بقلم: عـادل عطيـة
تعلمنا من العلوم الرياضية أن النسب المئوية، هي التعبير الاسمى عن الدقة الحسابية.. ولكن يبدو من خلال تعاملاتنا، اننا نظرنا إلى رمز النسبة المئويه، وكأنه رمز للفصل العنصري؛ فصنعنا عصياناً مدنياً ضد هذه العلامة التي تبدو متسلطة!
فخرجنا من العقلية الرياضيّة إلى العقلية الجشعيّة، ولم نعد نخضع لقانون النسب المئوية، باعتباره بدعة غير حسنة، وتقليد كفيف، جاء الينا من نظام ضرائب الرومان الكافرين!
ولأن الأرقام أختفت، وحلت مكانها ما يسمى: "بكشوف البركة"؛ فقد ابتكرت زوجتي تعبير: "كثير بالمئة"!
فالزيادة في تعريفة النقل داخل مدينتي، وبينها وبين المدن الأخرى، أصبح: "كثير بالمئة"!
والزيادة في اسعار الخضروات، واللحوم، والفاكهة، أصبح، أيضاً: "كثير بالمئة"!
والزيادة في فاتورة الكهرباء، والمياه، والغاز، أصبح، كذلك: "كثير بالمئة"!
حتى انني لم اعد اعتقد أن تعبير زوجتي : "كثير بالمئة"، ابتكاراً.. بل ما هو إلا اكتشاف لما هو موجود بالفعل في سراديب "الربا"!
فالحكومة هي التي اسست لهذا الابتكار، عن علم واقتدار، بتواطؤها بالصمت المريب، أمام جموح، وانفلات الأسعار على غير هدى!
وأظن، وان بعض الظن حقيقة لا خيال، أن المسئولين والانتهازيين، يلعبون معنا لعبة الأمثال السائرة، فهم يعرفون أن: "الكثرة تغلب الشجاعة".. شجاعة التحدي والتصدي، فاصبحنا نخشى أن نقول للسائق: لا، وللتاجر: لا، وللحكومة: لا.. ولا حتى التجرؤ على قراءة قصة : "لا" لمصطفى أمين!...
ويعرفون أن: " كثرة الهم تجعل الناس لا تهتم"!..
فهل أقول لكم المثل الكافكاوي: "كثرة الهم تضحك"؟..
أم أقول لكم: "كثرة الحزن يُعلم البكاء"؛ فأبكوا؟!...