بقلم كريمة كمال | الأحد ٩ نوفمبر ٢٠١٤ -
١٦:
٠٦ م +02:00 EET
مجلس حقوق الإنسان الدولى
بقلم كريمة كمال
شهدت مناقشة ملف مصر فى مجلس حقوق الإنسان الدولى كثيرا من المناقشات على هامش الحدث ليس فى أروقة المجلس نفسه بل وليس فى جنيف وحدها ولكن فى القاهرة أيضا.. هذه المناقشات شهدت أيضا استقطابات حادة ما بين من يرى أن هناك تجاوزات عديدة تحدث على أرض الواقع ومن المطلوب رصدها والإعلان عنها لتتعهد الدولة بعدم تكرارها والحد منها أو إلغائها،
بينما هناك من يرى من ناحية أخرى أن من المطلوب فى هذه المرة - بالذات خلافا للمرات السابقة فى عهد مبارك - أن يتم دعم الدولة فى موقفها أمام المجلس لدعم موقف مصر ما بعد ثلاثين يونيو والذى يتعرض لمواقف معادية كثيرة.. كلا الجانبين يضم عددا من المدافعين عن حقوق الإنسان والمتبنين لقضاياه ممن كانوا دوما ضد الدولة فى هذه المراجعة التى تتم كل أربعة أعوام فى عهد مبارك والآن بينهم من يقف ليفضح الانتهاكات
والتجاوزات وبينهم من يرى أن المطلوب دعم الدولة أمام المحفل الدولى لتمرير الفترة الصعبة التى تمر بها مصر فى علاقتها بالعالم منذ ثلاثين يونيو.. هذا الاختلاف كان واضحا فى العديد من المناقشات بل والخلافات، بل إن البعض لم يشارك أصلا لأنه لم ير نفسه فى أى من الجبهتين والحقيقة أن هذه المواقف يمكن فهمها من خلال موقع أصحابها من النظام الحالى فى مصر ما بين مؤيد ومعارض ومدى الحدة فى التأييد أو المعارضة.
هذه الحدة سواء فى التأييد أو فى المعارضة هى من وجهة نظرى آفة هذه المرحلة، وقد يكون مفهوما بواعثها وأسبابها وعلى رأسها تعرض البلاد لضربات إرهابية متتالية وغير مسبوقة وصلت إلى حد ما يمكن تصنيفه بالعمليات الحربية كما يحدث الآن فى سيناء فتصبح هناك حالة من التأييد القوى تمسكا بصخرة النظام،
كما أن هناك من ناحية أخرى كثيرا من الممارسات التى تضرب بعنف فى كل مكتسبات الثورة، وكأنما هى تصفية لها سواء فى استهداف شبابها بالمحاكمات أو استهداف رموزها بالتشويه وتلعب منابر إعلامية محددة على هذا الهدف إلى جانب ما يبدو وكأنه إغلاق للمجال العام فى قوانين مثل التظاهر أو قانون الجمعيات الأهلية مما يستدعى المعارضة الشديدة من ناحية أخرى..
أقول إن آفة هذه المرحلة هى هذه المبالغة على الجانبين فجانب مستعد أن يتقبل أى شىء على طريقة «حبيبك يبلع لك الزلط» وجانب رافض لكل شىء أيضا على طريقة «عدوك يتمنى لك الغلط» والمشكلة هنا أن هذه المبالغة تجهض أى محاولة رشيدة لاتخاذ موقف بناء يضيف لما يجرى ويعدل منه فالمطلوب الآن والآن بالذات إعادة ضبط كل ما يجرى على الساحة السياسية ببساطة لأنه يجرى للمرة الأولى ومن المفترض أنه يرسخ لعقود قادمة لكن المشكلة الحقيقية هى أن هذا الذى يتم للمرة الأولى على كثير من الأصعدة يحدث على خلفية من صراع المصالح ما بين من يسعى حقا لترسيخ دعائم دولة جديدة، ومن يسعى من ناحية أخرى لإعادة دولة كانت موجودة وكانت له مصالح كثيرة وكبيرة فى ظلها، وهذا يمكن رصده بسهولة من خلال الإعلام بالذات وعلى رأسه القنوات الفضائية..
لذا فهناك دائما ما يشبه «الخناقة» فيما يقدم من خلال هذه القنوات وما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعى وما يدور فى المناقشات العامة بل وأحيانا الخاصة، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو هل يمكننا أن ننجز شيئا حقيقيا فى مثل هذا المناخ أو هذه «الخناقة»؟.
نقلاَ عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع