الأقباط متحدون - حيوية المجتمع المدنى
أخر تحديث ١٣:٢٢ | الاثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٥هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حيوية المجتمع المدنى

د. يحيى الجمل
د. يحيى الجمل

 حيوية المجتمع المدنى دليل على حيوية شعب الدولة وعلى وجود مساحة من حرية التعبير وإن كان هناك من أهل علم الاجتماع من يفضل استعمال عبارة «الجمعيات الأهلية» على عبارة «المجتمع المدنى» وإن كنت أعتقد أن المعنى الاصطلاحى واحد.

 
والجمعيات الأهلية فى مصر قديمة ويقال إن أول جمعية أهلية أنشئت كانت الجمعية الأهلية اليونانية التى أنشأتها الجالية اليونانية فى الإسكندرية حوالى عام ١٨٢١م، أى فى عهد محمد على، مؤسس مصر الحديثة.
 
ويبلغ عدد الجمعيات الأهلية فى مصر الآن حوالى سبعة وأربعين ألف جمعية موزعة على سائر أنواع النشاط الإنسانى الذى يسمح به قانون الجمعيات رقم ٨٤ لسنة ٢٠٠٢م،
 
والذى يمنع على الجمعيات الأهلية العمل السياسى والحزبى أو إنشاء ميليشيات عسكرية أو أن يكون الغرض من الجمعية «التربح» بغير الطرق الشرعية، كذلك يحظر على الجمعيات الأهلية أى عمل يهدد الوحدة الوطنية، كما لو أنشئت جمعية من الجمعيات أساسا للدعاية لدين معين أو لطائفة معينة من الناس أو ما إلى ذلك.
 
ويبدو أن القانون الحالى لم يعد متفقا تماما مع دستور ٢٠١٤ ولذلك يجرى الإعداد لإصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية.
 
والذى يدعونى الآن إلى الكتابة فى هذا الموضوع – إلى جوار أهميته. أننى أتيح لى أن أحضر فى الفترة الأخيرة ثلاث ندوات لعدد من جمعيات المجتمع المدنى وكل ندوة تختلف عن الأخرى من حيث هدفها ومن حيث الداعين لها ومن حيث مظهرها وأخيرا من حيث المتكلمين فيها.
 
وأولى هذه الندوات كانت بدعوة من جمعية من جمعيات رعاية الأيتام «جمعية الحسن» فى المعادى لرعاية اليتيم.
 
وعلى ما جاء فى تقرير الندوة أن هذه الجمعية اختيرت لتكون الجمعية الأولى على مستوى محافظة القاهرة ومحافظة الجيزة فى هذا النشاط، أى نشاط رعاية اليتيم. وقد استطاعت هذه الجمعية أن تقيم نوعا من الاتفاق بينها وبين مثيلة لها فى ألمانيا وقامت بدعوة بعض المشرفين على الجمعية الألمانية وبعض الأطفال الأيتام واستضافتهم جميعا على نفقتها ثم أقامت تلك الندوة التى دعيت لها فى أحد الفنادق الفخمة فى منطقة السادس من أكتوبر، وألقيت فى الندوة كلمات من الجانب المصرى وكلمات من الجانب الألمانى. وكانت الندوة شيئا مشرفا بحق.
 
أما الندوة الثانية فقد أقامتها منظمة أهلية للسيدات برئاسة الدكتورة عواطف سراج الدين التى تكرمت ودعتنى إلى هذه الندوة، وكان من حسن حظى أن المكان الذى كان مخصصا لى كان إلى جوار السيدة الفاضلة جيهان السادات التى سعدت بمعرفتها منذ زمن طويل ولكنى لم أكن أعرف مدى جماهيريتها وحب الشعب المصرى وتقديره لها إلاّ فى ذلك اليوم. وكل الذين كانوا مدعووين إلى تلك الندوة الحافلة بمظاهر الأبهة. كلهم جميعا كانوا حريصين على السلام على السيدة الفاضلة / جيهان، والتقاط الصور معها. كم كان ذلك جميلا ومعبرا عن نفسية هذا الشعب القادر دائما على تمييز الطيب من الخبيث.
 
أما الندوة الثالثة فقد كانت هى الندوة التى أقامتها اللجنة المصرية للتضامن، والتى يرأسها الأستاذ الدكتور حلمى الحديدى، وزير الصحة السابق والأستاذ بطب القاهرة، وفى تلك الندوة كان هناك أربعة من المتحدثين استمتعت متعة كبيرة واستفدت فائدة أكبر من سماعى لكل واحد منهم، لدرجة أننى كنت أكتب بعض النقاط المهمة عند سماعى أحد المتحدثين من الأربعة. بدأت السيدة الدكتورة هدى بدران التى تعمل فى العمل الأهلى التطوعى منذ سنوات طويلة والتى لها خبرة واسعة سواء فى مصر أو خارج مصر. وقد تكلمت باقتدار وبهدوء عن بعض المشاكل التى تقابل الجمعيات الأهلية عند رغبتها فى القيد والإشهار وفقا للقانون الحالى، والذى ترجو الجمعيات الأهلية أن يأتى القانون الجديد موافقا لدستور ٢٠١٤ ليكون الإشهار بمجرد الإخطار طالما لم يكن هناك فى أغراض الجمعية ما يمنعه القانون.
 
واستمعت إلى الدكتور طلعت عبدالقوى رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية فى جمهورية مصر العربية وهو الوحيد من المتحدثين الذى لم أكن أعرفه من قبل، وقد قلت صراحة إنه رغم أنى من المهتمين بالدراسات القانونية بحكم تخصصى إلا أننى تعلمت الكثير مما سمعته من الدكتور طلعت.
 
ثم تحدثت بعد ذلك الدكتورة أمانى قنديل، رئيسة شبكة المنظمات الأهلية العربية، والتى تفضلت بإهدائى التقرير الثانى عشر للشبكة والذى يتحدث أساسا عن موضوع جوهرى ومهم وهو دور المنظمات الأهلية فى إثراء الثقافة والفنون والإبداع وتناول التقرير هذا الموضوع فى أكثر من بلد عربى منها مصر والمغرب، وأشارت الدكتورة أمانى إلى أنه فى فترة معينة فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما كان الدكتور مرسى رئيسا للجمهورية، تكونت اثنتا عشر ألف جمعية، نشاطها الحقيقى يصب فى خدمة تيار الإسلام السياسى وهو الذى قد يبدو متعارضا مع نصوص القانون الذى يمنع على الجمعيات الأهلية القيام بنشاط سياسى. ولكن هذا هو الذى كان فى تلك الفترة.
 
وكان آخر المتحدثين هو الصديق القديم الأستاذ عبدالقادر شهيب والذى ذكر واقعة وددت لو صرح باسم صاحبها – ولكنه لم يفعل – وذلك أنه قال إنه رغم أن الأصل فى عمل المجتمع المدنى أنه عمل تطوعى إلا أن هناك أحدا ممن يعملون فى جمعية من الجمعيات الحقوقية يتقاضى خمسة عشر ألف دولار، وكدت أفزع عندما سمعت ذلك الرقم. وتذكرت على الفور السيدة الفاضلة والوزيرة القديرة فايزة أبوالنجا التى حاربت بقوة واقتدار التمويل الأجنبى المشبوه لبعض الجمعيات الأهلية والتى حسنا فعل رئيس الجمهورية عندما اختارها أخيرا مستشارا للأمن القومى. وفقها الله.
 
وإلى هنا يحسن أن أتوقف بعد أن استوفيت هذه الندوات الثلاث التى حضرتها، والتى أدركت من حضورها حيوية المجتمع المدنى فى مصر، وأحسست أن مصر تتجه بإذن الله نحو الاستقرار والأمن والتقدم.
 
والله المستعان.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع