يترقب الأمريكان، ويليهم الأوروبيون نزول فيلم ستيفن هوكنج بعد أسابيع قليلة، هوكنج هو أشهر علماء الفيزياء فى العالم الآن، الفيلم درامى وليس وثائقياً، وهذا هو الجميل والمدهش فى الموضوع، فيلم دراما عن فيزيائى يعيش حتى الآن، ولكن صناع الفيلم بحسهم الفنى المرهف التقطوا تفاصيل الدراما فى حياته ومزجوا بها نظرياته فى الفيزياء، الاثنان، حياته ونظرياته، فى منتهى الصعوبة، هذا هو هوكنج باختصار، وبالطبع أن أحلم بأن أرى فيلماً مصرياً عن عالِم هو شىء مستحيل من ضروب الخيال، فالفيلم ممكن يكون عن «عالمة» من شارع محمد على أو «بمبة كشر» و«بديعة مصابنى» بسهولة،
ولا يمكن أن يكون عن محمد غنيم أو مجدى يعقوب مثلاً!!، هذا هو ستيفن هوكنج باختصار كما كتبته: من يريد أن يعرف معنى كلمة «أمل» لا بد أن يقرأ سيرة هذا العبقرى العظيم، من يريد أن يقهر اليأس ويعرف ما هى المعاناة بجد وكيف بالإرادة والتصميم والعزيمة تستطيع بناء صرح نجاحك والتغلّب على هذه المعاناة لا بد له أن يقرأ كتاب «موجز تاريخ الزمن» لهذا الفيزيائى الذى جعل هذا العلم المعقّد عند أطراف أصابعنا. أخبره الأطباء 1963 عندما اكتشفوا مرض التصلّب العضلى الجانبى الذى يلتهم أعصابه ويشل عضلاته بالتدريج، وكأنه فأر يقرض حبلاً مهترئاً، أنه لن يعيش أكثر من بضعة أشهر، وعلى أكثر تقدير متفائل، سيعيش سنتين، ولكنه بعزيمة حب الحياة المنتجة الفعالة عاش نصف القرن بعدها، وما زال ينتج ويضيف إلى العلم، وهو على هذه الحالة من الشلل والضمور، ويكتشف ويحلم من على هذا الكرسى المتحرك الضيق الصامت، لم يعش سوى 5 فى المائة ممن أصيبوا بنفس مرض «هوكنج» أكثر من عشرة أعوام. حصل «هوكنج» على 12 درجة فخرية ووسام الفروسية برتبة قائد،
وفى 2009 مُنح وسام الحرية الرئاسى، وهو أعلى جائزة تُمنح لمدنى فى الولايات المتحدة، وقد بدأت أعراض المرض تظهر لدى «هوكنج» قبيل بلوغه الحادية والعشرين من عمره، وكانت بسيطة فى بادئ الأمر، ولكن تفاقمت حالته بعد ذلك، وقد كان تشخيص إصابته بالمرض صدمة مروعة، ولكنه أصبح حافز نجاحه فيما بعد، ويقول «هوكنج»: «مع هالة الغموض التى اكتنفت مستقبلى، وجدت نفسى أستمتع بحياتى أكثر من ذى قبل. وكان ذلك شيئاً مفاجئاً لى»، ويضيف: «بدأت أحقق تقدماً فى أبحاثى، وارتبطت بفتاة تُدعى جين واليد بعدما قابلتها فى فترة تشخيص حالتى الصحية. وكان ذلك نقطة تحول فى حياتى، إذ منحتنى سبباً أحيا من أجله»، وحتى عام 1974 تمكن «هوكنج» وزوجته من التعامل مع مرضه دون الحاجة إلى مساعدة خارجية،
وأنجب منها ثلاثة أطفال، وكان فى ذلك الوقت قادراً على تناول الطعام بنفسه، والذهاب إلى السرير والقيام منه بمفرده. ولكن كان صعباً عليه التحرّك لمسافات كبيرة، ومع زيادة الصعوبات، بدأت عضلاته تخذله، وقرر الزوجان أن يعيش معهما أحد الباحثين الذين يدرسون مع «هوكنج»، وكان الطلاب يُمنحون سكناً مجانياً ورسوماً شخصية مقابل مساعدة «هوكنج» داخل المنزل، وعلى مدار الأعوام القليلة التالية، كان واضحاً أن العائلة فى حاجة إلى مساعدة ممرضين متخصصين، وتبيّن أن «هوكنج» سيقضى ما تبقّى من حياته على مقعد متحرك، وفى عام 1985 أصيب «هوكنج» بالتهاب رئوى، مما ضاعف معاناته، وللتغلب على صعوبات التنفس أجريت له عملية جراحية ورُكبت له أنبوبة فى القصبة الهوائية، نجحت العملية، ولكنها أثّرت على صوته، وأصبح يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة من فريق متخصص، وظل «هوكنج» لبعض الوقت لا يمكنه التواصل مع أحد إلا عن طريق ذكر الكلمات حرفاً تلو الآخر من خلال رفع حاجبيه عندما يشير أحد إلى الحرف الصحيح على بطاقة توجد عليها حروف الهجاء. سمع وولت ولتوسز، خبير كمبيوتر فى كاليفورنيا،
عن محنة «هوكنج»، فأرسل إليه برنامج كمبيوتر يطلق عليه «إكواليزر» Equalizer». وساعده البرنامج على اختيار الكلمات من قوائم تظهر على شاشة يتحكم فيها من خلال زر فى يده، قامت شركة «إنتل» للمعالجات والنظم الرقمية بتطوير نظام حاسوب خاص متصل بكرسيه يستطيع «هوكنج» به التحكم فى حركة كرسيه والتخاطب باستخدام صوت مولد إلكترونياً وإصدار الأوامر عن طريق حركة عينيه ورأسه وعن طريق حركة العينين يقوم بإخراج بيانات مخزّنة مسبقاً فى الجهاز تمثل كلمات وأوامر، من خلال هذه الإشارات واللفتات ما زال «هوكنج» يبدع ويمنح العالم أملاً فى حياة أكثر بهجة وسعادة وتطوراً.
نقلا عن خالد منتصر دوت كوم