■ الخوف فى أفضل حالاته هو القلق النبيل، فأنا أخاف على ابنتى من ابتزاز مشاعرها لأنها قطعة منى، وأخاف على السيسى من أى سوء لأنه يحمل فوق كتفيه هموم وطن ومستقبله، الذى بعرض الأفق، ولكنى أؤمن بما جاء فى الإنجيل «لأن غير المستطاع عند الناس، مستطاع عند الله».
■ أخاف على مصر من التشتت الفكرى والتشرذم السياسى رغم أن شمساً واحدة «تجفف ملابسنا جميعاً».
■ أخاف من تأجيل القضايا قيد المحاكمة شهراً وراء شهر وذاكرة الناس مثقوبة، فما أسهل ما ينسون لماذا يحاكم هؤلاء وراء القضبان، ولست أقحم نفسى فى أحكام القضاء وشؤونه ولكنى - كمواطن مصرى - أتساءل لأن التأجيل المستمر يشى بهواجس سخيفة وقضاء مصر أكبر من أن تطوله الشبهات.
■
أخاف من فستان هيفاء وهبى الشفاف أن يخطف اهتمام البعض فى وقت نحتاج فيه إلى التركيز فى «أنثى» واحدة هى.. مصر.. إننى أجزم بوجود «جوع جنسى» وخيال يتسلق على سور حديقة هيفاء ليرى ما وراء هذا الشفاف، هذه ليست إبداع موضة بقدر ما هى داهية سودة.
■ أخاف من الفذلكة والفهم القاصر القصير لبعض من يتكلمون فى السياسة ببنطلون قصير، لذلك أقول له: اسكت يا... خااالد أبوالنجا.
■ أخاف على مصر فى هذه المرحلة من التمويه واللعب بالألفاظ، فالشابة التى استقالت من مركز ابن خلدون، هل قالت صراحة إنها تعترض على أداء د. سعد الدين إبراهيم السياسى قبل زمن الإخوان وأثناء حكمهم وبعده؟ لا أظن. فالدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع الكبير الذى بهرنى فى المغرب فى أحد المؤتمرات الفكرية هو نفسه الذى قام لدى الأمريكان بتسويق الإخوان.. إنه علامة استفهام كبيرة.
■ لأن الخوف هو العدو الأعظم للإنسان، فأنا خائف من ثقافة الخوف وللدقة مناخ الخوف، وتنقلب المعايير، فيتصور السذج أن تجيد جهداً محترماً أو أداء رصيناً هو نوع من التطبيل، ويصبح المبشرون بالأمل لمصر الغد «مطبلاتية» ويسود تيار مخرب فى المجتمع: إنك حين تنتقد وتقول «لا» عمال على بطال وترى بصيصاً من النور وتصر على أنه ظلام فأنت «شجاع»!!! ولا تخاف من السلطة! عفواً أنت «مهوشاتى»! صناعتك التهويش.
■ خائف من القرارات الانفعالية الزيدانية بهجرة دنيا الثقافة ومقاطعة الكتابة والفكر والمؤتمرات وكل ما يمت للحرف بصلة مادام إسماعيل سراج الدين باقياً مستشاراً ثقافياً لرئيس الوزراء، إيه الإرهاب ده؟ هتودينا فى داهية هذه النزعة الشخصانية والإحساس المضخم بالذات.
■ خائف على الجهاز الإدارى فى مصر من الهروب من المسؤوليات فهناك من يؤمن بما يقوله الحس الشعبى «من خاف يسلم» وفى الآونة الأخيرة ساد مناخ يقول «لا تتحمل مسؤوليات حتى لا تذهب لطرة سجيناً أو محبوساً احتياطياً» مع أن على رأس الجهاز الإدارى فى مصر الآن «رجل فدائى»، يتخذ قرارات وينفذ ويتحمل المسؤولية وينزل الشارع بلا ربطة عنق ويذهب للأحداث فى موقعها ويسمع جيداً نبض الشارع المصرى، ويدعمه رئيس مصر لأنه «لا يخاف»، ذلك أن الخوف هو الغرفة المظلمة التى تنشأ فيها السلبية، إن محلب يذكرنى فى حسمه بفؤاد محيى الدين.
■ أنا - كمصرى قبطى - أخاف على حياة السيسى وأطلب منه الحرص والحذر ولا أريد شيئاً منه ولا أبغى شيئاً لى أو لأسرتى ولا أسعى أو أستميت لمقابلته أو مصافحته والتصوير معه، نطلب نحن الدروع البشرية لتسعين مليوناً إلا قليلاً من الله جل جلاله أن يحميه وأن يحرسه للمحروسة من أى سوء.
■ خائف من إنهاك الجيش فى الداخل وعلى حدودنا فى شمال سيناء، وسامح الله من كانوا يعالجون أمور سيناء بالحلول الأمنية، فقد زرعنا فيهم دون أن ندرى حب إسرائيل (!!) وفى نفس الوقت لم نكسبهم، ثم تأتى الأنفاق السرية والعمل السرى العدائى، خائف من الإنهاك، ولو أنى على ثقة أنه إذا كان هذا مخطط الأعداء فسوف نحبطهم برجولة السيناوية وصاروخية الجيش وصاعقة رجاله حتى يرفعوا أعلام الخيبة.
■ خائف من تناحر وتلاسن وتفاخر «النخب»، فتضعف القبضة الواحدة القوية، ويفوز فى البرلمان القادم بلذة المقعد كل مغامر وبالأحرى كل مقامر.
■ أخاف على مصر من هشاشة عظام بعض الوزراء الذين لا يطيقون النقد، ويتصورون أنه «عداوة» شخصية، فيفقدون اتزان الدركسيون مما يؤدى إلى الصدام.
■ أخاف من «الشطط الإعلامى» بغية مكاسب «إعلانية» ونصل لمنطق نجيب محفوظ فى الدراما «الست الشريفة لا تثير جدلاً وتمضى بشرفها فى الحياة أما الداعرة، فتستنطق كل المدينة وتثير الجدل وتحرك الساكن».
■ أخاف على مصر من المبالغة فى تصوير الإرهاب الممنهج على مصر، فتنكمش السياحة أكثر فى غيبة مهنيين سياحيين من مدرسة ممدوح البلتاجى، شفاه الله، فتنكمش أكثر وأكثر، وزعزوع واحد من أهم رجال كتيبة محلب ويحتاج معاونين بحجم حماسه الذى لا يفتر.
■ أنا خائف على رومانسية الحب وشفافيته والشفاه المبتلة بالشجن والأصابع المتعانقة فى انسجام من إفساد التكنولوجيا فقد ذبحت خاصية «الهواتس أب» الحميمية والدفء والتواصل بالصوت وصار الموبايل هو البيت والكافيه والسرير.
■ خائف على عقول الناس من مخاوف غير عقلانية، الخوف على المحاصيل الزراعية المعدلة والخوف من عيون وآذان المحمول حتى إن بعض الناس نزع الشريحة من الموبايل الذى صار قطعة صماء بعد أن تأكد أن الموبايل «جاسوس» يرافقك حياتك وعين عليك أينما كنت، وذلك أن «العين الثالثة هى الجحيم..» كما يقول سارتر.
■ خائف من صمت الفلاحين فى مصر وهو صمت «ثرثار بالغليان» خائف من الصبر الذى يتحلون به وهو صبر «ملتاع» خائف من تلك النظرة الحزينة المنكسرة المشتاقة إلى نظرة حانية حقيقية لهم ولظروفهم، ولا أزيد حرفاً.
■ خائف من الهجوم أو التهجم على البابا تواضروس «أيقونة القبط» فى مصر، فهذا الهجوم أو التهجم حتى ولو كان من أقباط مصر غير مطلوب وله طعم الفتنة ومشاعر عداء بمذاق سلفى.. والمطلوب من البابا: ١- أن يبقى طويلاً فى مصر ويقلل من سفراته للخارج. ٢- أن يثق فى الطبيب المصرى الكفء فليس كل طب أجنبى يستحق الإشادة. ٣- أن ينظر فى الأمور الكنسية المعلقة طويلاً والمؤجلة. ٤- أن يعود للوعظة الأسبوعية للتواصل مع الشعب القبطى. ٥- أن يخرج من عباءة مساعديه من القسس والأساقفة حتى لا تتغير ثوابته وبساطته. ٦- أن يجعل من الكنيسة منبراً متآخياً مع الأزهر الشريف فى التصدى لإرهاب مفروض علينا.
■ «أحقر الاحترام ما بنى على الخوف» ألبير كامى.
■ خائف من بورصة المشاعر المصرية المذبذبة والتى تميل فيها كفة العواطف أكثر، الجوهرى فوق، الجوهرى تحت، حسن شحاتة فوق، حسن شحاتة تحت، حسام البدرى فوق، حسام البدرى تحت، البرادعى فوق، البرادعى تحت، شوقى غريب فوق، شوقى غريب تحت!!
■ خائف على «وحدة مصر» من افتعال حقير لأحداث تهز الوجدان المصرى مثلاً: يحدث اعتداء مسلح على «زاوية صلاة» من قبل من لا يعرفون وسطية الإسلام ويتهم فيها «مسيحيون» بشكل غوغائى رخيص، وكان جمال حمدان فى كتابه «عبقرية مصر» يقول «الفتنة الطائفية من الكبائر»، لكنهم لا يقرأون يا أبتاه!
■ خائف من انفعال «الغضب الدامى» الذى أراه على الفضائيات حيث يفقد مثقف كبير حصيف شعوره ويشتم رئيس مصر على قناة معادية ثم يعتذر بعدها وهو اعتذار مضروب، عيب عيب، عيب.
■ خائف على البرلمان الجديد من اختفاء الشباب المصرى الواعى الوطنى الزاهد فى المناصب. ولا أجد غرابة فى ذلك فإن «النفسنة وحب الظهور وقلة التجربة فى ائتلافات الشباب بعد ثورة يناير» أطاحت بحلم خلق حزب للشباب يضم هذه الطاقات، حيث تنصهر فى بوتقة واحدة تحت قيادة فكرية واحدة «متفق» عليها، وكفى أخطاء، فلنستفد - كعقلاء - منها لمستقبل مضىء.
■ أنا لا أخاف من إنسان يخاف الله.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع