هل فقد وحيد حامد عقله؟
هل أصبح عجوزًا إلى الدرجة التى تجعله لا يعرف ما الذى يقوله وما الذى يمتنع عنه؟
هل يريد النجم الكبير.. وصاحب الشهرة العريضة أن يحصد مزيدًا من الضوء.. فنلتفت إليه عندما يقول موجهًا كلامه للرئيس: إذا كانت التركة ثقيلة عليك فاتركها؟
هل هذا الكلام يُقال للرجل الذى وضع رقبته على كفيه، ومنح ثورة الشعب المصرى تأييده ودعم الجيش، وأنهى عصرا من الاستبداد السياسى باسم الدين، وقضى على عهد من الخيانة والتجسس وبيع أراضى مصر بالجملة والقطاعى؟
لماذا لا نقرأ ما قاله وحيد حامد بنظرة أخرى.
فعندما يقول كاتب حر مثل وحيد حامد واجه الإخوان فى عز قوتهم ومجدهم وكان واحدًا من أسباب فضحهم على رءوس الأشهاد، كلامًا يعلق به على أداء الرئيس فلابد أن ننصت له.
أعرف وحيد حامد جيدًا، وأعرف أنه وطنى بما يكفى، فلاح مصرى يعرف قيمة الأرض.
غاضب.. ما فى شك فى ذلك.. حاد فى تعبيره، اعترف هو بذلك، قال إن التعبير كان قاسيًا بأكثر مما ينبغى، لكنه يقصد أن مصر تركة ثقيلة وتستحق أن يعمل من يحملها بكل ما لديه من طاقة، حتى تخرج من عثرتها.
يعرف وحيد حامد قدر السيسى جيدًا.. لأنه يعرف أقدار الرجال.
إنه أحد حكماء هذا الوطن الآن.. عمره وتجاربه وخبرته واقترابه من خط النهاية.. كل ذلك لا يوفر له مساحة طمع فى مكسب، أو يمنحه مبررًا لنفاق جماعة كان هو أحد محاربيها الأشداء.
لقد تعامل حزب الدبة التى قتلت صاحبها مع وحيد حامد بعداء وغباء، لا يمكن أن يكون حديث وحيد حامد الذي أدلى به لجريدة "المصرى اليوم"، متحدثًا عن الأزمات التى تلاحق الوطن، فى صالح الإخوان، الضعفاء والمشوهين هم الذين يحلو لهم أن يقولوا ذلك، هو يتحدث من أجل الوطن الذى هو أهم وأعلى وأغلى عنده من الجميع.
ابحثوا عن أسباب غضب وحيد حامد قبل أن تهاجموه، ناقشوه فيما يقوله قبل أن تهيلوا عليه التراب، السيسى لا يحتاج إلى منافقين ومطبلاتية بقدر ما يحتاج إلى نقاد أمناء معه، لا يخفون سوءات ما يجرى، بل يضعون كل شىء فى النور حتى نستطيع أن نعالجه.
إذا صمت وحيد حامد ومن هم على شاكلته فلن يستفيد أحد إلا "الإخوان المسلمين" وحلفاءهم من دواعش هذا العصر الحقير، فاسمعوها منه.. قبل أن تسمعوا بكاءه عليكم، امنحوا حزب وحيد حامد الفرصة للحديث، قبل أن يأتى وقت لا نستطيع أن نتحدث فيه على الإطلاق.. لأن من نحاربهم جميعًا سيقطعون ألسنتنا لو تمكنوا منا مرة أخرى.
إذا دخل وحيد حامد ومن هم على شاكلته فى عزلة بعيدًا عما يجرى فلن ينصلح شىء.. لقد كان صاحب الفيلم النبوءة - الإخوان والحزب الوطنى فى زنزانة واحدة - واضحًا وصادقًا ومحبًا أيضًا، فلا تحرموا مصر من صدق وأمانة ووضوح وحب أبنائها المخلصين.
لا تقتلوا أصوات من يعارض.. لا تكتموا نبرات من يقول رأيًا مخالفًا، لا تسارعوا باتهام كل من يسجل ملاحظة على الرئيس بالخيانة وعدم الوطنية.. فلستم أشد وطنية ممن يريدون تصحيح المسار، إذا قتلتم هؤلاء فلن يخلو لكم وجه الرئيس، لأن الرئيس نفسه سيكون فى خطر.
لقد أعموا مبارك بالنفاق.. ووضعوا على عينى مرسى غشاوة بالسماء التى تؤيده، وبالرسول الذى يصلى به، وبجبريل الذى يؤم أنصاره.. وفى النهاية كل منهم انتهى به الحال إلى السجن، وهذ مصير لا نريده لرئيس قرر أن يفدى وطنه بحياته، فلا تفسدوا عليه عهده، ولا تخدعوه بأن كل شىء تمام.. رغم أنه لا شىء تمام على الإطلاق.
لقد أرادوا إرهاب وحيد حامد، اعتقادًا منهم أن الإرهاب يمكن أن ينال منه.. وكان الأولى أن يجلس إليه الرئيس ليسمع منه مباشرة.. ليقف على أسباب غضبه.. لينصت إلى مبررات ما قاله.. ولا يمنح الفرصة لأحد أن ينال من الرجل الكبير، الذى لا يريد من كلامه إلا وجه مصر.
من السهل أن نصمت.. وأن نرغم الآخرين على الصمت.. لكن عندما نواجه الخطر لا تلوموا إلا أنفسكم.. لقد حذرنا، فاللهم قد بلغنا.. اللهم فاشهد.
نقلا عن البوابة نيوز