مشهد غريب أن يقدم والد الشهيد العزاء للمعزين، حدث ذلك خلال جنازة الشهيد محمد زكريا أبوغزالة، حينما اصطف أهالى القرية في صفين بطول حوالى 200 متر، وبينهما مسافة لا تسمح سوى بمرور شخص واحد، وعندما انتهت مراسم الدفن أتى والد الشهيد ليمر بين الصفين ليقدم التعازى للمعزين على الجانبين يميناً ويساراً، وبعد انتهاء مراسم العزاء جاء الأهالى بعلم مصر الذي كان يغطى نعش ولده الشهيد، ووضعوه على كتف والده.
وسبقت عملية الدفن جنازة مهيبة لوداع الشهيد شارك فيها نحو 20 ألفا من المواطنين في قرية زهور الأمراء، بمركز الدلنجات، بحضور زملائه من الضباط والقيادات التنفيذية والشعبية والأمنية بالمحافظة.
وحرص والده الحاج زكريا عبدالهادى أبوغزالة على أن يؤم المصلين أمام المسجد، حيث لم يكن المسجد ليسع كل هذه الأعداد، فقاموا بصلاة الجنازة أمام المسجد.
وبعد الجنازة سار الأهالى خلف الجثمان وهم يهتفون: «لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله»، ويطالبون بالثأر من الإرهابيين.
وأثناء عملية الدفن أغمى على 3 من أقاربه في المقابر، بينما كان زملاؤه في حالة انهيار تام، وبكاء شديد، وسط الزحام الشديد، وطلب أقاربه من أهالى القرية الانصراف وأن يظل فقط الضيوف من خارج القرية.
وفى طريق العودة من المقابر إلى مقر العزاء كان بعض زملائه يجلسون على «مصطبة» أمام مسجد القرية في حالة انهيار وبكاء شديدين، انتظاراً لانصراف الأهالى حتى يذهبوا لقبر الشهيد لقراءة الفاتحة على روح زميلهم، وعندما أصر أقارب الشهيد على اصطحابهم إلى مقر العزاء كان أحدهم يبكى بحرقة ويقول: «أنا عايز اروح لأبوغزالة.. أنا عايز أروح لأبوغزالة».
وكان الحزن يخيم على قرية زهور الأمراء التابعة لمجلس قروى الوفائية بمركز الدلنجات منذ أن علموا بنبأ استشهاد النقيب محمد زكريا أبوغزالة، وتمت إقامة سرادق العزاء منذ الصباح الباكر، انتظاراً لحضور الجثمان، الذي لم يصل إلا بعد العصر، وظل المعزون داخل السرادق لا يقومون إلا لأداء الصلاء في انتظار وصول الجثمان داخل دوار عائلة أبوغزالة والسرادق المقام أمامه.
وينتمى الشهيد إلى عائلة أبوغزالة التى ينتمى لها المشير الراحل محمد عبدالحليم أبوغزالة، وأقيمت الجنازة في دوار عائلة أبوغزالة الذى أقيم أمامه سرادق عزاء، هو الدوار الذي بناه المرحوم المشير أبوغزالة، وجدده شقيقه الدكتور يحيى، ويحوى صورة كبيرة للمشير، وعن العلاقة التي تربط الشهيد بالمشير يقول محمد نجيب أبوغزالة، أحد كبار العائلة، إن المشير ابن عم والد الشهيد، ويجرى العرف في الأرياف أن يعتبر بمثابة حفيده.
ويقول الحاج زكريا عبدالهادى أبوغزالة، والد الشهيد: (نحتسبه عند الله شهيداً، وفى الجنة إن شاء الله)، وأضاف أن آخر مرة رآه فيها كانت الأحد الماضى، وقال له: أشوفك يا والدى على خير، وتابع: (اللهم إنى راض عنه، فارض عنه يا رب).
وأما العقيد شرطة صلاح أبوغزالة، ابن عم والد الشهيد، فيقول: هؤلاء الأخساء اغتالوا صفوة الشباب المصرى، ويجب أن نكون جميعاً رجلا واحدا ضد هؤلاء المتاجرين بالدين، لأنهم يقتلون شباب بلدهم، ولابد أن يعى الشعب المصرى أن هؤلاء أعداء للوطن والدين، وعلى الشعب أن يتوحد خلف الرئيس حتى يتم القصاص للشهداء.
ويقول فتوح محمد عبدالحكيم، وهو والد خطيبته: (إن الشهيد كان لا يترك فرضا وكان ملتزماً ويصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، وكان يقول لخطيبته: نفسى تصلى ورايا في بيتنا).