بقلم اسامة نصحى
ليسمح لى المجمع المقدس بمنحه لقب قديس ..رغم ان الامر ليس من اختصاصى ..ولكن الامر تعبير عن مشاعر ألاف الاقباط فى النمسا ...وهو يستحقه عن جدارة ... رأس الكنيسة القبطية فى النمسا 24 عاما من عام 1976 الى 2000 ... لم يحصل على رتبة اسقف او مطران ولكن حصل على اعلى من هذه الرتب من حب وتقدير الاقباط فى النمسا ...انه القمص يوحنا البراموسى الذى نحتفل قريبا بمرور 15 عاما على انتقاله للسماء ...كان معاقا ولكن فى خدمته وفى رسالته كان افضل من اصحاء كثيرين .

وأسباب المكانة العظيمة التى تمتع بها القمص يوحنا عديدة أولها فى تقديرى انه استثمر فى البشر وليس فى الحجر ...بدأ بداية بسيطة فى كنيسة ايجار بوسط فى فيينا يتقاسمها مع الاخوة الكاثوليك ورغما ذلك لم يكن مولعا بشراء الاراضى وتشييد المبانى لانه ادرك ان هناك استثمارا اعظم وارقى وهو قلوب شعبه وتوصيل رسالة المسيح وضرب المثال والقدوة فى الحياة الروحانية السامية .

أدرك بحسه العالى وبفكره الذى سبق العديد من الاجيال اللاحقة ..ان الدولة النمساوية تمتلك مجموعة كبيرة من الكنائس الرائعة التى تتضاهى اجمل المتاحف العالمية ولكنها للاسف خاوية والمسيحية عموما تتراجع فى اوروبا ...لذا جعل استثماره الاول هو البشر ان يجمع القلوب حوله وان يبنى جسور من المحبة والمودة بين الكنيسة والشعب ونجح فى ذلك باقتدار .

اما السبب الثانى لحب الاقباط له ونجاح خدمته انه تخلى عن فكرة الجباية والرغبة المريضة فى جمع المال وزيادة ارقام الحسابات ....كان شديد الكرم ..جزيل العطاء بلا حدود ...عندما يسمع عن نجاح احد فى مشروع او عمل ..لم يفكر فى ان يأخذ منه شيئا ...بل يذهب له محملا بالهدايا وهو امر نادر فى رجال الدين .. كرمه الشديد اذهل الجميع ... لم يفكر يوما فى استغلال احد او تشغيل اخر بالسخرة او الاجور المتدنية بل يضاعف العطاء بشكل جعله يستحوذ على قلوب رعيته .
كان يحب الخطاه مثل سيده يقف مع الجميع يبحث لكل انسان عن عمل افضل ...يروى لى مهندس ناجح ومدرب قيادة طائرات وسيارات معروف فى النمسا ان القمص يوحنا طلب منه بالحاح ان يساعد شخص سىء السمعة على العمل فى التدريب على قيادة السيارات معه ..واكد له انه تاب وانه سيبدأ صفحة جديدة ... وكان يتألم لمعاناة هذا الشخص فى الحصول على عمل .

ثقته وحسن ظنه فى الناس كان بلا حدود حتى الخطاة لم يكن يقسو عليهم ...بينما يسود الان بين الناس سوء الظن والشك فى اقرب المقربين وافتراض المؤامرات .
وكان لشركاء الوطن فى النمسا من الاخوة المسلمين نصيب من محبته وتقديره لم يكن يخاف منهم او يسيطر عليه الفكر الطائفى او يضع الجميع فى سلة واحدة ...احبه المسلمون والمسيحيون على السواء

تشرفت بنوال بركة لقاءه مرتين عامى 1994 و1999 فى زيارتين خاطفتين للنمسا قبل ان استقر بها قبل سنوات قلائل ... لم يكن يضع كل اهتمامه على رضا رئاساته فى العالم مع حبه وتقديره لهم ...ولم يكن يهتم بمن يزور النمسا ... او ان يعطيه الرئيس مكانة خاصة او زيارات أكثر...كان كل اهتمامه وحبه موجه للفقير والمريض والمحتاج ...أدرك جوهر رسالته وهى خلاص نفوس رعيته ..فلم يفكر فى الرئيس او المبنى الجديد ...او استقدام فلانة او علان لانه موصى عليها او عليه من الرئيس ..ولم يفرق بين افقر الفقراء والشخصيات التى تسمى فى هذه الايام صاحبة الحظوة .

يستحق القمص القديس يوحنا البراموسى لقب رابح النفوس ورابح الملكوت والانجيل المعاش ومجسد تعاليم المسيح ... كم أحوجنا الى رجال الدين الانقياء ...هنيئا لك باحضان المسيح ..اذكرنا امام عرش النعمة .