الأقباط متحدون - حب من آخر نظرة!
أخر تحديث ٠٠:٥٩ | الخميس ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٨هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حب من آخر نظرة!

قصـة: عـادل عطيـة

دخل إلى حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي. قرأ: "اشخاص قد تعرفهم". وجد أيقونة بلا وجه، تشير إلى اسم نسائي، عرّفت، صاحبته، نفسها: "كاتبة قصصية". ولأنه يشاركها نفس المشاعر القلميّة؛ طلب منها قبول صداقته. كان القبول مشروطاً: "الصوت والصورة يمتنعان"!

فكانت لوحة المفاتيح، وأصابعهما التي تمشي عليه، هي الوسيلة الوحيدة للتواصل، وتبادل رؤيتهما الفكريّة، والقلمية!
ذات يوم كتبت له هذه الرسالة: "انني في الغد عند الساعة السابعة مساء، سألتحق بالطائرة المتجهة إلى استراليا، كمهاجرة، واتمنى أن أراك في استراحة المطار عند الساعة الرابعة بعد الظهر؛ لنتمكن من الحديث معاً خلال هذه الساعات. أنا سأعرفك من صورتك، وان كنت أقترح وضع صحيفتنا الاسبوعية المفضلة على الطاولة أمامك؛ حتى أتمكن من الوصول، بيسر، إليك".

كان الوقت لا يزال مبكراً عن موعد اللقاء، فجلس إلى الطاولة، ووضع أمامه الصحيفة الاسبوعية الثقافية، التي يتصادف يوم صدورها مع يوم سفر صديقته التي رافقته على درب الشبكة العنكبوتية!
طلب فنجاناً من القهوة المضبوطة، ومع أول رشفة، راح يتخيل شكل وملامح التي سيلتقيها بعد دقائق ـ وهو الذي لم يرى صورتها، ولا سمع صوتها من قبل ـ.

"شكل وملامح !".. ما هذا التفكير؟!. هكذا قال مستدركاً، ليكن منظرها ما يكون؛ فجمال النفس، والروح، والإبداع، لا يضاهيه جمال الجسد، ولا يمنعه الحرمان منه.. ألا يتجلى ذلك في فيروز، سفيرتنا إلى النجوم؟!..، وألم يتأكد لنا ذلك في كوكب الشرق أم كلثوم؟!..

أرتشف قليلاً من القهوة، وهو يسأل نفسه الأمارة بالخيال: يا ترى هل هي متزوجة؟.. انها لم تشأ يوماً أن تخبرني عن هذا الأمر!.. ولكن ـ قالها معترضاً على اقتحام هذا السؤال على فكره ـ: هل الزواج هو الوسيلة الوحيدة للارتباط الأبدي بين أثنين على علاقة ما؟!..
أليست الأبوّة والأمومة، إرتباط؟!.. أليست الأخوّة، إرتباط؟!.. أليست الصداقة، إرتباط؟!..

وبينما هو منهمك في تصوراته من جهتها، إذا بصوت هادئ، يقول له، مستفسراً:   " أستاذ ماهر؟..".
أنتفض واقفاً، وهو يقول لها: "أنتِ، بالتأكيد، الأستاذة سوسن!".
ما كاد ينطق باسمها، حتى استفاق على سيدة يبدو على ملامحها أنها قاربت الخمسين من عمرها، ووجها لا ينم عن أنه حمل يوماً جمالاً جسدياً مميّزاً، اللهم إلا جمالها الساكن في قلمها، وفي إبداعاتها!

تحادثا طويلاً، وقد علم منها، انها أرملة منذ تسع سنوات، وانها حُرمت من أن تكون أماً؛ لمشكلة طبية مستعصية، حالت دون ذلك!
وبينما هو يودّعها إلى الطائرة، وجد نفسه يقول لها بمشاعر دفينة، لم يدعها تتعدى أعماقه: "أحبك إنسانة.. أحبك رفيقة.. أحبك فكراً، وإبداعاً.."!...


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter