مينا ملاك عازر
كلاهما قبل جبين ملك السعودية، كلاهما انحنى أحدهما توقيراً لشيخ جليل، وقر رئيس منتخب وأتاه لبلاده، والآخر انحنى إذلالاً، وبعد أن أتته الأوامر بالانحناء ومراضاة السعودية، انحنى وقبل شيخ جليل سُعِيَ إليه من قبل شاب عنيد، عاند وكابر فانكسر وانحنى، وصدق على عهده بالموالاة والولاء.
قامت الدنيا ولم تقعد بسبب قبلة الرئيس السيسي على جبين ملك السعودية ولكنها مرت مرورالكرام حينما فعلها أمير قطر، الدويلة التي يخدم أميرها القاعدتين الأمريكيتين، وينفذ رغبات مالكتيها، سعى لخادم الحرمين وقبل رأسه معتذراً، السيسي أتاه ملك السعودية فقبل رأسه معتزاً، والفرق شاسع بين الاعتذار والاعتزاز، هذا لمن يفهم.
لم يكتف بهذا مطلقاً، بل أرسل أمير قطر يطلب زيارة مصر ولقاء الرئيس المنتخب لعله يبغي في أن يقبل جبين السيسي، وهذا حقه ولا أنكره عليه، يحق له أن ينحني ويقبل رئيس مصر. مصر تاج العلاء في مفرق الشرق، التي إن قدر الإله مماتها لن ترَ الشرق يرفع الرأس بعدها. يقبل تميم رأس رئيس مصر ليعتذر له عن سفاهاته، أوامر أمريكا صارمة لا تغضبه، فلقد فرض السيسي نفسه كحاكم قوي تنحني له الهامات، ولا يحني هامته لأحد.
أمريكا تأمر وتميم ينفذ، أشارت عليه بالصلح فصالح، أشارت عليه بالغدر فغدر، فهل تأمنوا له؟ لا أظن، لا أعتقد أن كلاً من ملك السعودية ورئيس مصر سيأمنا لغادر بأبيه الذي غدر بأبيه، الغدر في دمائهم، غدروا بأهلهم فلما لا يغدروا بأشقائهم، سوابق غدرهم كثيرة بين أسرتهم وبينهم وبين البلاد الأخرى، ينفذوا أحلام القوى العظمى، لا أظن أن حكيمي العرب وحكامهم يثقون في من سبق منهم الغدر والخيانة لعلهم فقط يقبلونه بينهم، ويقبلون اعتذاره من باب التأديب، يجلسونه بينهم كالأطرش في الزفة، يأخذونه ليعلمونه آداب العرب والشهامة المصرية، من أمنك لم تخونوه ولو كنت خاين.
وهو خاين وأبيه كذلك، ولكن لن نذكره بما كان لألا يظن أننا نعايره بماضي عائلته الأسود، فقط سنذكر أنفسنا لألا ننسى أننا نقبل بيننا من هم غادرين وسافكي دماء، وممولين القلاقل بالبلاد، ومقلبين العباد، أمير قطر يطلب زيارة مصر، هذا ما رفعته وزارة الخارجية المصرية في مذكرة للرئيس السيسي لم يبت بها إلى حين كتابة هذا المقال، فإن قبل، وأظه سيفعل، فخير مايفعل، فإن جنحوا للسلم فاجنح لهم، وإن لم يفعل السيسي ويقبل زيارة أمير قطر فله أيضاً كل الحق، إذ هو يأمن شره ويؤدبه، ولا مانع أن يؤدب كبير العائلة شابها العاق العنيد،
والمثل بيقول اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24 ضلع، ورغم تحفظي الشديد لرفضي لهذا المثل إلا أنني لا أرى غضاضة في اتباعه مع البنت الصغرى قطر وأميرها لعله يتعظ ويعرف أنه ليس من السهل أن يخطئ ويقبل اعتذاره بسهولة.