الأقباط متحدون - نوستالجيا ثمانينيات تسعينيات
أخر تحديث ٠٩:١٨ | الاربعاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٤ | ٣ هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٨٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نوستالجيا ثمانينيات تسعينيات


 يغنى على الحجار على مسرح الأوبرا وسط القاهرة أغانى مقدمات مسلسلاته الموحية، فتأتى لى مكالمة مسائية من صديق فى كندا يبكى فرحا وحزنا، فى الليلة نفسها تستضيف إسعاد يونس محمد الحلو يغنى، حنان ماضى تغنى، وفى أيام تالية يغنى مدحت صالح وهانى شاكر، وتأتى لى مكالمات من أصدقاء ابتعدت بنا المسافات بغربة استثنائية أو إجبارية، كلها بعض من شجن وذكريات ودموع وبهجة.

 
الغرباء ليسوا وحدهم من زارتهم تلك المشاعر التى تأتى من بعيد، من زمن لم يعد معنا، وأيام لن تعود، تكلم كثيرون فى تلك الليالى من جنوب مصر وشمالها عن هذا الحنين إلى ماض يبتعد، فيترك لنا مساحة مخيفة من البرد والوحشة.
 
هذه الأغانى لمسلسلات تليفزيونية كانت على بعد مرمى بصر من حياتنا، آتية من الثمانينيات والتسعينيات، موحية بقصص جميلة وذكريات، أغنيات على قدر ما صنعت بموهبة وإبداع وذكاء من عباقرة وصنايعية بحجم عمار الشريعى وسيد حجاب وميشيل المصرى وفؤاد نجم وياسر عبدالرحمن وعمر خيرت والأبنودى وآخرين، كانت تحكينا تحملنا تحمينا، كانت تشبه كل حروفنا السرية، كل تفاصيلنا الصغيرة التى فقدناها ونفتقدها.
 
صنعت على مهل وبحب، عشت كثيرا منها وهو يصنع، فعندى بدلا من الشجن اثنان، شجن جلساتها التى صنع منها هذا الإبداع مثل قطع فسيفساء تركوازية، وشجن زمن طوى بكل ما فيه ومن فيه من أحباء طيبين، هل نحن نفتقد الأمل فى أيام أجمل، فعدنا نبحث عنها فى زمن مدفون تحت ركام لفتافيت عمر؟ أم أننا فى كل حال حنيننا إلى أيام كانت أقل صعوبة ومسؤولية؟
 
هذه النوستالجيا أو الحنين الثمانيناتى والتسعيناتى، حنين مزاج يبحث عن روقان خرج ولم يعد، عن نحت فى كلمات أغان كنا نستمع لها وقت متعة بصفاء مدهش، كلمات أغنيات متقنة لأعمال درامية روجت لحكايتنا.
 
هنا وقفة لابد منها، لكى نؤكد على أهمية الفن يا ناس، الفن بكل أشكاله لكى نصنع أزمنة لأجيال جديدة، لكى نصنع بهجة ونصنع ذكريات ونصنع حياة، إننى أنظر إلى الأفلام والمسلسلات التى تصنع الآن وكثير منهاـ ليس كلهاـ لا تساوى ثمن الحبر الذى كتبت به، تضرب آخر ما تبقى لنا أو تبقى معنا من فن وذوق. دون أن نحدد تماما من يربط السفينة فى اتجاه الرياح التى تغرقها للأبد؟
 
الفن، قوة الدول الناعمة، الفن الذى صنع جزءا كبيرا من حضارة مصر وتحضرها، كما منحها نفوذا عربيا ملحوظا، مَن يصر على تجاهله ليسقط إلى الأبد، مَن يلعب دور البطولة فى انتهاء سطوة الفن المصرى وسطوعه؟
 
إننى أرى أن هناك جهلا من الدولة بقيمة آخر ما نملك من نفوذ فنى وإبداع، كما أرى ضحكة شريرة من صوت مجهول على نجاح مهمة تحطيم أسطورة الفن العظيمة، ذوبانها تحت قطرات الخوف والإحباط والعبث.
 
هل يمكن لدولة مصر أن تستعيد بسرعة قوتها الناعمة؟
 
هل يمكن أن يصدق وزراء ورجال أعمال وصناعة ومواطنون أن الفن عندما يصحو سوف يكون قنديلا يشعل به الضمير والأخلاق والذوق، وسوف يكون أفضل دليل على أننا محترمون؟
 
إن عازف بيانو صغير كان يعزف فى حفلات الأوبرا، لا يعرفه أحد، لكننى كنت أراقب حماسه وموهبته وهو يعزف، هذا الشاب الموهوب يساوى الكثير الذى لا تملكه دول تحسب موهبتها بالدولار والريال والدينار.
 
مازال فى أذنى الحجار ومدحت والحلو وأنغام وهانى شاكر.. يغنون.. وأغمض عينى: شكرا يا رب أننى عشت زمنا أجمل.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع