الأقباط متحدون - الإعلام والتسامح
أخر تحديث ١٤:١٨ | الاربعاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٠هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإعلام والتسامح

مبنى الإذاعة والتليفزيون
مبنى الإذاعة والتليفزيون

 دكتور/ مجدى إلإشنينى
ا فى أمر الإعلام والتسامح هناك عدة محاور لكنى اهتم بمحورين مهمين : الأول يتجه نحو مفاهيم التسامح مع الأخر في المجتمعات الإسلامية بشكل عام والثقافه العربية بشكل خاص ، والثاني يرتبط بدور الإعلام مستقبلاً في ترسيخ قيم التسامح ومناهج التعايش على أساسه على كل المستويات الدينيه والفكريه والإجتماعيه والسياسيه في البلدان العربية كشرقيين والمجتمعات الغربيه. وبالنظره العابره نرى أن البشرية قد عانت من آثار عدم التسامح كثيراً ،

وقد تمثل ذلك فى حروب وصراعات عديدة ، ففى القرن العشرين (حسب رصد إحدى الدراسات) – مثلاً- كانت هناك حربان عالميتان و(20) حرباً بين الدول ، و (50) حرباً أهلية أخرى ، و(6) مذابح دموية ، وكان حصاد ذلك أكثر من (100) مليون قتيل فى الحروب بين الدول ، و(150) مليون يمثلون ضحايا المذابح والصراعات الأهلية ، و(500) مليون لاجئ ومشرد عن وطنه، و(100) ألف طن من المواد الكيماوية تم تطويرها واستخدامها لإبادة الأفراد والشعوب بالإضافة إلى شبكات الإرهاب عابرة القارات التي تنامت في مختلف دول العالم ، بما فيها المنطقة العربية ، وقد عبر عن ذلك \"كوفى عنان \" الأمين العام السابق للأمم المتحدة بقوله : \" سيذكر القرن العشرين بأنه القرن الموسوم بالعنف ،

فهو يحمل موروثاً هائلاً من الخراب والدمار، واستطاع أن يوظف التكنولوجيا الحديثة في خدمة أيديولوجيات العنف والكراهية ، وبعيداً عن قيم التسامح مع الآخر

. ولنشر ثقافة السلام ينبغى على الإعلام بكل صوره ، ووسائله أن يتضافر لتكريس فضيلة التسامح بما ينطوي عليه من مساواة لكل البشر ، بغض النظر عن العرق أو العقيده أو النوع أو اللون ، وهذا يمثل الأساس العقلاني الممكن سواء فى برامج التوك شو ، أو المقالات الصحفيه ، والأهم حالياً المواقع الإلكترونيه ، بما فيها مواقع التواصل الإجتماعى لتقدم واستقرار وسلام المجتمع الحديث بكل ما فيه من تنوع واتجاهات مختلفة ، وهو القيمة التي تمثل أسس حقوق الإنسان وقبول التعددية وترسيخ الديمقراطية وحكم القانون ، ونبذ التحزب والتعصب والقهر ، وعليه لا يعنى التسامح الرضى بالظلم الاجتماعي أو إستمراء الخضوع السياسي ، بل يعني التسامح حق كل إنسان في حرية الإعتقاد ، وضمان المجتمع لهذا الحق وإلتزام الدول بمعاييره، باعتباره حقاً للجميع يمارسونه بشكل عادل ومتساو وبلا تمييز فيما بينهم .

لكن يجب أن نعترف بأن وسائل الإعلام بذاتها لا تصنع الصورة أو تغير منها ، ولكن توجد مؤسسات أخرى تعمل في هذا الاتجاه وتسعى إلى تحقيقه ، ويذكر (Rosie, 2003) أن في المجتمعات مؤسسات تعمل على تقديم المواد والمعلومات الأوليه التي يتم على اساسها خلق صورة سائده للمجتمع ، ووسائل الإعلام تستقطب هذه المعلومات والمواد وتضعها فى تصيغات صحفيه وبرامج إعلامية شديدة الحرفيه ليتم توجيهها لصناعة أو تأكيد أو تعديل أو تغيير الصورة الذهنية للأفراد والمجتمعات والدول والمؤسسات المختلفة . وفى دراسة للدكتور مجدي الداغر أشارت إلى عدد من النتائج المهمة منها تصدر موضوعات التسامح السياسي قائمة القضايا المطروحة إزاء العلاقة مع الآخر بنسبة (45%)،

ثم جاء التسامح الديني (36%)، فالإجتماعى (14%)، وأخيراً التسامح الفكري (5%) ، بما يدلل على تأثير طبيعة الفترة الزمنية التي تناولتها الدراسة من تحولات سياسية واجتماعية داخل المنطقة العربية أو ما يعرف ب ( ربيع الثورات العربية ). كما أوصت بعض الدراسات بضرورة أن تعمل وسائل الإعلام على تنمية الوعي الجماهيري لدى المواطنين من خلال ترسيخها للقيم والمبادئ الايجابية التي تؤدي إلي البناء الاجتماعي وتؤكد هويته وذاتيته وتشجع حاجاتهم لعمليات التغيير المستمر وتنهض بدور المواطن في تفاعله مع الأحداث والقضايا التي ترتبط بالمصلحة العليا للدولة ، وكذلك تقبل الآخر مهما كان مختلفا، تطبيقا لمبدأ التسامح، لأنه لا يعقل أن يعاتب الآخر على نمطية أفكاره،

وتتبني الذات موقفا مغايرا لذلك، وعدم اختزاله، كما يفعل هو، في مجموع صور نمطية مشوهة. مع ضرورة تسويق الذات بطريقة \"عصرية\" وذلك من خلال استثمار قوة وجاذبية الثقافة البصرية، والتكنولوجيات الإعلامية والاتصالية الحديثة، وصياغة رسالة جماعية ذات معالم واضحة قادرة على مخاطبة الآخر وإقناعه بعيدا عن الخطابة ولغة التقريع والإقصاء. وما أود أن اقوله فى النهايه حول الإعلام والتسامح مع الأخر ضرورة التركيز على الأشكال التحريرية التي تخلق الحوار والنقاش وإشراك الرأي العام فيما يتعلق بالقضايا المجتمعية بضرورة الاهتمام بالتغطية الاستقصائية التي تبحث عن ما وراء الخبر وتتابع الأحداث وخلفياتها وتضع الحلول والمعالجات وتطور مفاهيم المواطنين ليصبحوا أكثر قابلية للمشاركة في معالجة قضايا مجتمعاتهم الحيوية والمصيرية، وكذلك الاهتمام بتدريب الكفاءات الإعلاميه الوطنية باعتبار أنهم أكثر إدراكاً لقضايا مجتمعهم وينطلقون في أداء مهنتهم الصحفية أو البرامجيه أو المعلوماتيه من أهداف وطنية بحتة، والاعتماد على المصادر الموثوقة في تغطية قضايا المجتمع.
دكتور/ مجدى الإشنينى مستشار إعلامى وخبير إقتصادى
eshniny@gmail.com
01223754980


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع