مينا ملاك عازر
تركتكم المقال المنشور يوم السبت الماضي، وصاحبنا ينتوي اليوم التالي الذهاب إلى مكان جديد حيث حدائق القبة كما قالوا له، ولكن قد فاتني أن صاحبنا سأل قبل أن يغادر مكتب التموين عن عنوان المكان الجديد، فقال له أحد الموظفين الذي كان يبدو عليه الاحترام أن المكان عند مركز شباب حدائق القبة، وتستطيع الوصول له بأن تنزل في محطة مترو حدائق القبة
انتبهوا يا سادة محطة مترو حدائق القبة، وهناك ستجدوا مركز الشباب في وشك مباشرةً ولأن صاحبنا كان مطحون كما ذكرت لكم في المقال الماضي لم ينتبه أنه لا يوجد أساساً محطة مترو تسمى محطة مترو حدائق القبة.
اليوم التالي، أخذ صاحبنا بعضه وركب المترو وعند قراءته لخريطة محطات المترو انتبه للحقيقة الصادمة بعدم وجود محطة مترو بهذا الاسم، فقرر النزول في محطة مترو كوبري القبة على أساس أنها أول محطة ذات الصلة بالقبة، وهو قادم من حلوان، وعند النزول بدأ يسأل قبل الخروج من محطة المترو عن مركز شباب حدائق القبة، فوجد الناس عارفة، وبدأوا يدلوه على أن يركب ميكروباص
فتشكك وهو الذي يعرف أن المفترض إن يكون في وجهه، فتساءل هل هناك محطة مترو في وش المركز؟ فنفى الجميع ولما خرج للشارع وجد الميكروباصات تنادي مركز الشباب مكتب التموين، وكأنها علامة، فركب وعندما وصل، مشى في طرقة طويلة قليلاً في نهايتها وجد حوش كبيييييييييير ومليء بالبشر، الرجال في ناحية والسيدات في ناحية أخرى.
وقبل أن أستمر في السرد، أدعو الصديق العزيز راضي نادي بكاميرته الشقية سارقة اللقطات الرائعة والحوارات الجميلة الشيقة، أن ينزل فيما بين الأيام من 8 ل20 من كل شهر ليسجل لقطات تعجز الكلمات عن الوصف، لقطات تثبت أن الشعب المصري شعب رياضي يحترف رياضة المصارعة، فمسألة الشتيمة والسب قد تخطاها، الوقوف يفعلونها في وقت فراغهم حين تتوقف المعارك باليد والقدم لثواني، ليتفرغوا لصب وابل من الشتائم والسب بأقظع وأشد الألفاظ انحطاطاً على الحكومة والبلد، أدعو الأستاذ راضي نادي أن يبدأ الرحلة من مكاتب التموين وانتهاءاً بهذه الحلبة المقامة على أرض مركز شباب حدائق القبة.
مع عجزي لنقل سيادتكم الحالة المذرية التي عليها المواطنين، لن أهتم بالخوض في كيفية وصول صديقنا بطل القصة لغرضه، فهو قد وصل، وعندما اقترب من الباب الحديد شعر أنه يصعب عليه الحياة، ووجد نفسه بين خيارين إما أن يبقى في موقعه القريب من الهدف ويفقد حياته أو الهروب للخلف وينجو بها، فقرر الفرار والعودة مجدداً بعد أن لملم شتات نفسه، وفهم أن الموقف يعتمد على القوة، وقاده حظه الجيد وقراره الرائع بالانسحاب أن ينجو من معركة بالعصا قامت بين المواطنين والعساكر - الذين حاولوا فاشلين كعادتهم في كل شيء- أن ينظموا الناس فيما يعرف بطابور.
لم يصدق صاحبنا في المرة الثانية أنه نجح في الوصول، وأنهى ورقه وخرج مذهولاً بحق كان ذهوله الأكبر عندما عرف من سيدة منقبة التقى بها أنها وصلت الساعة الثامنة صباحاً لتوها وأنهت الورق وكانت الساعة حوالي الحادية عشر ونصف، وقالت له أنها وقفت عند محطة المترو تبكي لأنها لا تعرف إلى أين تذهب وماذا تفعل.
وأخيراً، أحب أن أنقل لكم حسرات الموظفة في مكتب التموين التي عاد لها، والتي قد أرسلته أمس إلى حلبة مركز الشباب، عندما أخذ يقدم لها كل ورقة تحلم بالحصول عليها، كان يشعر بها تتقطع وهي لا تجد ما تعوق به طلبه، حزن لألمها، وحزن أكثر حينما عرف أن طلبه سينفذ بعد أكثر من ثلاثة أشهر، لماذا؟ لم يعلم، وفي طريق عودته التقى بأحد بقالي التموين، فسأله، فأكد له أن هناك من يريدون إخراج بطاقة بدل فائد من سنة ونصف وطلبهم لم ينفذ، وربنا معاك وأكد له أنه سيعيش بجواب سيصدر له بعد أكثر من شهر ليتمكن من صرف تموينه!!!!!!.
آه بالمناسبة، لو كان أستاذ خالد أبو بكر نقل للعالم كله وللرئيس السيسي شتيمة باسم يوسف للرئيس السيسي، فأنا لن أنقل له ما شُتِم به، لألا يقل أحد ما شتمك إلا من بلغك، ولكن سأخبره إنه إتشتم وإن كان هو من هؤلاء الذين لا يهتمون أبداً بالشتائم
ويقولون أنها لا تلتصق بأحد- وأنا منهم- فلعله يقلق من سيل الدعوات التي نزلت عليه وخاصةً أنها دعوة المظلوم والمقهور والغلبان، والشعب الذي أحبه واختاره، وأدعوه أن يقتص لهم من جهاز إداري فاسد مترهل من كل جوانبه، ونظام غبي ووزير أقل ما يقال عنه وله، حسبنا الله ونعم الوكيل فيه وفي من سبقوه كلهم، أسيب بقى الحكم لكم.
المختصر المفيد منهم لله.