فكرة : رشا رضا
بقلم : مايكل دانيال
".. ليتني ارحل عن الدنيا في هدوء ، كما أتيت " !!
هذه الكلمات هي لطفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها ، عبر حسابها الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي الاشهر "فيس بوك" !
فقط تريد ان ترحل و قبل حتي ان تبداً الحياه ... في كوميديا عبثية سوداء !!
السؤال الذي يطرح نفسه الان : ما الذي جعل هذه الطفله تكتب مثل هذه الكلمات !!
- سؤال آخر : هل هي بالفعل تُدرك معناها ، ام فقط نقلتها عن حساب آخر دون وعي او أدراك !!!
علي الهامش :
مما لا شك فيه ، و في عصر سيطرت فيه التكنولوجيا علي جميع مقدرات الحياه ، ان نجد الاطفال ايضا يستخدمون نفس ذات التكنولوجيا و كلِ بحسب مفهومه و أدراكه لها ، و علي سبيل المثال تلك الجملة التي وضعتها في مستهل مقالي هذا .. !
فتلك الطفلة ربما تقلد من هم اكبر منها سناُ دون ان تدرك المعني الحقيقي فيما وراء تلك الكلمات التي نشرتها عبر حسابها الشخصي !
فهل في هذا أغتيال لبراءة و طفولة هؤلاء الاطفال او اننا بتلك التكنولوجيا نحول اناشيد براءتهم الي اناشيد هي للأثم !!!!
لقد أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون بريطانيون ، ان الاطفال في العصر الحالي أصبحوا مدمني "كمبيوتر" ، حيث يحرص الاطفال في مختلف الاعمار علي اقتناء اجهزة الهواتف الذكيه و أجهزة الكمبيوتر الحديثة و خاصة المحمولة منها بصورة تفوق الخيال ، مما جعل وسائل التكنولوجيا الحديثة تسيطر عليهم بشكل كبير افقدهم القدرة علي ممارسة الرياضات و الانشطة المختلفة !
و قال احد الباحثين انه يجب علي الامهات و الاباء الالتفات جدياً الي تلك الظاهرة الخطيرة و العمل علي ارجاع هوايات القراءة و تعلم الموسيقي و اللغات الاخري او الخروج للمتنزهات العامة للحد من التعرض المفرط للتكنولوجيا في سن صغير جدا !
و قد اوصي القائمون علي تلك الدراسة بأنه علي الاباء وضع قوانين محددة يجب علي اطفاله اتباعها حيث أوصي بعدم شراء هواتف ذكية للأطفال الأقل من خمسة عشر عاماً ، و ان لا يتعامل من هم دون الثانية عشر مع الانترنت الا في حدود ساعتين فقط يومياً ، الي جانب العمل علي تفعيل جانب التواصل الانساني بين جميع افراد العائلة .
و في دراسة اماراتيه آخري منشورة في جريدة ألامارات اليوم ، اثبتت ميساء المازمي ، و حليمة أسلم و هما طالبتان في كلية دبي للتكنولوجيا ان 46 % من الاطفال من عمر ست الي عشر سنوات اصبحوا مدمنين علي أستخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل مفرط و يومي ، مما يجعلهم عرضه لمشاكل صحية مختلفة اهمها : ضعف التركيز ، تدني مستوي التحصيل الدراسي ، الانطوائية و السمنة !!!
نقطة و من اول السطر :
اتذكر في طفولتي ان ثمه اشياء كانت تجمعني بأصدقائي و منها علي سبيل المثال مسلسل كارتوني شهير هو "كابتن ماجد او مازينجر" ، و كنا ننتظر بشغف موعد بثه علي شاشه التلفاز و الذي لا تتعد قنواته الثلاث او اربع قنوات فقط بحسب ما اتذكر ..
و اتذكر ايضا اننا كنا ننتظر الاجازة الصيفيه لنذهب يوميا الي النادي ليتعلم بعضنا مهارات السباحة او كره القدم او غيرها من الرياضات المفيدة .. و كان وقت الدراسة شيقاً حيث نجتمع في منزل أحدنا لنراجع سوياً ما درسناه و نتنافس فيما بيننا علي من سيكون "الاول علي الفصل" هذا الشهر ..
لم يكن يشغلنا وقتئذ شيئاً اكثر من صعوبه مستوي ما في لعبه علي (الاتاري) ، او مسأله صعبه الفهم في (مادة الرياضيات) !!
كنا اكثر بساطة و لذلك كنا اكثر سعادة ..
اين الطفوله الان من كل هذا .. !!
و لماذا نزج بأطفالنا عمداً و مع سبق الاصرار في غمار بحر التكنولوجيا الصاخب ، بحجة انهم هكذا يواكبون عصرهم !!
هل لا نعلم اننا بذلك نحول اناشيد طفولتهم من البراءة الي الاثم ... دون ان ندري !!!!!