الأقباط متحدون - قُل كُل الحق ولا تحتار .. فإلهنا كان أول الثوار
أخر تحديث ١٣:٢٤ | الاربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٧هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قُل كُل الحق ولا تحتار .. فإلهنا كان أول الثوار

سمير حبشــــــى
ملعون فى كل الأديان ، من يسجن شعبا ، من يخنق فكرا ، من يرفع سوطا ، من يسكت رأيا ، من يبنى سجنا ، من يرفع راية الطغيان .. ملعون فى كل الأديان من يهدر حقوق الإنسان ، حتى لو صلى جميع الصلوات  ، من المولد وحتى الممات ، سيبقى ملعون بكل اللغات .. فالظلام لا يبدد الظلام ، لكن بنور الحق نستطيع أن نلون حياة الإنسان .. وهذا لا يتم إلا إذا عشِقت الحق ، ورفعت رايته ، وصرخت بكل قوى قلبك

للسجان وخانق الفكر ، ورافع السوط ، وقاتل الرأى ، والطاغى ، وهادر حقوق الإنسان ، وقلت بأعلى صوتك الكلمه المقدسة " لا يحق لك "
يقول البعض إذا أنت تريدها ثورة ، أقول :  نعم يا إخوتى ، أتعلمون لماذا وما السر وراء ثورتى ، لأنى إكتشفت أن إلهى وسيدى يسوع المسيح هو المصدر الحقيقي لكُل الثورات التي تدعو الى ، الحرية ، والديمقراطية  والمساواة ، وإعادة ألأعتبار للمهمَّشين ، والمساكين ، والعبيد ، ووضع أسس العدالة ، وحقوق ألأنسان، فرسالته كانت الأساس الكامل لإحترام المرأة ، والأطفال ، والمرضى

والفقراء ، ثم الثورة الحقيقية كانت فى كسر قيود الخطية من حول أعناق الخطاة  ، بل أعطى الإنسان نعمة البنوة وقيمة غالية عندما خلقه على صورته ومثاله ، وبهذا قد وضع أسس قوانين حقوق الإنسان ، لأنه هكذا من يهين الإنسان فهذا يعني إنَّه يهين الله نفسهُ ، وحارب المسيح الظُلم أيٌ كان نوعه  ، وحاربة بقوة كلماته قولا وفعلا ، فكان يتكلم بقوّة الحق ، ويقف أمام الفريسين والصدوقين والكتبة اليهود ، مدافعا عن حق الأنسان وعن كرامته الأنسانية ، بل جعل الأنسان أسمى من الشريعة ( السبت للأنسان وليس ألأنسان للسبت   (.

قال الروح القدس للقديس متى " من أيام يوحنا المعمدان و إلى الآن ملكوت السموات يُغتصب و الغاصبون يختطفونه.. من له أذنان للسمع فليسمع"  ( مت 11 : 12 ) ولكى نعرف عن أى ثورة يتكلم المسيح ، يجب أن نعرف لماذا يوحنا كان فى عينى المسيح هو علامة البداية ،  لأنه يوجد علامات واضحة فى يوحنا أحبها المسيح ، ويحبها فى كل يوحنا جديد ، يمشى على دربه فى كل عصر و كل مكان .. هى علامات ذلك الثائر على التقاليد ، والذى يدفع بالأعراف البالية المستعبدة للإنسان ، و الإتباعية الإذلالية للبشر وراء ظهره

  ظهر يوحنا  متمردا ضد مجتمع عصره ، الذى قادته و رُعاته يحبون ارتداء الحلل الفاخرة و التحيات فى الساحات . لباسه بسيط ، و طعامه أبسط ، يجول فى البرية و الجبال شأنه شأن الثوار العظام ..

سار يوحنا أعزل من كل سلاح ، ولا يملك إلا سلاح الكلمة ، والتى كانت تخرج من فمه كالسيف الملتهب ، ثم إيمانه الشديد بقضيته ، و هى حرية و كرامة الإنسان .. كل إنسان . كان يوحنا يعرف جيداً أن طريقه محاط بالمخاطر و التحديات ، والعذابات التى تنتظره  ، وبالرغم من ذلك سار فى طريقه نحو التضحية بحياته للدفاع عن العدالة ، و المظلومين

و المهمشين ، و المسحوقين . كان يعلم تماماً أن كلماته سوف تلقى به فى السجون ، وأن كلمة " لا يحق لك " سوف تؤدى إلى أن السيف سيفصل رأسه عن جسده ، و لكنه يُصر على قولها بكل شجاعة ،  لانه يعلم أن ملكوت السموات يُغتصب ، و الغاصبون يختطفونه ، لا بالتنازلات ، أو إغفال مايراه من أخطاء السادة ، أو القادة ، أو حكام المكان ، فليس عنده مجال للحياد ، أو اللون الرمادى ، أو يغمض عينيه عن المظالم ، وأخطاء المسؤولين .. فى مسيرته مسيرة العدالة والحق والحرية ، والدفاع عن المظلومين ، والمسحوقين ، والضعفاء ، والأذلاء ، والمرضى ، والمحتاجين . عَلّم بكل إتضاع وفخر قائلا : " يأتى بعدى من هو أقوى منى "

 لقد سُر قلب المسيح بيوحنا وطوبه ، لأنه وجد فيه مفاهيم الثورة التى أتى هو من أجلها  .. وفى الحقيقة فإن المسيـــح كان أشد فى ثورته ، وأقوى فى إظهار مساوئ الظلم ، والسحق ، والإذلال ، وحبه الشديد للمظلومين ، والمساكين ، والمسحوقين ، والمذلولين ، مما خلق غضب السلطات الدينية و المدنية عليه ، أكثر بكثير من الذين أشهروا فى وجوههم السلاح ،   ولهذا السبب دبروا له طريق الآلام ، والعجيب أن هذا كله كان بإرادته ,
لقد وضع المسيح إستراتيجية كاملة لمواجهة الظلم ، و الإذلال ، والظالمين ، والطغاة ، بأن جعل الخطوة الأولى فى رسالته الأساسية ، هى الإنتماء لهؤلاء المظلومين ،  و المسحوقين ، والمذلولين ، والجوعى .. لأنه كان يعلم أن الذى يخشاه الظالم و الطاغى ، ليس قوة الشخصية ، حتى لو كان نبياً بل انتماء الجماهير إليه .

 و الآن يجب أن نعلم جميعا الحقيقة ، التى غابت عن الكثيرين ، بسبب بعض الأخطاء التى توارثناها ، وقد قيل لنا : إبحث عن خلاص نفسك فقط ، وفى الحقيقة ، وكما علمنا إلهنا الثائر  أن الخلاص هو عمل جماعى ، وأن القداسة الحقيقية تتبلور فى العطاء لإخوتنا ، والإحساس الحقيقى الصادق بهم  وبآلامهم ،  ومن أجلهم يجب أن نرفع راية الحق ، فى وجه كل إنسان مخطئ ، ونصفع إرادته الشريره بـــ " لا يحق لك " .
قال جبران خليل خبران عن المسيح : (ما عاش يسوع مسكينا خائفا

ولم يمت شاكيا متوجعا ، بل عاش ثائرا ، وصلب متمردا ، ومات جبارا .. لم يكن يسوع طائرا مكسور الجناحين ،  بل كان عاصفة هوجاء ، تكسر بهبوبها جميع الاجنحة المعوجة . لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق ، ليجعل الألم رمزا للحياة ،  بل جاء ليجعل الحياة رمزا للحق والحريّة ، لم يُخف يسوع مضطهديه ، ولم يخش أعداءه ، ولم يتوجّع أمام قاتليه . لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلى ليهدم المنازل ، ويبني من حجارتها الاديرة والصوامع ، ويستهوي الرجال الاشداء ، ليقودهم قساوسة ورهبانا . لم يجيء يسوع ليعلّم الناس بناء الكنائس الشاهقة ، والمعابد الضخمة ، في جوار الاكواخ الحقيرة والمنازل الباردة المظلمة, بل جاء ليجعل قلب الانسان هيكلا ، ونفسه مذبحا وعقله كاهنا. )

يا إخوتى لم ترى البشرية ثائرا غَيَرَ وجه العالم بثورته ، مثلما كانت ثورة يسوع ، والتى نحن ننعم بنتائجها حتى هذه الأيام ، إن قوانين حقوق الإنسان التى نتشدق بها الآن ، ونحاول إستخدامها ، مأخوذه من كلمات إلهنا الثائر .. لذا فرسالة كل إنسان ، يحيا فى هذا الزمان ، أن تكون كلمة الحق هى سلاحه ، فـ " لا يحق لك " يقولها فى وجه الحاكم المخطئ والطاغى  .. و" لا يحق لك " يقولها فى وجه كل صاحب عمامة ، يخطئ فى حق الرسالة التى  لبس العمامة من أجلها ، مهما كبرت هذه العمامة أو صغرت

إن الإنسان الذى لا يعرف إلا التبخير أمام العظماء ، والإنحناء أمام الوجهاء ، وتسيطر عليه خرافة الطاعة العمياء ، وهو لم يواجه عذابات الإضطهاد ، هذا هو الإنسان الذى  يخون ما حاباه الله به من مواهب ، عندما لا يستطيع حمل راية الحق وقول " لا يحق لك " لكل من يستحقها  عن خوف أو مصلحة ، ويكون بلا قوة ، و بالتالى لا ملكوت ، لأن الملكوت لا يؤخذ إلا بهذه القوة ، ويخسر الصورة المضيئة لمسيحه فيه ، و لايماثل يوحنا ولا أحد من الأنبياء .

فليتكم يا إخوتى تستطيعوا بعث الوعي فى بعض الجماجم ،  لتريحوا البشر المخدوع من شر المظالم ، وتصونوا الدين عما ينطوى تحت بعض العمائم ، من مآس تقتل الحق وتجعل القلب يبكى ، برياء ونفاق يخدعون الله جهرا ، وبإسم الدين يملأون العالم مكر


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter