بقلم - ماجدة سيدهم
مزيج رمادي، أحاول فصلهما ، أمد حلمي إلى هلام الكتلة المتلاعبة ليعود الأسود ناصعا والأبيض أكثر وضوحا ،ليس زئبقا لكنه رمادي والسؤال أيضا يظل رماديا بلا فهم أو إجابة لاستفهامات تتساقط عن أزقة المشردين وعن نوافذ مجروحة بالتطلع ، أكرر المحاولة دونما خريطة واضحة للطريق، وكل الطرق في شوارعنا لا تفضى إلى متكأ أو عناق عابر أو لعبة مخبوءة في غبار الذاكرة ، واليوم الأجراس لها رنين اللون الباهت لذا دائما ما نقلد ومضة صدح الأقداح
الفارغة والمنسكب عنها عطش السواقى و الممتلئة أيضا بعري ظل الوطن -
ثم نصنع موسيقا زجاجية تطعن الخصر الجاف بالتمايل و تحيل غبش الرصاص إلى هزيمة ، يحكى جدي حكايته القديمة نحن الشغوفين بنهايتها المعروفة في كل مرة، عن جسر القرية القديم الذي بات صرحا لجموع المتنازعين الجاعلين الكرمة بلا فرح والضفائر بلا زينة ، هنا يقطن حق الركض إلى خطايا العشق وهنا أيضا نشـّيد بيوتا رمادية بلا سكن أو قصائد أو بريق لآثام الاستقامة ،
وهنا تصلب الجماجم المثقلة بخمير الصيحة وهذي الطهارة وخمر المعرفة ، هنا شهداء يحيكون الضحك بمهارة وجع المباغتة وأيضا هنا فقراء مثقلون بالمشورة البطالة .. ينزحون عبر مواثيق الخرق المتاحة ولا يهجرون أحلامهم المتهالكة ولا يخرجون عن مشيئة التعب الأنيس - ربما يتعثر بهم من يلتفت إلى بنود التجاهل الذي تكلس رماديا على اشلائهم المجهدة ينما جل ما يذخرونه هو شريعة الترويض كي يشربون برضى عنبا رديئا ، من الرابح إذا في السياق المخادع كي يؤسس صدعا في جسر القرية العتيق ،لا أحد .. لا أحد ، كالغربان التي اصابها فزع التلاوة يتلاشى صوت النباح العقيم وكصهوة نداء يتساقط مطر الأوان الصالح، حينئذ ترتفع أعمدة الجسر بصلابة وتر النزيف الحي ،ويهطل دم الفتيان الأخضر نغما على الرمادي كله ليحيل الأسود إلى هيبته ويزرع الأبيض كل الشوارع بالفرح ..!