بقلم:  نبيل المقدس
خرج الشعب المصري  من الصباح الباكر  يومي8 - 12 يناير 2014 الذين هم  بخارج مصر ، ثم يومي 14 - 15 من يناير للذين هم بداخل مصر  .. لكي يستفتوا  علي مشروع الدستور الذي وافقت عليه لجنة الخمسين في 2 ديسمبر 2013 .. و شارك في الاستفتاء 38.6% من المسموح لهم بالتصويت، وأيد الدستور منهم 98.1% بينما رفضه 1.9% وذلك وفقًا للجنة المنظمة للاستفتاء. وكان من ابرز بنود الدستور والذي أسعد الكثيرين من الشعب وخصوصا اقباط مصر هو إلغــــاء الأحزاب التي تقوم علي خلفية دينية .. معني هذا أنه من المفروض يتم حل فوق الـعشرة أحزاب الدينية  فورا , بعد إعلان نتيجة الإستفتاء .. بقرار من السيد رئيس الجمهورية .
       
مشكلة هذه الجماعات الإسلامية السلفية أنها تعتبر المجتمع المصرى المعاصر هو مجتمع ضل طريق الحق ( أي أنه يكفر المجتمع بحاله ) .. لأنه إبتعد عن جذوره الحضارية والقيم الإخلاقية والأصيلة حيث ناد بها الإسلام . فمن واجبه وعلي حسب فكره "الشاذ والمنحرف " هو أن يُعيد الشعب المصري إلي جذوره السلفية التي هي في الأصل بدوية , وأن إعادة القيم والمباديء التي كانت في السلف أي في عهد ظهور الإسلام سيضبط حال الأمة وتستعيد عافيتها وتتوجه نحو التقدم والإزدهار .. وما يضحكني ويضحك الكثيرون من الشعب المصري المتنور والمتدين بطبيعته , أن السلفيين يظنون أن نهج السلفية هو مشروع حضاري قائم علي العودة إلي السلف الصالح ونتائجه الحسنة وقيمه الإخلاقية لإنتاج مجتمع حضاري...!! اي حضارة هذه التي كانت موجوده في عصر السلف ؟؟ .. هل سن السكاكين وصناعة السيوف وركوب الخيل , والإغارة والحروب التي كانوا يقيمون بها علي جيرانهم بالغدر والحيل , والنكاح المفتوح علي مصراعيه , واتخاذ السبايا إناء لفض شهواتهم ونزواتهم , هي الحضارة التي يتكلمون عنها ؟؟؟
       
هذا الرأي اعتبره نوعا من أنواع المسخرة وليس له اي أساس من الصحة علي مدي السنوات التي  بدأت من السلف القديم حتي عصرنا هذا , وذلك من تجارب السنين التي سبقتنا .. أولا احب أن ابلغهم أن الشعب المصري منذ ألاف آلاف السنوات شعب حسن الأخلاق .. ذو مباديء أخذ منها جميع الأنبياء الكثير منها أمثالا .. كما أنه شعب متدين بالفطرة .. وأول شعب لديه جيش منظم .. وله الكثير من العلوم المتنوعة  التي ظهرت , وأخذتها بلاد العالم كدراسة واساسيات لتقدم الحياة الصناعية والإجتماعية , ولا ننسي أن مصر رائدة الفنون التي تم ابداعها من قبل ابنائها في النحت والموسيقي والمسرح والشعر وألأدب وبناء المعابد بطرق لها طابع خاص لم يصل إليه أي مبدع متخصص في التشييد والبناء في البلدان الأخري ... وغيرها من علوم الفيزياء والفلك .. !
    
علينا ان نعرف من هم السلفييون لكي نستطيع  تقييمهم .. فهم طبق الأصل للحركات السلفية التي قامت في ارض الحجاز وسُميت بالحركة الوهابية نسبة إلي محمد بن عبد الوهّاب بن سليمان آل مشرف التميمي (1115 - 1206هـ) (1703م - 1791م) عالم دين سني على المذهب الحنبلي يعتبره أتباع دعوته من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث شرع في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله ونبذ الشرك. يراه البعض كأحد مجددي الإسلام في زمانه... وذلك عن طريق تطبيق الشريعة الإسلامية بحزافيرها بدون تنقية او تغيير طبقا لتقدم الإنسان وتركه الأعمال البهيمية ... ومن المؤسف  انتقل هذا الفكر إلي مصر قبل عصر محمد علي باشا .. لكن بحكمة هذا السلطان العظيم والذي ادرك صفات المصريين علي حقيقتها وأنه شعب يبغض الكبت والتقييد ويكره كل مَنْ يُطلق عليه كلمة كافر ثار محمد علي باشا  وطرد هذه الجماعة الوهابية وحظر وجودها في مصر ... لكن علي ما اتصور اوجدها اسماعيل باشا في عصره وسرعان ما إختفت , لكن تبقي منها بعض الفلول الذين تكاثروا بشدة في عهد السادات .  وبعد اليوم الذي يُقال عليه يوم ثورة 25 يناير .. ظهرت هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة و بمساندة قوة الإخوان المسلمين في هذا الوقت , وكونوا بدل الحزب الواحد  احزابا .. !!
  
كيف نعيد انتخاب السلفيين مرة أخري بعد ما انكشفوا في  مجلس الشعب السابق الأغبر ,  بأنهم كاذبون وليس لهم كلمة واضحة مثل رئيسهم المحبوس حاليا بتهمة الإرهاب والكذب هو ومساعده الذي قتل إحدي الجيران في شبرا هو وإبنه ... سوف لا ننسي إرهابكم من منتصف السبعينات حتي وقت قريب في كثير من احداث العنف والذي أثرت علي حياتنا الإقتصادية ... سوف لا ننسي كراهيتكم لأقباط مصر , ويا ما ألقيتم علي البابا شنوده افظع عبارات السب والشتائم والتحريض علي قتله .. سوف لا ننسي كأقباط  قيامكم بإحراق كنائسنا علي طول وعرض البلاد المصرية  .. سوف لا ننسي انكم أعداء الوطن لا تقبلون الوقوف إحتراما للنشيد الوطني للبلاد , ولا حتي إحترام علم مصر .
  
أخي السلفي ... لا تنسي أن الشعب المصري له طبيعة متميزة عن باقي الشعوب العربية .. لا يقبل أن يجد أحدا يُملي عليه دين أو كيف يسير في الطريق المستقيم عن طريق تطبيق الشريعة الإسلامية . فالمصري الأصيل يكره الغدر ويكره العنف إلا في حالة واحدة فقط ألا وهي تعرض ارضه للإغتصاب . فهو يؤمن بالوطن ويؤمن أن الديانة جاءت له لكي يتعامل معها بينها وبين نفسه .
   
أكيد انتم شعرتم في السنوات الأخيرة أن فكركم المتعصب غير مقبول .. وإرضاءُ ومحاولات التحايل والإلتفاف حول الدستور لكي لا تفقدوا وجودكم السياسي وتستمروا في سياساتكم النجسة غير الإنسانية التي تعمل علي تقهقر البلاد .. أخذتم تعلنون بيانات صادرة مملوءة كذب وبهتان , بأن أحزابكم تقبل العضوية لكل قبطي يريد الإنضمام إلي احزابكم , لكي تُحسب أحزابكم أحزابا مدنية ..  بأي منطق وبأي حجة بل وبأي وجه وسِحنة  بأنها مستعدة إحتضان اقباط ونساء في احزابكم المدمرة .
   
يا شعب مصر الأصيل اتمني أن تعلموا إن وُجدت حركات أصولية في مجتمع  "الغرب المعاصر" في جميع المجالات في الفن والأدب والفلسفة والسياسة والعلم والرفاهية ، فهي تحدث من منطلق العودة إلى الماضي لإعادة اكتشافه من منظور حداثي ومن خلال التطورات المعرفية الجديدة التي ظهرت في المجتمع. إذاً العودة إلى الماضي للتعلم من أخطائه "  هي ما نُطلق عليها "نظرية الرجوع إلي قراءة التاريخ للتقدم والتطور .. وليس الوقوف محلك سر من نقطة بداية  السلف ".

 ايتها الأحزاب الدينية بعينكم .. او حتي لو استطعتم أن تروا حلمة آذانكم , سوف لا يقبل اي قبطي أو حتي اي مصري أصيل أن ينضم إلي احزابكم ..... فقد إنتهي عهد الإيجــــــــــار يا غبي ..!!!!!

** تم الإستعانة بالويكيبيديا، الموسوعة الحرة في رصد تاريخ الحركة الوهابية ..!