بقلم - أسامة سلامة
وهكذا ارتاح الجميع بعد أن أحال وزيرا التعليم والصحة المسئولين المتهمين بالإهمال إلى التحقيق، وسواء أدانت التحقيقات مسئولا أو أكثر أو حصلوا جميعا على البراءة، فإن الحال سيستمر كما هو حتى يقع حادث جديد فيوقف الوزير المختص المسئول عن الواقعة ويحيله للتحقيق.
أتحدث هنا عن الحادثين المؤلمين اللذين وقعا منذ أيام، الأول راح ضحيته طفل، بينما كادت زوجة شابة أن تفقد، هي وجنينها، الحياة ثمنا فى الثانى.
في مطروح سقط باب المدرسة على تلميذ بالابتدائي فقتله، وتبين أن الباب متهالك وأن مديرة المدرسة أبلغت الإدارة التعليمية التي تباطأت في تغييره، ولهذا قام محمود أبو النصر وزير التعليم بإقالة وكيل الوزارة بمطروح.
وفى كفر الدوار رفضت المستشفى هناك استقبال سيدة في حالة ولادة، واضطرت أسرتها إلى توليدها على باب المستشفى بسبب صعوبة نقلها بعد أن حان وقت ولادتها، وقرر الدكتور عادل العدوى وقف مدير المستشفى عن العمل و كذلك رئيس قسم النساء وأخصائى النساء والتوليد وإحالتهم إلى النيابة الإدارية.
حسنا فعل الوزيران ولم يكن بيديهما أكثر من ذلك، ولكن هل حقا تمت إحالة الجناة الحقيقيين للتحقيق ؟.
إذا أردنا الحقيقة والدقة فإن المسئولين المتهمين في الواقعتين هم أيضا ضحايا، فعلى مدى سنوات غير قليلة، أصبح الإهمال شيئا عاديا لا يثير الدهشة عند من يشاهده، ولا يؤدى إلى إدانة من ارتكبه.
في حادثة المستشفى، إن ثبت صحتها، فإن الأطباء لم يجدوا من يعلمهم قيم الطب الحقيقية، والتي جعلت المجتمع قديما يطلق على الطبيب لقب الحكيم، فقد كان يجمع بين معالجة الأبدان المريضة والنفوس العليلة، كان الأطباء قديما لا يبحثون عن المال بقدر تأدية مهمتهم النبيلة، ولكن منذ سنوات ترسخت في الأذهان أن الطبيب الناجح هو الأكثر جمعا للأموال ولو على حساب المرضى أو بإهدار كل مبادئ الطب.
وهكذا أصبح العمل في المستشفيات العامة عبئا على الطبيب، فراتبه ضعيف وهو يريد أن ينتهي من ورديته سريعا للذهاب إلى عيادته أو للعمل في مستشفى خاص ،ولهذا فإنه (يزوغ) من المستشفى أو لا ينهك نفسه في العمل حتى يحتفظ بقوته وجهده للعمل الخاص المربح.
وفى حادث مطروح اكتفت المديرة برفع مذكرة للإدارة ولم يخطر على بالها أن تضع حاجزا يحظر التلاميذ من الخطر ولم تستعجل المديرية المتباطئة، ووكيل الوزارة تاه في البيروقراطية واللجان واللوائح والماليات ولم يكلف نفسه المرور على المدرسة ومعاينتها للوقوف على مدى خطورة الأمر، فهو على مدى سنوات خدمته، شاهد بنفسه تراخى العديد من الموظفين، كبارا وصغارا، دون أن يعاقب أحدا منهم على إهماله.
هذا هو واقع الحال، وإذا أردنا الإصلاح حقا، فلابد من إدانة ومعاقبة المجرم الحقيقي الذي زرع في المجتمع داء الفساد ومرض الإهمال.
نقلآ عن مبتدأ