الأقباط متحدون - ثقافة بير السلم
أخر تحديث ١٩:٠٧ | الخميس ٢٣ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١٣ | العدد ٣٣٦٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثقافة بير السلم

علي سالم
علي سالم

في البيوت القديمة في الأحياء الشعبية، يوجد فراغ تحت السلم أشبه بالمخبأ السري يسمى بير السلم. هو غرفة صالحة لأداء أشياء كثيرة من ذلك النوع الممتع الذي لا تريد للآخرين الاطلاع عليه. ولذلك كان بير السلم من أهم أماكن اللقاءات بين الأحبة. المكان ضيق ومظلم ويعطيك إحساسا - أنت والحبيب طبعا - بأنكما جسد واحد. وبعد لحظات ينصرف كل منكما إلى حال سبيله في انتظار لحظات الوحدة القادمة.

وفي السنوات الأخيرة شاع بين الناس مصطلح جديد هو مصانع «بير السلم» أي تلك المصانع غير الشرعية التي تعمل في تزييف وتزوير كل شيء وأهمها وأخطرها الأدوية. ساعد على ذلك أن العقوبات على الغش التجاري ليست رادعة والمشرع فيها لم يفرق بين تزوير الفسيخ مثلا وتزوير المضاد الحيوي. وذلك لأن هذه القوانين قد وضعت في عصر لم تكن فيها مصر تقوم بإنتاج الأدوية على سبيل المثال.

ولكني أفكر أن «بير السلم» ليس فقط مكانا للحب المحرم والغش التجاري والصناعي، بل هو فلسفة.. هو حزمة أفكار، هناك عدد كبير من البشر يوجد في عقولهم بير سلم يلتقون فيه مع شياطينهم في لحظات حميمية بعدها يتفرغون لممارسة الغش بكل أنواعه.

ثقافة بير السلم مريحة لعدد كبير جدا من الناس. ومثقف بير السلم يشعر بكراهية لا حد لها لكل الآخرين وخاصة الأقوياء منهم. يحب الإخفاء والتمويه، لا يعترف بما وصل إليه العالم من مواصفات للسلعة لأنها تمنعه من ممارسة ثقافته التي تدعوه للغش والتزوير تحت لافتة «الخصوصية».

سأعرض عليك الآن مثالا صارخا لثقافة بير السلم («الوطن» المصرية - 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2014): «وثائق مصرية أصدرتها شركة سيارات عالمية تعمل في مصر تتضمن نتائج تحليل معملي يثبت أن بنزين 95 الموجود بالسوق المحلية مغشوش وغير مطابق للمواصفات العالمية. وقال مصدر داخل الشركة الألمانية التي أجرت التحليل في معمل ألماني - طلب عدم ذكر اسمه أو ذكر اسم الشركة الشهيرة - إن البنزين المصري المغشوش تسبب في إتلاف محركات عدد من السيارات التي تنتجها الشركة. وأوضح المصدر أن الشركة قررت إجراء هذا التحليل بعد 10 شكاوى تفيد تدهور حالة محركات سياراتهم خلال 3 أشهر من شرائها. وأثبتت التحاليل أن بنزين 95 الذي يباع خارج الدعم بـ6 جنيهات هو خليط من بنزين 92 وبعض المواد الإضافية الملوثة وكمية تصل نسبتها إلى 10 في المائة من المياه». أنا أعتقد أن هذا الخبر يشير إلى ما يمكن أن تفعله ثقافة بير السلم بالمصريين وبالدولة المصرية.

إن وصول هذه الثقافة إلى مسؤولين كبار في الحكومة أمر في منتهى الخطورة، لأنه من الخطير للغاية أن تفقد الحكومة ثقة العالم كله نتيجة لأفعال من هذا النوع.

ali.salemplaywright@yahoo.com

نقلا عن الشرق الاوسط
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع