مراد وهبة
د. مراد وهبة

إثر الانتهاء من «إعلان كوبنهاجن» فى ٣٠ يناير ١٩٩٧ عاد الوفد المصرى إلى القاهرة ليواجه عاصفة من الاتهامات بالخيانة والعمالة معاً فى الصحف والفضائيات، إلا أن لطفى الخولى لم يكترث فى البداية بتلك العاصفة بل راح يروج لفكرتى التى أعلنتها فى كوبنهاجن ومفادها أن الشرق الأوسط محكوم بثلاث أصوليات دينية: يهودية ومسيحية وإسلامية، وأنه ليس فى الإمكان التحرر من تحكمها إلا بتأسيس تيار علمانى. وفى حينها طلب منى لطفى أن أفصَل القول فى هذه الفكرة وأكتبه فى مقال لنشره فى الأهرام، وقد كان، إلا أن المقال لم ينشر فاستفسرت فأخبرت بأن المقال كان معداً للنشر إلا أن الديسك رفض نشرها.

والديسك هو الاسم الذى يطلق على «سكرتارية التحرير المركزية». والمفاجأة هنا أن لطفى نفى علمه بهذا الذى أتحدث عنه وكأنه لم يهاتفنى أو يطلب منى الإسراع. وأظن أن هذا النفى يشى ببداية «فرملة لطفى» إلا أن الفرملة أصابتنى وأدت إلى دفعى إلى الصمت. ففى يوم الثلاثاء وفى الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر بتاريخ ٩/٦/ ١٩٩٨ التقى الوفدان المصرى والإسرائيلى بالرئيس الأسبق حسنى مبارك. وقبل بداية الجلسة همس لطفى فى أذن الرئيس وبعدها قال: سيادة الرئيس... معنا فى هذه الجلسة الدكتور مراد وهبة.. كان يسارياً ثم أصبح ليبرالياً.

وعلق الرئيس قائلاً: «أنا لا أنشغل بمثل هذه الألفاظ، فأنا رجل عملى. أرتبط بالواقع وليس بأى شىء آخر غير الواقع». ولم أعلق. فقد فهمت أن صمتى من مقتضيات الجلسة. وبعد فترة وجيزة من ذلك اللقاء قال لى لطفى: «هل تعرف لماذا لا أستكتبك فى صفحة الحوار القومى؟، وهى الصفحة التى كان يشرف على تحريرها بجريدة الأهرام، لأن نشر مقال لك كفيل بغلق الصفحة فى اليوم التالى». ثم أضاف قائلاً: برجاء التزام الصمت فى اجتماعاتنا مع الوفد الإسرائيلى، وقد كان.

وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى يناير ١٩٩٨ ازداد الضغط على «الفرملة». كان من عادة الرئيس مبارك عند افتتاح المعرض أن يلتقى المثقفين. وفى لقاء ذلك العام قال الرئيس:

«أطلب من لطفى الخولى أن يشرح لنا معنى التطبيع الثقافى». وإذا بالقاعة تصاب بزلزال من الهجوم على لطفى لإجباره على الصمت. وهنا انفعل الرئيس قائلاً: «الله.. دانتو يظهر عاملين حزب وأنا معرفش».

وفى ٥ فبراير من عام ١٩٩٩ مات لطفى الخولى الذى كان دينامو «تحالف كوبنهاجن» متأثراً بصمته إزاء لفظ «التطبيع الثقافى»، لأن توارى ذلك اللفظ يعنى توارى التحالف. ولكن اللافت للانتباه، هاهنا، أن البند الثالث من المادة الثالثة من معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل المنعقدة فى ٢٦ مارس سنة ١٩٧٩ بواشنطن تنص على الآتى: «يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التى ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية». وقد عادت بالفعل العلاقات الطبيعية المطلوبة باستثناء «العلاقات الثقافية» أو بالمعنى الشائع استثناء «التطبيع الثقافى».

وفى لقائنا مع شيمون بيريز فى ٢٣ مارس ١٩٩٨ فى المبنى المخصص لمكاتب رؤساء الوزراء السابقين قال فى بداية اللقاء: «إن الاقتصاد فى مصر تحسن بعد المعاهدة فلماذا هذا العداء لإسرائيل؟».

والسؤال بعد ذلك:
لماذا «التطبيع الثقافى» ممتنع لدى المثقفين العرب إلى حد الهوس الذى يفضى إلى محاصرة كل مَنْ يجرؤ على ممارسة «التطبيع»؟
نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع