الأقباط متحدون - «الوطن» تستعرض علاقة رؤساء أمريكا بالإسلام من «واشنطن» إلى «أوباما»
أخر تحديث ١٣:١٣ | الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤ | ٧هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٨٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«الوطن» تستعرض علاقة رؤساء أمريكا بالإسلام من «واشنطن» إلى «أوباما»

البيت الأبيض
البيت الأبيض

«واشنطن» كان يعطف على المسلمين إكراماً لخادمتيه و«أيزنهاور» أهداهم مسجداً و«ريجان» أراد توظيفهم لضرب السوفيت.. و«أوباما» سعى لتمكين «الإسلام السياسى»
الإسلام والبيت الأبيض: قليل من الاحترام.. كثير من الكراهية

«سبيلبرج»: الصراع على الأندلس والحروب الصليبية والخلافة العثمانية أبرز عوامل كراهية الغرب للإسلام

«بريجنسكى»: توظيف الإسلاميين فى أفغانستان كان «فكرة ممتازة».. فما أهمية قيام «طالبان والقاعدة» مقارنة بـ«سقوط الاتحاد السوفيتى»؟

بعد 11 سبتمبر استشهد جورج بوش بالآية «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ» كدليل على سماحة الإسلام.. و«كلينتون» تأثر بقوله تعالى «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»

كاتب أمريكى: المسلمون اليوم مثل الكاثوليك فى الخمسينيات.. دخلاء ومتخلفون يخططون لغزو أمريكا

دخل الإسلام أمريكا عن طريق العبيد السود من المستضعفين فى الأرض مع بداية القرن السادس عشر، فظل دينهم وقضاياهم على هامش اهتمامات الرجل الأبيض، خصوصاً داخل البيت الأبيض منذ اللحظات الأولى لتأسيس الإمبراطورية الأمريكية. اختلفت توجهات صناع القرار الأمريكى من المسلمين على مدار نحو قرنين، اجتمعوا خلالهما على عدم الإيمان بالإسلام وعدم الاكتراث بالمسلمين واختلفوا فقط فى طريقة احتواء «خطر المحمديين» كما كانوا يسموننا، ودرجة احترامهم لحريتهم فى ممارسة شعائرهم. فى التقرير التالى ترصد «الوطن» تطور النظرة الأمريكية للإسلام على مدى أكثر من 200 عام، بداية من جورج واشنطن أول رئيس أمريكى وحتى الرئيس الحالى باراك أوباما.
قد يندهش الكثيرون حين يعرفون أن النخبة الأمريكية اتخذت موقفاً معادياً من الإسلام والمسلمين منذ اللحظات الأولى لتأسيس الولايات المتحدة، بل إن بعضهم كان لديه هاجس أن يأتى اليوم الذى يحكم فيه «محمدى» أمريكا.. وارتبطت كلمة الإسلام فى معظم الشواهد التى حملتها سجلات ميلاد الدولة الجديدة بإشارات سلبية. وشهدت جلسات صياغة الدستور الأمريكى، كما سجلها كتاب «مناظرات فى الدستور من ولاية كارولينا الشمالية» لجوناثان إليوت، أكثر من إشارة إلى ضرورة إحكام صياغة مواد الدستور بحيث لا تسمح بتولى المحمديين الرئاسة فى يوم ما. الدكتورة دينيس سبيلبرج، الباحثة فى الدراسات الإسلامية بجامعة تكساس، ترصد عدة مؤشرات أخرى على الاهتمام الأمريكى المبكر بالإسلام فتقول: «فى عام 1788، خلال مناقشة الدستور الأمريكى، دعا وفد ولاية نورث كارولينا إلى وضع مادة تحدد مؤهلات رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون مسيحياً. وحذر الوفد بأنه، إذا لم توضع هذه المادة، سيأتى يوم يكون فيه الرئيس الأمريكى من أتباع «محمد».. وفى هذا اليوم قال حاكم ولاية كارولينا الشمالية وعضو لجنة «التصديق على الدستور» صموئيل جونسون: «من المفهوم أن اليهود والمحمديين والوثنيين، قد يصلون بالانتخاب لمناصب عليا فى حكومة الولايات المتحدة. لكن المحمديين أو أى أشخاص آخرين لا يدينون بالمسيحية، لا يمكن أبداً أن ينتخبوا لمنصب الرئيس أو المناصب العليا الأخرى، إلا فى حالتين. أولهما أن يتخلى الناس فى أمريكا عن المسيحية تماماً، وهذا قد يحدث، وثانيهما إذا نجح شخص ما على الرغم من دينه، فى اكتساب ثقة واحترام شعب أمريكا بسبب حسن السيرة والسلوك والفضيلة». وتوضح «سبيلبرج» مؤلفة كتاب «قرآن توماس جيفرسون.. الإسلام والآباء المؤسسون لأمريكا»: «فى ذلك الوقت، كان المسيحيون البروتستانت هم الأغلبية الكبرى والمسيطرة فى الولايات المتحدة، وكانت المناصب السياسية ممنوعة على الكاثوليك واليهود، وبالطبع على المسلمين. لكن دعاة الليبرالية كانوا يجدون فى الدفاع عن الإسلام أكبر مثال على ما يمكن أن تصل إليه الليبرالية، فمثلاً خلال بحثى فى وثائق المناقشات الدستورية، وجدت أن محامياً فى وفد ولاية نورث كارولينا، اسمه جيمس إيردل، جادل لفتح الباب أمام الأديان الأخرى. وقال إن الدستور يجب ألا يستثنى أتباع الأديان الأخرى، وأشار إلى المسلمين».
علاقة الرؤساء الأمريكيين الأوائل بالإسلام تراوحت بين العداء الظاهر للإسلام والرغبة فى التعايش مع المسلمين فقط تعبيراً عن المدى الذى يمكن أن تسمح به الليبرالية فى التسامح. أما الرؤساء الأمريكيون، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية وظهور أمريكا كقوة عظمى، فقد اتجه جميعهم تقريباً للدفاع عن المسلمين والتأكيد على تسامح الإسلام، وفى نفس الوقت سعوا لاستغلال الطاقة الهائلة لمفهوم الجهاد لتنفيذ أجندتهم العالمية.

الرئيس الأمريكى الأول

اقتصرت علاقة الرئيس الأمريكى الأول جورج واشنطن بالإسلام على الدعوة لحماية حرية العبادة للجميع حتى المحمديين (الكلمة الشائعة فى الإشارة للمسلمين وقتها) بسبب وجود عدة آلاف أو ربما عشرات الآلاف، من العبيد المسلمين فى أمريكا مع بداية القرن الـ19، وامتلك «واشنطن»، على الأقل، مسلمتين: «فاطمار» (فاطمة)، و«ليتيل فاطمار» (فاطمة الصغيرة). ويبدو أن وجود هاتين الخادمتين، اللتين ظهر اسماهما فى قائمة ضريبية ضمت 1774 عبداً من ممتلكات جورج واشنطن، كان أحد أسباب تعاطف «واشنطن» مع المسلمين فى وقت كانت فيه الأغلبية من الأمريكيين مثل الأوروبيين تنظر إلى الإسلام باعتباره ديناً «إرهابياً أو مزيفاً». وتعبيراً عن تسامحه اقترح ذات مرة جورج واشنطن إعفاء المسلمين من مشروع قانون فى فيرجينيا يقضى بدفع ضرائب لبناء الكنائس. وفى مناسبة أخرى، أعلن «واشنطن» أنه سيرحب بـ«المحمديين» فى مدينته ماونت فيرنون «لو كانوا عمالاً جيدين» لكن مرة أخرى تبدو كل الإشارات الصادرة عن «واشنطن» مجرد تأكيدات على حجم تسامحه مع كل الديانات بما فيها الإسلام «المكروه».

الرئيس الثانى

أما الرئيس الثانى جون آدامز فقد أشاد فى عام 1776 بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم «باعتباره واحداً من الباحثين الجادين عن الحقيقة»، ولكنه، وفقاً لتصريحات «سبيلبرج» لـ«الوطن» عبر عن وجهات نظر متحيزة جداً ضد الرسول فى وقت لاحق، واعتبره «رجلاً مهووساً بالحرب مثل نابليون». اشترى «آدامز» أول نسخة أمريكية من القرآن الكريم، فى عام 1806، بعد أن ترك الحياة السياسية بـ6 سنوات، إثر هزيمته فى الانتخابات الرئاسية أمام «جيفرسون» فى عام 1800. النسخة كانت مطبوعة فى سبرينجفيلد، ماساشوستس فى 1806، وهذه النسخة ما زالت موجودة مع مجموعة من كتبه فى المكتبة العامة فى بوسطن. ووفقاً لـ«سبيلبرج» فإن ترجمة هذه الطبعة لم تكن دقيقة، وتحتوى أخطاء وإساءات إلى الإسلام. وظهر تعصب «آدامز» الدينى خلال الحرب الأمريكية ضد قراصنة غرب البحر الأبيض المتوسط، إذ اعتبرها «حرباً دينية بين الإسلام والمسيحية» لمجرد أنها حرب مع دول إسلامية مثل تونس وليبيا والجزائر، وهو ما رفض الرئيس الثالث جيفرسون وصفها بأنها مجرد «حرب اقتصادية وسياسية».

الرئيس السادس

الرئيس السادس للولايات المتحدة «جون كوينسى آدامز»، تبنى آراء سلبية جداً بل وأحياناً عدائية للإسلام مثل أبيه الرئيس الثانى جون آدامز وتوضح مجموعة مقالات كتبها «آدامز» بعد رئاسته، بين عامى 1825 و1829، وقبل انتخابه للكونجرس فى عام 1830، عدة مقالات عن الحروب الروسية التركية حجم كراهية «جون كوينسى» للإسلام وتحامله على رسوله الكريم. فى هذه المقالات، تحدث «كوينسى» بإسهاب عن التهديد الذى يمثله الإسلام للعالم عبر التاريخ، وكان من بين ما جاء فى هذه المقالات التى وردت فى كتاب «السجل الأمريكى» لـ«بلانت جوزيف»: «فى القرن السابع الميلادى، ظهر عربى متجول من سلالة هاجر المصرية، جمع بين العبقرية والطاقة الهائلة للتعصب، وروح الاحتيال، وأعلن نفسه رسولاً من السماء، ونشر الخراب والوهم على رقعة واسعة من الأرض». ثم تحدث بلغة مسيئة جداً عن فساد دين الإسلام وادعاءات الرسول... إلخ، مؤكداً أن «جوهر هذه العقيدة هو العنف والشهوة، وإعلاء الوحشية على الجانب الروحى للطبيعة البشرية».

ثم يقول «بين هذين الدينين، يقصد الإسلام والمسيحية، المتناقضين فى طبيعتهما، احتدمت بالفعل حرب لأكثر من 1200 عام. هذه الحرب ما زالت مشتعلة، ولا يمكن أن تتوقف إلا باختفاء دجل محمد.. وبسبب الأفكار المتطرفة لهذا النبى الكذاب، لا يمكن أبداً أن يكون هناك سلام على الأرض، ومشاعر طيبة وحسن ظن تجاه البشر، وستصيح يد إسماعيل ضد كل البشرية، وسوف يحمل الجميع السلاح ضد بعضهم البعض». وأضاف «إنه فعلاً من أسرار الله، أن يبقى هذا الوهم كل هذه السنوات الطويلة وينتصر على العقيدة السلمية الوديعة للمسيح».

توماس جيفرسون

فى عام 1801، صار توماس جيفرسون الرئيس الثالث. وفى أول سنة، أعلن الحرب ضد القراصنة المسلمين فى غرب البحر الأبيض المتوسط، وخصوصاً فى ليبيا التى كانت تسمى «دولة طرابلس الإسلامية».
وتعد هذه المواجهة أول حرب أمريكية فى الخارج. كانت المغرب قد وقعت معاهدة مع الولايات المتحدة لحماية سفنها من القراصنة فى المنطقة، لكن ليبيا التى وافقت على حماية السفن مقابل 80.000 دولار سنوياً، عادت وطلبت 250 ألف دولار سنوياً، وعندما رفض جيفرسون، أعلنت ليبيا الحرب، فرد جيفرسون بإعلان الحرب «ضد البرابرة». وأرسل سفناً ضربت طرابلس لكنه كان حريصاً ألا تكون الحرب ضد الإسلام والمسلمين، وسعى لحل دبلوماسى فى وقت لاحق. وأشارت اتفاقية السلام وإنهاء الحرب التى عقدها مع ليبيا إلى الآتى: «بما أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لا تُكن أى نوع من العداء لدين وقوانين وأمن المسلمين، لا يجوز لأى رأى أو تفسير دينى أن يؤثر على الوئام فى العلاقات بين البلدين» وعندما قابل سفير تونس فى البيت الأبيض عام 1805، أول سفير مسلم فى واشنطن، أمر جيفرسون بنقل وقت المأدبة الرسمية من بعد الظهر إلى بعد غروب الشمس، وذلك لأن الوقت كان شهر رمضان.
وفى خطاباته إلى حكام ليبيا وتونس، وكانوا من أعداء الولايات المتحدة، استخدم معرفته بالإسلام فى الدبلوماسية. وكرر فكرة وجود الله، والإيمان المشترك به. وفى رسالة إلى حاكم ليبيا، دعا الله أن يحفظه، ويحميه بحمايته المقدسة.

وتوضح «سبيلبرج»: كان جيفرسون، المؤلف الرئيسى لإعلان الاستقلال الأمريكى (عام 1776) ومؤسس الحزب الجمهورى، شخصية فريدة.. فقد انتقد الإسلام والمسيحية واليهودية وتحدث عن الإسلام كدين يقمع البحث العلمى -وهى فكرة غريبة وغير صحيحة حصل عليها من «فولتير»- ولكنه كان قادراً على فصل مبادئه عن الحرية الدينية والحقوق المدنية للمسلمين وأحكامه المسبقة التى ورثها عن الأوروبيين عن الإسلام.. ودافع بنفس الحماس عن حقوق الكاثوليك واليهود، فى الواقع لم يكن لديه أشياء جيدة يقولها عن الكاثوليكية أو اليهودية، لكنه أصر على أن الحقوق المدنية متساوية. «جيفرسون» قاوم فكرة أن الكاثوليك يشكلون خطراً على الولايات المتحدة بسبب ولائهم لبابا الفاتيكان. كان هناك العديد من البروتستانت الذين اختلفوا معه حول الكاثوليك، وكثير من الذين قد اختلفوا معه عن المسلمين، «كان هناك غرباء، المطالبة باحترام عقائدهم وعدم إقصائهم يمثل أبعد ما يمكن أن يصل إليه التسامح، وبالنسبة لجيفرسون فقد كان حديثه -ولم يكن وحده فى هذا- عن الأقلية المسلمة يعنى الدفاع عن الجميع مثل اليهود والكاثوليك والآخرين.. واستبعاد المسلمين يعنى أنه لن يكون هناك أى مبدأ عالمى للحقوق المدنية». وتضيف «سبيلبرج» أن كراهية الإسلام لدى الغربيين تعود بصفة رئيسية لثلاثة عوامل؛ أولها الصراع فى إسبانيا قبل سقوط الأندلس والحروب الصليبية، ثم ميراث الإمبراطورية العثمانية البغيض ضد العديد من شعوب الغرب ورعاياها.

وتضيف فى كتابها: اشترى «جيفرسون» مصحفاً، وكان يتكون من جزأين، فى عام 1765، قبل 11 عاماً من إعلان الاستقلال. فى ذلك الوقت، كان طالباً فى كلية الحقوق فى جامعة فيرجينيا. نظر إلى القرآن كمصدر لقانون مقدس. واشترى نسخة من المصحف الذى ترجمه البريطانى جورج سيل، الذى كان أول من ترجم القرآن مباشرة من العربية إلى الإنجليزية. ومع الترجمة كتب «سيل» مائتى صفحة عن تاريخ الإسلام، وعن عبادات، ومعاملات، وعادات المسلمين. وكانت هذه أكثر دقة من معلومات سابقة عن الإسلام والمسلمين كتبها غربيون.

ورث الأمريكان كراهية المسلمين من الأوروبيين الذين اعتبروهم «أعداء الحياة».. والمعتدلون فى القرن الـ18 وصفوهم بـ«بشر مثلنا»

«جيفرسون» كتب بخط يده «يجب عدم استثناء المحمديين» من حقوقهم.. والرئيس الأمريكى السادس اعتبرهم خطراً على العالم ودينهم «ينشر الخراب والوحشية»

وتتابع: كانت معظم القوانين الأوروبية تصف المسلمين بأنهم «أعداء الحياة». وكانت الإشارة الرئيسة هى أن الخلافة العثمانية، وقت اكتشاف أمريكا فى القرن الـ16، كانت سيطرت على بلجراد. ووقت استقلال أمريكا فى القرن الـ18، كانت تحارب روسيا بعد أن اقتربت من «كييف». لكن، خلال بحث «جيفرسون» فى القوانين الأوروبية، وجد قانوناً بريطانياً يدعو إلى التسامح مع المسلمين. وفيه الآتى: «يجب ألا يكون هناك اختلاف بين ديننا ودينهم. ويجب ألا نكون أعداءهم. هم مخلوقات الله وبشر مثلنا». أثرت هذه الكلمات على رأى جيفرسون فى المسلمين. وفى عام 1776، بعد شهور من كتابته وثيقة إعلان الاستقلال، خلال دراساته، عبارة من عام 1689، كتبها الفيلسوف البريطانى جون لوك عن التسامح الدينى. وفيها الآتى: «يجب عدم استثناء (المحمديين) واليهود من الحقوق المدنية بسبب الدين». اليوم، توجد هذه العبارة بخط جيفرسون فى مكتبة الكونجرس. وفى وقت لاحق، عندما كتب دستور ولايته، ولاية فيرجينيا، فتح الباب أمام الحرية الدينية والمساواة السياسية للمسلمين.

وتقول «سبيلبرج»: كان رأى جيفرسون الأول فى الإسلام سلبياً، وغير صحيح. وأعتقد أنه تأثر بكتابات الفيلسوف الفرنسى فولتير، خصوصاً قوله إن «الإسلام يكبت البحث العلمى». وأعتقد أن هذا أثر على قرار جيفرسون بفصل الدين عن الحكومة فى ولاية فيرجينيا، ثم فى الدستور الأمريكى. وهكذا، أيد

جيفرسون حق المسلمين فى أن يكونوا، يوماً ما ونظرياً، مواطنين أمريكيين. وطبعاً، فى ذلك الوقت كان هذا الرأى مرفوضاً وسط الأمريكيين وفى عام 1821، قبل خمس سنوات من وفاته، قال إنه «كان ينوى وضع كلمة (مسلمين) مباشرة فى قانون الحريات الدينية، وإن الرئيس الأول جورج واشنطن، والرئيس الرابع جيمس ماديسون كانا سيتفقان معه على ذلك». اعتقد جيفرسون أن قانون «مكانة الدين فى الولايات المتحدة»، الذى كتبه، وظل يفتخر به، يعترف بحقوق المسلمين اعترافاً نظرياً. لكنه لم يعلم بوجود مسلمين وسط الرقيق الذين جلبوا من غرب أفريقيا فى الحقيقة. ولكن ليس فقط بالنسبة لجيفرسون، ولكن، بصورة عامة، حجبت تجارة الرقيق والتفرقة العنصرية ضد الزنوج النظرة الصحيحة للمسلمين، وبالتالى للإسلام.

مسلمون بأمريكا يصلون تحت حراسة الشرطة

ويوضح رئيس شعبة المخطوطات بمكتبة الكونجرس جيمس إتش. هاتسون أن المسلمين، على عكس باقى الأقليات فى الولايات المتحدة، شعروا بالتمييز ضدهم خصوصاً بعد 11 سبتمبر. وتشير الشواهد إلى أن أعداداً كبيرة من الأمريكيين ينظرون لجيرانهم المسلمين كغرباء من خارج حدود الحياة والتاريخ الأمريكى. وبينما تعيش الأقليات الأخرى، بشكل جيد داخل حدود أمريكا منذ الأيام الأولى لنشأتها، ولا يُنظر إلى المسلمين على أنهم جزء من التجربة الأمريكية، رغم أن مئات، وربما آلافاً، من المسلمين عاشوا الأيام الأولى لميلاد أمريكا فى عام 1776 وكانوا من بين العبيد الذين تم شراؤهم من أفريقيا.

ويتابع «إتش» الذى ألف كتاباً بعنوان «الدين وتأسيس الجمهورية الأمريكية»: بالرغم من عدم وجود أدلة على أن المؤسسين الأوائل كانوا على علم بالقناعات الدينية لهؤلاء العبيد، فمن الواضح أن هؤلاء المؤسسين اهتموا بدراسة العلاقة بين الإسلام والأمة الجديدة وكانوا مستعدين لإفساح مكان له. وفى حملته من أجل الحرية الدينية فى ولاية فيرجينيا، دعا الرئيس جيفرسون للاعتراف بالحقوق الدينية لـ«المحمديين» واليهود و«الوثنيين». ودعم «جيفرسون» حليفه القديم، ريتشارد هنرى لى، الذى أوضح للكونجرس فى 1776، أن الحرية الحقيقة تعنى «احتضان المحمديين والهندوس وكذلك الدين المسيحى».. ويضيف «هاتسون» أنه «فيما يتعلق بالإسلام نفسه تبنى الجيل المؤسس لأمريكا وجهات نظر مختلفة. فقد وصف متحدث باسم المعمدانية الإنجيلية الرسول الكريم بأنه (شخص بغيض) على عكس اليسوع الوديع اللطيف، نشر دينه بحد السيف». ووصف رجل دين مسيحى من ساوث كارولينا «دين محمد بأنه نشأ بالسلاح، ويتنفس السلاح ويروج للسلاح» لكن باحثين آخرين، كانت لهم آراء مختلفة فى الإسلام، ففى عام 1783، قال رئيس كلية ييل «عزرا ستايلز» إن «المبادئ الأخلاقية التى يتعلمها المسلمون تنمى لديهم ميولاً تجعلهم أفراداً أكثر سعادة فى المجتمع» وأشاد بنيامين راش، مغنى إعلان الاستقلال وصديق آدمز وجيفرسون، بمزايا الإسلام، مؤكداً أنه يفضل أن يرى آراء كونفوشيوس أو محمد فى أذهان شبابنا بدلاً من رؤيتهم يكبرون بدون أى نظام من المبادئ الدينية.

وللإنصاف لم يكن تعصب الأمريكان من ذوى الأغلبية البروتستانتية يقتصر على المسلمين، فقد عانى اليهود والمسيحيون الكاثوليك لعشرات السنوات قبل أن يحظوا بثقة المجتمع الأمريكى، ويعدد الكاتب الأمريكى البارز «دوج سوندرز» مآخذ الأمريكان على المسلمين بأنهم «أقلية دينية لا يمكن الوثوق بها، ولديهم استعداد للخيانة والتطرف والعنف، يقاومون الاندماج فى المجتمع الأمريكى ويتكاثرون بمعدلات تنذر بالخطر، ويريدون فرض قوانينهم الدينية المتخلفة على بلدهم الجديد (أمريكا)» ويضيف أن كل هذه الاتهامات ليست جديدة، فقد وجهت نفس هذه الاتهامات للمسيحيين الكاثوليك بداية من القرن 19.. ونتج عنها انعدام الثقة فيهم وعنف ضدهم ثم فرض قيود على هجرتهم للولايات المتحدة. وفى الخمسينات من القرن الماضى ظهر كتاب رائج بعنوان «الحرية الأمريكية والنفوذ الكاثوليكى» وزع 240 ألف نسخة (أى نسخة لكل مواطن). وكاتبه بول بلانشارد -دبلوماسى ومحرر لمجلة ذا نيشن الشهيرة- خلاصته أن الكاثوليكية «عقيدة تدعو للغزو وتقاليدها تمثل شكلاً من أشكال الاستبداد فى القرون الوسطى، وليس لهذه الكاثوليكية مكان فى البيئة الديمقراطية الأمريكية»! الطريف أن ارتفاع مواليد الكاثوليك -الذين يحرمون تنظيم النسل- ويفضلون فصل الإناث عن الذكور فى الدراسة جعل مؤلف الكتاب ومشرعين وصحفيين يحذرون من «مخطط كاثوليكى لغزو أمريكا».

وكانت أوضاع الدول الكاثوليكية، مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال والنمسا التى عانت من الفاشية والتطرف، أحد أسباب انتشار التعصب والاستعلاء على الكاثوليكيين فى أمريكا. وبعد الحرب العالمية الأولى شن متطرفون كاثوليك -الذين عانوا من مستويات تعليمية متدنية- هجمات إرهابية فى الولايات المتحدة. ويقول الكاتب إن التاريخ يعيد نفسه لكن بتعديل طفيف واستبدال المسلمين بالكاثوليك. فى هذه الأيام، يواجه المسلمون -كثير منهم من المهاجرين الجدد- من نفس الاتهامات، وينظر لهم الكثير من الأمريكان بالخوف والشك. وأحد الأسباب الرئيسية لهذا لأنهم -مثل الكاثوليك من قبلهم- هاجروا لأمريكا فى وقت سيئ للهجرة إليها، وجاءوا من بلدان تسودها الاضطرابات، وبينهم متطرفون «يضعفون ويسيئون لصورتهم».

ويضيف «سوندرز» فى مقال مطول بصحيفة نيويورك تايمز «فى الواقع، المهاجرون المسلمون «قصة نجاح» فقد حققوا مستويات عالية من التحصيل العلمى، ومعدلات الإنجاب لديهم -المقلقة للبعض- تتقارب بسرعة مع المعدلات العامة، وهم فى النهاية أقل من 2 فى المائة من السكان، أى نفس نسبة اليهود تقريباً. والعناصر العنيفة بينهم قليلة ولا يمكن أن نحمل وزرهم على الإسلام، مثلما حملنا وزر «الفوضويين فى العشرينات من القرن العشرين» على الكاثوليكية، ثم إن التطرف شبه معدوم بين المسلمين الأمريكان، وحرصهم على مؤسسات الدولة العلمانية مرتفع. وما يقال عن مخطط إسلامى لاختطاف أمريكا فهو ليس إلا وهماً، تماماً مثل الاعتقاد بأن الثقافة الإسلامية غير قابلة للاندماج فى الوعاء الأمريكى».

«أيزنهاور» سعى لتوظيف الإسلام و«الإخوان» لضرب «عبدالناصر».. وكان سعيد رمضان همزة الوصل مع المخابرات الأمريكية

وعلى عكس مواقف الآباء المؤسسين الصريحة والجارحة أحياناً تغير موقف الرؤساء اللاحقين، بعد أن تحولت أمريكا لدولة عظمى، لتصريحات مهذبة لكن أغلبهم سعى لتوظيف الإسلام كأداة سياسية، وعلى سبيل المثال كتب أيزنهاور فى مذكراته: «هناك عامل أساسى فى المشكلة وهو نمو طموح عبدالناصر والإحساس بالقوة الذى اكتسبه من ارتباطه بالسوفيت واعتقاده أنه يستطيع أن يبزغ قائداً حقيقياً للعالم العربى بأسره.. ولدحر أى حركة فى هذا الاتجاه نريد تقصى إمكانية إقامة الملك سعود كثقل موازٍ لعبدالناصر.. إن السعودية بلد يضم الأماكن المقدسة للعالم الإسلامى، والسعوديون يعتبرون أشد العرب تديناً ومن ثم فإن الملك ربما يمكن تنصيبه زعيماً روحياً وبمجرد إنجاز ذلك نستطيع البدء فى المطالبة بحقه فى القيادة السياسية».

وفى سعيه لتطبيق هذه السياسة قرر استخدام جماعة الإخوان، وكان همزة الوصل الدكتور سعيد رمضان. فى عام 1953 زار وفد علماء مسلمين من دول مختلفة الولايات المتحدة وذلك -كما أعُلن وقتها- لحضور ندوة عن الثقافة الإسلامية نظمتها جامعة برنستون. وكان سعيد رمضان أحد قيادات الرعيل الأول للجماعة وزوج ابنة الإمام حسن البنا والسكرتير الشخصى له، وبعد انتهاء الندوة اختار مسئولون فى البيت الأبيض 15 شخصاً من هؤلاء العلماء لدعوتهم لزيارة البيت الأبيض ومقابلة «أيزنهاور» شخصياً فى 23 سبتمبر من عام 1953. لكن وثيقة سرية أمريكية -وقعت فى يد صحفى التحقيقات الأمريكى روبرت دريفوس- مؤلف كتاب «لعبة الشيطان: كيف أطلقت أمريكا الأصولية الإسلامية»- كشفت أن هدف الزيارة الحقيقى كان حرص واشنطن على التعاون مع أشخاص من أصحاب النفوذ فى تشكيل الرأى العام فى البلاد الإسلامية فى قطاعات مختلفة مثل التعليم والعلم والقانون والفلسفة، وهو ما سيعزز بشكل غير مباشر النفوذ السياسى للولايات المتحدة فى المنطقة.. ويدعمها فى حربها ضد المعسكر الشرقى الشيوعى بقيادة روسيا. فى هذه الفترة كانت مناهضة الشيوعية هى المحرك الأساسى للسياسة الأمريكية، وهو هدف مشترك مع الإخوان. الصحفى الأمريكى الشهير إين جونسون يقول فى كتابه «مسجد فى ميونخ» -الذى رصد فيه الاتصالات المبكرة بين الجماعة والولايات المتحدة-: «يبدو أن الهدف الحقيقى من الدعوة كان التعرف على مدى استعداد الإسلاميين -ومنهم الإخوان- لدعم واشنطن فى صراعها مع موسكو الشيوعية». الولايات المتحدة -فى هذه الفترة- كانت تنظر للإسلام باعتباره قوة اعتدال إيجابية قادرة على ردع الشيوعية، ولذلك لم يكن غريباً أن يدعو مسئولون فى الإدارة الأمريكية سعيد رمضان -مع آخرين بعد مؤتمر جامعة برنستون- لزيارة للبيت الأبيض ولقاء أيزنهاور. لكن للأسف لم تتوافر أى مستندات توثق أو تروى ما حدث أو تم الاتفاق عليه أثناء هذه الزيارة. وتعددت شواهد كثيرة على محاولات «أيزنهاور» إرضاء المسلمين فمثلاً قال فى إهدائه لمسجد المركز الإسلامى فى واشنطن العاصمة، فى 28 يونيو 1957 «فى لقائى معكم الآن، أمام واحد من أحدث وأجمل المبانى فى واشنطن، أرى أنه من المناسب أن نعيد تكريس مفهوم العيش السلمى لكل الناس تحت سماء إله واحد، وأود أن أؤكد لأصدقائى المسلمين، أنه بموجب الدستور الأمريكى، والعرف الأمريكى، وفى قلوب الأمريكيين، فإن هذا المركز، وهذا المسجد، يلقى منا نفس الترحيب الذى تلقاه دور العبادة لأى دين آخر. الواقع أن أمريكا ستحارب بكل قوتها من أجل حقكم فى أن يكون لكم هنا مسجدكم لتعبدوا الله وفقاً لضمائركم». كان أيزنهاور أول من أمر بوضع علامة الهلال للجنود الأمريكان المسلمين تمييزاً لهويتهم الدينية.

فى مطلع الثمانينات -أى بداية عهد مبارك- اكتسبت الجماعات الإسلامية المختلفة -ومنهم الإخوان- أهمية خاصة لإدارة الرئيس الأمريكى رونالد ريجان الذى كان يرغب فى توظيفهم لضرب الاتحاد السوفيتى بعد غزوه لأفغانستان فى عام 1979. فى هذه الفترة سعت الـ«CIA» والمخابرات الباكستانية للعمل بشكل وثيق مع الإخوان، فرع باكستان المعروف باسم «جماعة الإسلام» وذلك بهدف استنزاف الجيش الأحمر فى أفغانستان. خطة ريجان -التى جعلت من الولايات المتحدة فيما بعد متهماً بإطلاق شيطان الجهاد الإسلامى المسلح والمتطرفين الإسلاميين الذين شكلوا فيما بعد «القاعدة»- كانت وما زالت موضع فخر كثير من السياسيين الأمريكان الذين رأوا فيها فكرة عبقرية لا يقلل منها وجود آثار جانبية. وهو ما عبر عنه زبيجنيو بريجنسكى مستشار الرئيس كارتر لشئون الأمن القومى ذات مرة لصحيفة «نوفيل أوبزرفتوار»، التى سألته هل يشعر بالندم على رعاية الجماعات الإسلامية أثناء حرب أفغانستان، بقوله: «كيف أندم على فكرة ممتازة؟! وما أهمية قيام «طالبان» مقارنة بسقوط إمبراطورية الاتحاد السوفيتى؟! وما أهمية وجود بعض المسلمين الغاضبين مقارنة بتحرير وسط أوروبا وإنهاء الحرب الباردة؟!»

وظل الإسلام أو بالأحرى الإسلاميون جزءاً من استراتيجية الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمواجهة حركات التحرر الوطنى والتوجهات القومية، فضلاً عن مواجهة النفوذ السوفيتى فى العالم الإسلامى. فى عام 1989 كشف مايلز كوبلاند، أحد مؤسسى وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، عن قناعته أن الحرب العالمية الثالثة ستبدأ عندما تُورط روسيا الولايات المتحدة وإسرائيل فى حرب مع العالم الإسلامى، وقال نصاً فى كتابه «صانع ألعاب.. اعترافات عميل الاستخبارات المركزية الحقيقى»: «لن نستطيع حتى بمساعدة الإسرائيليين -أو بالأحرى بسبب مساعدة الإسرائيليين!- هزيمة الإيرانيين، والعرب، والعالم الإسلامى أى العالم الثالث كله إذا انقلب علينا. نحن (وكالة المخابرات المركزية) لدينا سبب للاعتقاد بأن صناع الاستراتيجيات الروس يفهمون ذلك جيداً، والحرب العالمية الثالثة التى يتصورونها ستبدأ عندما نتورط فى حرب ضد قوى غير محددة الملامح فى دول العالم الثالث، تقف فيها روسيا ظاهرياً على الحياد. وحسب المعلومات المتاحة بسهولة للحكومة الأمريكية ودون اللجوء إلى التجسس، فإن روسيا قد أوضحت بما فيه الكفاية أن الحرب العالمية الثالثة ستبدأ عندما تضطر الولايات المتحدة للدخول فى مجموعة من المواجهات للعب دور القوى العظمى ولكن، كما سيرى العالم على شاشات التليفزيون، فإنه فى واقع الأمر، ستكون دولة عاجزة ومستنزفة».

الرئيس بيل كلينتون كان أول من بدأ تقليد إقامة إفطار فى رمضان فى البيت الأبيض، وفى آخر إفطار رمضانى فى ولايته الثانية ألقى خطاباً مؤثراً تحدث فيه عن كيفية تأثره بقيم الإسلام والقرآن.. وقال إن الآية الكريمة التى تقول «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، من سورة الحجرات، تؤثر فيه على نحو خاص. وتابع «اسمحوا لى أن أقول، أيضاً، إن هناك الكثير الذى يمكن للعالم أن يتعلمه من الإسلام. الذى يعتنقه الآن واحد من بين كل أربعة أشخاص على الأرض.. فى الواقع أتذكر أن ابنتنا أخذت دورة فى التاريخ الإسلامى فى المرحلة الثانوية وقرأت أجزاء كبيرة من القرآن الكريم، وجاءت إلى المنزل فى هذه الليلة لتعلم والديها ما تعلمته وبعد ذلك طرحت علينا مزيداً من الأسئلة حول الإسلام.. لذلك أطلب منكم مرة أخرى أن تعطوا مزيداً من وقتكم وجهودكم فى العام المقبل للتأكد من أن الآخرين فى هذا البلد فهموا حقاً الدين الذى تعتنقونه ومبادئه الإنسانية الشاملة».

لم يتغير الوضع فى أعقاب أحداث سبتمبر، إذ ظهر بعدها بأيام وتحديداً فى 17 سبتمبر 2001 الرئيس جورج بوش الابن مع أعضاء الجالية الإسلامية الأمريكية، فى المركز الإسلامى فى واشنطن ليؤكد: «رُوع الشعب الأمريكى وغضب مما حدث يوم الثلاثاء الماضى. وكذلك شعر المسلمون فى جميع أنحاء العالم. الأمريكيون وأصدقاؤنا المسلمون لم يستطيعوا تصديق ما رأوه على شاشات التليفزيون. أعمال العنف ضد الأبرياء تتعارض مع المبادئ الأساسية للعقيدة الإسلامية. ومن المهم لكل المواطنين الأمريكيين أن يفهموا ذلك. الترجمة الإنجليزية ليست بليغة مثل العربية الأصلية، ولكن اسمحوا لى أن أقتبس من القرآن الكريم، : «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ» سورة الروم (10) وأضاف «وجه الإرهاب لا علاقة له بالعقيدة الإسلامية الصحيحة. ولا يعبر عن جوهر الإسلام، فالإسلام هو السلام. هؤلاء الإرهابيون لا يمثلون السلام، إنهم يمثلون الشر والحرب».

وفى يوم 26 سبتمبر عام 2001، عقد الرئيس جورج بوش اجتماعاً مع عدد من زعماء المسلمين الأمريكيين، وقال فيه إن «تعاليم الإسلام هى تعاليم السلام والخير». وخلال هذا الاجتماع، قدم الدكتور مزمل صديقى، رئيس الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، نسخة من القرآن الكريم هدية لبوش، وصفها بوش لاحقاً بأنها «هدية مدروسة للغاية».

فى عهد الرئيس الحالى باراك أوباما وصل اعتماد الإدارة الأمريكية على الإسلام والإسلاميين الذروة إلى الحد الذى شاع فيه بين خصوم باراك أوباما أنه «مسلم متخفى وينتظر الوقت المناسب ليفرض الشريعة الإسلامية على بلاده»، وأنه «رجل جماعة الإخوان فى البيت الأبيض». لكن حقيقة الأمر أن دعم أوباما للجماعات الإسلامية لا علاقة لها بإسلامه ولا حتى بالإسلام. فأوباما، كأول رئيس أمريكى من جذور إسلامية، دخل البيت الأبيض وليس لديه أى مخاوف مرضية من المسلمين، وبما أن الشرق الأوسط هو الصداع الأكثر ألماً لأى رئيس أمريكى، فقد رأى أوباما أن علاج جزء من مشكلات واشنطن الخارجية يكمن فى تمكين الإسلام السياسى، لأنه بذلك سيضرب كل العصافير بحجر واحد: ستنتهى كراهية الشعوب الإسلامية لأمريكا المتهمة بفرض ديكتاتوريات عسكرية على دول المنطقة مثل مبارك وبشار وعلى زين العابدين وغيرهم، وتحقق الديمقراطية التى تدعو إليها واشنطن بتشجيع انتخابات حرة ستأتى بالإسلام السياسى ذى الشعبية الجارفة فى معظم دول المنطقة وسيتحقق الاستقرار الذى تحتاجه واشنطن لتطمئن على مصالحها هناك، خصوصاً أن هذا التيار تعهد سراً لواشنطن بالحفاظ على كل المصالح الأمريكية وعدم المساس بإسرائيل، ومستقبلاً ستخدم هذه النظم الإسلامية الجديدة كحائط صد فى مواجهة التوسع الصينى والروسى فى المنطقة.

ويوضح السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق «أن تمكين الإخوان مرتبط بمخطط كبير وضعته وكالة المخابرات الأمريكية CIA أثناء حكم الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب، واطلع عليه الرئيس الحالى باراك أوباما فى جلسة سرية فى ديسمبر 2008، قبل أن يدخل البيت الأبيض. ويهدف هذا المخطط لتغيير عدد من الأنظمة فى منطقة الشرق الأوسط تحت إشراف المخابرات الأمريكية، لتطمئن واشنطن أن السلطة ستنتقل من جيل رؤساء مثل حسنى مبارك، وبشار الأسد، إلى جيل آخر تأمن فيه الولايات المتحدة على مصالحها فى المنطقة. وأشار إلى أن جوهر هذا التغيير الذى بدأ مع ثورات الربيع العربى يتمثل فى تهيئة المنطقة لقيام دولة إسرائيل الكبرى، وشرعنة استيلائها على الأراضى العربية بتمكين قيادات تقبل بهذا العرض الذى لم يكن من الممكن أن يقبل به الجيل الذى أطيح به مثل مبارك. وتابع: «الإخوان قبلوا بهذا المخطط فى إطار صفقة فحواها تمكينهم من بناء مشروعهم الإسلامى فى هذين البلدين المحوريين (مصر وسوريا) فى مقابل دولة يهودية على أساس دينى أيضاً».

صورة من مقالة يهاجم فيها جون آدامز المسلمين والرسول
خطاب جورج واشنطن يرحب فيه بـ«المحمديين» فى بلده

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.