أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن تعزيز وترسيخ أركان الدولة المصرية القوية، وما يتم من تفاهمات عالية المستوى مع دول المنطقة، وفى مقدمتها السعودية والإمارات والكويت وغيرها، يصب فى الحيلولة دون تطبيق مخطط جديد لـ«سايكس بيكو» (إعادة تقسيم المنطقة العربية جغرافياً).
وقال السيسى، فى حوار مع صحيفة «عكاظ» السعودية، نشرته أمس: «(سايكس بيكو) موجودة، وجار تنفيذ بنودها على الأرض، وكما قلت سابقا فإن وضع أيدينا معاً وتسخير قدراتنا وإمكاناتنا الهائلة لهذا الغرض كفيل بأن يعطل أى مشاريع تتم على حسابنا وضد مصالح أوطاننا وشعوبنا»، مضيفا: «لحسن الحظ فإن الشعوب العربية، وفى مقدمتها شعب مصر، متنبهون لما يحاك ضدهم ويُراد بأوطانهم، ولن يدخروا أى جهد أو عطاء أو تضحية من أجل صيانتها».
وأوضح الرئيس أن الاقتصاد المصرى بخير ويتعافى، وأن الربع الأخير من العام المالى ٢٠١٣- ٢٠١٤ شهد تحسنا فى معدل النمو ليصل إلى ٣.٧%، وهو ما يشير إلى بدء دوران عجلة النشاط الاقتصادى بعد تحقيق الاستقرار السياسى، مشددا على أن «إرث عقود من المشكلات المتراكمة لا يمكن تسويته فى غضون أشهر قليلة، فزمن المعجزات قد ولى، ونعمل حاليًا على إصدار حزمة من التشريعات الاستثمارية تتضمن تطبيق نموذج (الشباك الواحد) للتيسير على المستثمرين سواء المصريون أو العرب والأجانب».
وأكد السيسى أن القروض التى يتم الحصول عليها من المؤسسات المالية الدولية، ومنها على سبيل المثال المفاوضات الجارية مع البنك الدولى للمساهمة فى تمويل مشروع استصلاح المليون فدان، تزيد الثقة فى الاقتصاد المصرى، وتؤكد قدرته على الوفاء ببعض المعايير الاقتصادية التى تحددها هذه المؤسسات، ما يصب فى صالح بيئة الأعمال بمصر ورفع التصنيف الائتمانى وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكد السيسى أن «القوات المسلحة جزء عزيز ليس فقط من مؤسسات الدولة وإنما من نسيج هذا الوطن، ودور الجيش المصرى لا يقتصر فقط على زمن الحرب وإنما يمتد فى أوقات السلم، فعلى سبيل المثال تشارك القوات المسلحة فى المشروعات القومية الكبرى وشق الطرق وإنشاء الكبارى، فضلا عن تقديم خدمات علاجية للمدنيين فى مستشفياتها، والقوات المسلحة تنحاز دائما لإرادة الشعب، وتؤدى دورها وواجبها الوطنى على أكمل وجه، وتتحمل أعباء جسيمة فى المرحلة الراهنة تضاف إلى دورها الرئيسى فى الدفاع عن أرض الوطن وأمن شعبه، ويتم ذلك فى إطار الالتزام بدورها دون افتئات على صلاحيات لمؤسسات أخرى».
وبسؤاله عن «أن هناك من يحاول تسميم هذا العلاقة بنشر شائعات صفيقة عن أن هناك حالة عدم رضا داخل الجيش عن الوضع العام»، قال السيسى: «لقد تضمن السؤال الإجابة، فقلت (شائعات) ووصفتها بأنها (صفيقة)، وأى حديث يثار فى هذا الاتجاه إنما هو نابع من حقد البعض على العلاقة الراسخة بين الشعب والجيش، والتى لن تتزعزع بإذن الله بل تزداد متانة وقوة يوما بعد يوم».
ووجه الرئيس الشكر للشعب المصرى على وعيه وحسن تقديره للأمور وتقبله عددا من القرارات الصعبة، مضيفًا: «أقول لأبناء مصر إن الآمال كبيرة والطموحات لا تنتهى، والعمل والتفانى والإخلاص هى السبل الوحيدة لتحقيق هذه الآمال والطموحات، ونحن فى سباق مع الزمن».
واعتبر السيسى أن «القرارات الصعبة كانت ضرورية لإصلاح الخلل فى الاقتصاد المصرى»، وأشاد بـ«التفاف الشعب حول الأهداف والمشروعات القومية، وليس أدل على ذلك من توفير ٦٤ مليار جنيه خلال ٨ أيام فقط من أجل تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة»، مجددا وعده بتحقيق آمال وطموحات الشعب.
وحول العنف فى الجامعات، قال الرئيس إن غالبية طلاب الجامعات لا يبغون سوى العلم والمساهمة فى صناعة مستقبل هذا الوطن، مضيفا أن «قلة من المنتمين للتيارات المنحرفة فكريا والمتطرفة عقائديا تحاول أن ترفع صوتها فى محاولات يائسة للخروج على النظام وتأليب الرأى العام، لكننى أؤكد لك أن شعب مصر واعٍ ومدرك لمثل هذه المحاولات، ولن يستجيب لها، وسيعمل دائما على الإعلاء من مصلحة الوطن».
وأوضح السيسى أن «مصر آمنة مطمئنة، وأهلها فى رباط إلى يوم القيامة».
وحول الانتخابات البرلمانية المقبلة، أعرب السيسى عن ثقته فى خيارات الشعب، مضيفًا: «أعاود تذكير الجميع بأن الصلاحيات الممنوحة للبرلمان المقبل موسعة، ومسؤولياته جسيمة، سواء فى شق الرقابة على أعمال الحكومة أو فى شق التشريع»، لافتا إلى أن «البلاد ستحتاج إلى صياغة وتعديل العديد من القوانين لتتوافق مع نصوص الدستور الجديد، ومن ثم فإن الناخبين مدعوون إلى التدقيق وحسن الاختيار، والبعد عن الكلمات الرنانة والوعود الجوفاء، والتركيز من أجل اختيار العناصر التى لديها القدرة على الإنجاز والعطاء للوطن وأبنائه».
وتطرق السيسى إلى الملف الليبى، وقال إن ليبيا إحدى أبرز البؤر الملتهبة على حدود مصر، وتؤثر حالة عدم الاستقرار فى ليبيا على الأمن القومى المصرى، وتجلى ذلك بوضوح خلال السنوات الثلاث الماضية، مضيفا: «هناك تناحر بين فصائل مسلحة، بعضها يرتدى ثوب الإسلام، وتدعمه بكل قوة بعض الأطراف الطامعة فى زعزعة الاستقرار وتأجيج الصراع الداخلى، وتشكيل أداة ضغط إرهابية على مصر، ويروجون أن هناك فى ليبيا حكومتين إحداهما إسلامية، والأخرى مشكوك فى شرعيتها رغم أنها منتخبة شعبياً».
وتابع: «نؤكد مرارا للحكومة الشرعية فى ليبيا مساندة مصر الدائمة لاستقرار هذا البلد الشقيق».
فى سياق متصل، بعث السيسى رسالة بخط اليد إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والشعب السعودى، ونقلت صحيفة «عكاظ» نص الرسالة التى جاء فيها: «رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين، جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظكم الله ورعاكم وأعانكم على الأعباء والأحمال الكبيرة تجاه بلادكم وأمتكم والإسلام، إلى الشعب السعودى الشقيق.. حافظوا على بلادكم بكل قوة، وبكل صبر، وبكل فهم ووعى فى مواجهة المخاطر المحيطة بنا والموجوة أيضا بداخلنا، واعلموا أن الله سيعينكم وينصركم على كل الشرور والمخاطر جودًا وفضلًا وكرمًا منه (اللهم اجعل ذلك حقًا).. أخوكم من مصر عبدالفتاح السيسى».