بقلم ضياء رشوان | الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠١٤ -
١٦:
٠١ م +02:00 EET
كيف يواجه الإخوان الدستور؟
هل سيشارك الإخوان المسلمون فى الاستفتاء على الدستور الجديد؟ هذا هو السؤال الذى يطرحه كثير من المصريين، بعد أن حدد رئيس الجمهورية موعد الاستفتاء فى منتصف الشهر القادم. وإذا كان المنطق الطبيعى هو الذى يحدد إجابة السؤال، فهو يؤدى بصورة مباشرة إلى رفض الإخوان المشاركة فى الحدث المركزى الذى ستقوم عليه بقية مراحل وخطوات خريطة المستقبل التى ولدت يومى ٣٠ يونيو و٣ يوليو، لأن كل هذا، حسب رؤيتهم، ما هو إلا تطورات للانقلاب العسكرى على الشرعية كما يسمونه.
إلا أن تصور أن جماعة الإخوان تسلك فى حركتها السياسية المنطق الطبيعى الذى يعرفه الناس، إنما هو تصور غير دقيق، فالجماعة عودتنا خلال سنوات الثورة الثلاث على أنها تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول، ولا تسلك طريقاً مستقيماً واضحاً أبدا بين نقطتين ثابتتين، فهى دائمة التعرج والالتفاف والمناورة فيما يعتقد معظم الناس أن الاستقامة واجبة فيه، فالاستفتاء ومرور الدستور بمشاركة كبيرة تفوق المشاركة فى الاستفتاء على دستور الإخوان المعطل، وبموافقة تتجاوز نسبة الموافقة عليه، هو بالنسبة للجماعة ضربة النهاية فى محاولاتها المستميتة لإيقاف عجلة الثورة الدائرة بسرعة، وإثبات أخير بأن شرعية حكم رئيسها المعزول قد سقطت إلى الأبد. لهذا، فإن «معركة الاستفتاء» بالنسبة للإخوان هى الأهم فى كل ما جرى منذ ٣٠ يونيو بما فى ذلك يوم ٤ نوفمبر الذى مثل فيه رئيسهم المعزول أمام المحاكمة وراء قضبان قفصها الحديدى.
من هنا فإن الجماعة تتبع عدة أساليب لإفساد الاستفتاء والموافقة الشعبية الواسعة على الدستور الجديد. أول هذه الأساليب، وهو أضعفها، هو التشكيك فى مضمون بعض مواد الدستور وإشاعة أكاذيب حوله تصل لحد النسخ المزيفة له، إلا أن هذا الأسلوب هو الأقل تأثيراً على الرأى العام، نظراً لعدم احتواء الدستور على مواد ونصوص كثيرة يمكن انتقادها، عدا ما تروّج له الجماعة كذباً فيما يخص الشريعة الإسلامية، وما تبالغ فيه حول نص المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتعيين وزير الدفاع لدورتين رئاسيتين، بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ثانى هذه الأساليب هو السعى الدؤوب من الجماعة لخلق قضايا ساخنة تجذب الإعلام والمجتمع لمتابعتها بعيداً عن الاهتمام بالدستور والحشد للاستفتاء عليه، وأبرزها الحشود الطلابية الإخوانية فى الجامعات، وهو ما يحقق أيضاً هدف الجماعة فى تصوير الأوضاع فى البلاد وكأنها على وشك الانهيار. ومواجهة هذا الأسلوب تتوقف على وسائل الإعلام التى يجب أن تعطى كل الأحداث التى تغطيها أوزانها الحقيقية، دون مبالغة ولا تغييب، بحيث تحل قضية الدستور والاستفتاء عليه، وهى الأهم على الإطلاق بالنسبة للمصريين ومستقبلهم فى مكانها الأول والطبيعى من تغطياتها.
وثالث الأساليب سيكون هو إعلان الجماعة عن عدم مشاركتها فى الاستفتاء على الدستور، والعمل فى الوقت نفسه على حشد كل مؤيديها للإدلاء بأصواتهم بـ«لا»، وتحريض المواطنين على ذلك، وهو أسلوب طبيعى لدى الجماعة التى لا تعرف الاستقامة فى حركتها. ويكتمل هذا الأسلوب بالأسلوب الرابع وهو سعى الجماعة لإشاعة الخوف بين المصريين، مما يمكن أن يجرى يوم الاستفتاء، بحيث تحول دون نزولهم الكثيف، وهو يتم بترويج شائعات عن عمليات عنف ستقوم بها مع حلفائها يوم الاستفتاء فى مختلف مناطق البلاد. والحقيقة أن مواجهة هذا الأمر الأخير هى فى يد أجهزة الدولة الأمنية من جيش وشرطة، وهى قادرة على مواجهة كل هذه الاحتمالات بقوة قانونية يعرفها الإخوان جيداً. أما ترويج الشائعات حول عمليات عنفهم يوم الاستفتاء فإن مواجهته الفعالة فى يد الإعلام الذى لا يجب أن يبالغ فيها أو يروج لها كما يريد الإخوان، دون تجاهلها بصورة كاملة، بل عليه أن يركز بلا انحراف وبدأب متواصل على دعوة المصريين وحشدهم للتصويت على الدستور، الذى يجب أن يتم تعريفهم بكل مواده بصورة تفصيلية يومية، حتى يتمكنوا من التصويت على ما يعرفونه، وليس ما سمعوا عنه من هذا الطرف أو ذاك.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع