عندما أعلنت حكومة السويد اعترافها بالدولة الفلسطينية، قالت إن مكونات الدولة الثلاثة توافرت فى الحالة الفلسطينية، فهناك أرض وشعب وحكومة ذات سيادة معترف بها دوليا، وتمثل هذه المكونات أركان الدولة وفق القانون الدولى فى مجمل معانيه. وقد تفقد الدولة أيا من هذه المكونات أو ترد قيود على أى منها دون أن يعنى ذلك غياب الدولة، فقد تُحتل أراضى الدولة كلها أو أجزاء منها وتخضع الدولة للاستعمار، كما قد تفقد الدولة جزءًا من سكانها عبر سيطرة دولة أخرى على جزء من أرض الدولة بسكانها، كما قد لا تتمتع الحكومة بالسيادة الكاملة نتيجة وجود حكومة احتلال، كالحالة الفلسطينية، دون أن يعنى ذلك غياب الدولة أو نكران وجودها، فالدولة توجد حيثما تواجدت العناصر الثلاثة، والتى قد ترد قيود على عنصر أو أكثر منها. ودائما ما كان الجدل حول مكون من مكونات الدولة أو عنصر من عناصرها سبباً للحروب الأهلية، الصراعات والنزاعات، ولم يكن الأمر يتعلق بالتشكيك فى هوية الدولة ووجودها ثلاثى العناصر، بل كان خلافا، عادةً ما يدور حول أحد مكونات الدولة أو عناصرها، فكثير ما دار الخلاف واندلع الصراع حول الأرض، سواء بادعاءات متبادلة بملكية الأرض، ومن ثَمّ شهدنا نزاعات بين دول مجاورة على أراضٍ، كل منها يعتبرها ملكاً له، دون أن يصل ذلك إلى درجة التشكيك فى هوية ووجود وبقاء الدولة الأخرى (اختلفت ألمانيا وفرنسا حول الألزاس واللورين دون أن تنفى أى منهما الدولة الأخرى، وتصارعت بريطانيا مع الأرجنتين حول جزر فوكلاند دون أن تشكك فى شرعية الدولة الأخرى). قد يدور الخلاف حول أحقية الدول فى مكون سكانى ما داخل دولة أخرى، وعادةً ما يرتبط بالأرض التى يقيم عليها هؤلاء السكان. وأخيرا، يمكن أن يحدث تنازع على السلطة داخل دولة ما، حيث يدور الصراع من أجل السيطرة على السلطة واكتساب الشرعية الدولية، قد يحدث ذلك داخل دولة ما، وقد تتدخل دول أخرى فى هذا الصراع على السلطة أو أحقية التمثيل وموقع الشرعية، ولعل النموذج التاريخى هنا هو استمرار الولايات المتحدة والدول الغربية فى التعامل مع حكومة الصين الوطنية (تايوان)، باعتبارها حكومة الصين، ومنحها حق النقض فى مجلس الأمن الدولى، وذلك حتى تهاوى الموقف الغربى ونجحت الصين الشعبية فى انتزاع الاعتراف الدولى بشرعية تمثيلها للصين. نفس الأمر، ينطبق على حالات الانقلابات وتنازع الشرعية، حيث تفر حكومة من العاصمة، وتحل محلها أخرى جديدة، ويظل كل منهما يدّعى أنه الحكومة الشرعية، إلى أن يحسم الأمر بشكل نهائى، وهو الأمر الذى تكرر كثيرا فى الخمسينيات والستينيات فى ظاهرة الإطاحة بنظم حكم ملكية أو محافظة.