الأقباط متحدون - عن أحاديث المصالحة
أخر تحديث ١٣:٣٢ | الاثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤ | ١ هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٨١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عن أحاديث المصالحة


 عندما أعلنت حكومة السويد اعترافها بالدولة الفلسطينية، قالت إن مكونات الدولة الثلاثة توافرت فى الحالة الفلسطينية، فهناك أرض وشعب وحكومة ذات سيادة معترف بها دوليا، وتمثل هذه المكونات أركان الدولة وفق القانون الدولى فى مجمل معانيه. وقد تفقد الدولة أيا من هذه المكونات أو ترد قيود على أى منها دون أن يعنى ذلك غياب الدولة، فقد تُحتل أراضى الدولة كلها أو أجزاء منها وتخضع الدولة للاستعمار، كما قد تفقد الدولة جزءًا من سكانها عبر سيطرة دولة أخرى على جزء من أرض الدولة بسكانها، كما قد لا تتمتع الحكومة بالسيادة الكاملة نتيجة وجود حكومة احتلال، كالحالة الفلسطينية، دون أن يعنى ذلك غياب الدولة أو نكران وجودها، فالدولة توجد حيثما تواجدت العناصر الثلاثة، والتى قد ترد قيود على عنصر أو أكثر منها. ودائما ما كان الجدل حول مكون من مكونات الدولة أو عنصر من عناصرها سبباً للحروب الأهلية، الصراعات والنزاعات، ولم يكن الأمر يتعلق بالتشكيك فى هوية الدولة ووجودها ثلاثى العناصر، بل كان خلافا، عادةً ما يدور حول أحد مكونات الدولة أو عناصرها، فكثير ما دار الخلاف واندلع الصراع حول الأرض، سواء بادعاءات متبادلة بملكية الأرض، ومن ثَمّ شهدنا نزاعات بين دول مجاورة على أراضٍ، كل منها يعتبرها ملكاً له، دون أن يصل ذلك إلى درجة التشكيك فى هوية ووجود وبقاء الدولة الأخرى (اختلفت ألمانيا وفرنسا حول الألزاس واللورين دون أن تنفى أى منهما الدولة الأخرى، وتصارعت بريطانيا مع الأرجنتين حول جزر فوكلاند دون أن تشكك فى شرعية الدولة الأخرى). قد يدور الخلاف حول أحقية الدول فى مكون سكانى ما داخل دولة أخرى، وعادةً ما يرتبط بالأرض التى يقيم عليها هؤلاء السكان. وأخيرا، يمكن أن يحدث تنازع على السلطة داخل دولة ما، حيث يدور الصراع من أجل السيطرة على السلطة واكتساب الشرعية الدولية، قد يحدث ذلك داخل دولة ما، وقد تتدخل دول أخرى فى هذا الصراع على السلطة أو أحقية التمثيل وموقع الشرعية، ولعل النموذج التاريخى هنا هو استمرار الولايات المتحدة والدول الغربية فى التعامل مع حكومة الصين الوطنية (تايوان)، باعتبارها حكومة الصين، ومنحها حق النقض فى مجلس الأمن الدولى، وذلك حتى تهاوى الموقف الغربى ونجحت الصين الشعبية فى انتزاع الاعتراف الدولى بشرعية تمثيلها للصين. نفس الأمر، ينطبق على حالات الانقلابات وتنازع الشرعية، حيث تفر حكومة من العاصمة، وتحل محلها أخرى جديدة، ويظل كل منهما يدّعى أنه الحكومة الشرعية، إلى أن يحسم الأمر بشكل نهائى، وهو الأمر الذى تكرر كثيرا فى الخمسينيات والستينيات فى ظاهرة الإطاحة بنظم حكم ملكية أو محافظة.

 
ما نريد أن نؤكد عليه هنا هو أن الخلافات قد تطرأ حول مكون من مكونات الدولة، ويحدث الصراع، وعادة ما تتم التسوية، وأن الحالات التى يدور فيها الخلاف وربما الصراع حول المكونات الثلاثة للدولة عادة ما تكون صراعات مستعصية على الحل، ولا مجال للحديث عن تسوية أو حلول وسط بشأنها، وهى حالات نادرة لا تتكرر كثيرا فى تاريخ الأمم والشعوب، ولعل النموذج الأبرز عليها اليوم يتمثل فى القضية الفلسطينية، التى يدور الصراع فيها حول المكونات الثلاثة للدولة، فالحركة الصهيونية ترى فلسطين أرض الميعاد لليهود، وترى الأرض بلا شعب أصلا، ولا حكومة بين البحر المتوسط ونهر الأردن غير حكومة إسرائيل. لذلك يصف علماء السياسة وتسوية الصراعات، الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، باعتباره صراعا اجتماعيا ممتدا أقرب إلى المباراة الصفرية التى تعنى صراع الوجود، لا الحدود.
 
إذا نظرنا إلى موقف جماعة الإخوان المسلمين من الدولة المصرية اليوم، فإننا نجد أنفسنا أمام موقف مشابه لموقف الحركة الصهيونية من قضية فلسطين، فالجماعة لا تؤمن بالدولة المصرية بمكوناتها المختلفة، لا قيمة لأرض الوطن (قالوا إن الوطن هو حفنة من التراب العفن)، ولا يرون فى الشعب المصرى شعباً بالمعنى المتعارف عليه، فلا وطن يجمع بشرا، بل الرابطة للدين التى تتجاوز مفهوم الوطن، المواطنة والجنسية، وترى الجماعة أن الشعب المصرى شعب غير ملتزم، ومن ثم فالباكستانى أو الإندونيسى المسلم هو المواطن. أما الحكومة المصرية فهى «كافرة»، أو تعيش فى الجاهلية.
 
السؤال هنا: ماذا يمكن أن تفعل مع جماعة لا تؤمن بالوطن، تكفّر شعبه وتحارب جيشه وحكومته، جماعة يرى مؤسسوها أن الوطن مجرد حفنة من التراب العفن لا يستحق إلا «الطز»، ماذا تنتظر من جماعة سجدوا لله شكرًا على هزيمة قواتنا المسلحة فى عدوان يونيو ١٩٦٧؟ ماذا تنتظر من جماعة هرّبت أسرار البلاد الحربية وأسرار الأمن القومى لدول أجنبية؟ ماذا تنظر من جماعة تقتل المصريين على المشاع؟ آن أن يتوقف أى حديث عن مصالحة مستحيلة ونتوجه لبناء مصرنا، وطننا.
نقلا عن المصرى اليوم 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع