بقلم: مهندس عزمي إبراهيم
يوم الأحد 9 أكتوبر 2011، يُطلق عليه "الأحد الأسود" كما يُسَمّى أيضاً "الأحد الدامي" وأقرب الأسماء إلى أذهان مصر والمصريين هو "يوم مذبحة ماسبيرو". وهو يوم من المعالم السوداء في تاريخ مصر، والوصمة المشينة التي وضعها المشير محمد حسين طنطاوي في جبين الجيش المصري.!!!
في هذا اليوم قام جيش مصر الباسل بقيادة حاكم مصر حينئذ، القائد العام السابق للقوات المسلحة، المشير محمد حسنين طنطاوي، بـ "مذبحة ماسبيرو" أقذر عملية حربية في تاريخ الجيش المصري ، بل في تاريخ مصر. حيث راح ضحيتها بين 24 و 29 من أبناء مصر الأبرياء المسالمين الغير مسلحين، قتلا برصاص الجيش ودهساً تحت عجلات وجنازير مدرعاته المصفحة في قلب القاهرة!!
وفي يوم 17، من ذات الشهر نشرت في صحف ومواقع عدة مقالاً بعنوان "الشرف العسكري" موجها إلى طنطاوي حاكم مصر حينئذ، اقتبس منه هنا خمسة فقرات:
1. "إن جيش مصر في أقبح هزائمه المؤسفات في 1948، 1956، 1967، حتي في حصاره المؤسف في سينا (بعد عبور القناة الرائع عام 1973) وهي حقيقة لم يعلنها السادات وقام بطمسها إعلامه (المتستر). ولكن العالم كله يعلم تفاصيل تلك الحقيقة، كما يعلمها المصريون المطلعون والمتابعون لحقائق الأحداث دون المزيفة والمفركة. في كل هذه الهزائم المؤلمة كان جيش مصر أكرم وأشرف وضعاً من موقف جيش مصر في "غـزوة ماسبيرو" أي "مذبحة ماسبيرو" التي (انتصـــر) فيها طنطاوي على (مصريــــن) عزل لم يحملوا سلاحاً بل شموعاً للسلام ولافتات ورقية تطلب العدالة والمساواة احتجاجاً على هدم الكنائس ونزع الصلبان ونهب الأعمال والأملاك وخطف القاصرات. فقمت يا طنطاوي بدهس (أبنــاء وطنــك المسالمين تحت عربات الجيش المصفحة ونثرت أشلائهم وأهدرت دمائهم البريئة على أرض وطنهم، وعلى يد اخوتهم المسلحين بأموال الشعب (مسلمينه وأقباطه). تصرفوا بعنف واجرام وحقارة تحت قيادتك (الغير حكيمة) كأي عصابة بلطجية تحت قيادة بلطجي لا تعرف من مبادئ الإنسانية حرفاً واحداً. بل وألقيت جثث بعض الضحايا في نهر النيل لتخفي (بعض) معالم الجريمة التي تتنصل منها بالأكاذيب والحجج المفبركة أنت والإعلام المأجور. في حين أن تفاصيلها تملاء الفضائيات والصحف والتلفزيونات من شهود وتقارير وصور وفيديوهات في جميع أنحاء العالم."
2. "إن التعدي الإجرامي الوقح على مسيرة ماسبيرو المسالمة وصمة سوداء في جبينك، وجبين من أخذ القرار معك، وجبين من نفذ أوامرك. إنها وصمة لن ينساها التاريخ لك وستبقى على وجهك واسمك حتى تلقى بالقبر غير مأسوف عليك، لأنك أهنت مصر كما لم تهن في تاريخها. العالم بأجمعه ينظر باحتقار إلينا وإلى بربرية جيشنا وفوضوية حكامنا بسبب ما فعلت."
3. "أنت لو قمت بهذا الإجرام مع مدنيين في حربٍ ضد جيش أجنبي تعتبر (مجرم حرب) ويحق محاكمتك دولياً. لأن حماية المدنيين "ابناء العـدو" حتى في الحرب معه، بند من الشرف العسكري. لقد فقدت الشرف العسكري يا طنطاوي ويا للعار، لما فعلته مع المدنيين المسالمين العزّل (أبناء الوطن) دون رحمة ولا إنسانية!!"
4. "إرحل يا طنطاوي. إنزل بما تبقى لك من كرامة من هذا المنصب الذي لست أهل له. أنت من تستحق ان تسحب منك الجنسية المصرية، فقد أثبت أنك لست مستحقاً لها. لأنك يا طنطاوي لست أميناً على مصر ولا أبنائها ولا أمنها ولا جيشها. أنت عميل للسعودية وأمريكا واسرائيل. أتحداك أن تفعل ما فعلت في غزوة ماسبيرو مع اليهود الراكزين المتأهبين على حدود مصر، بل على صدر مصر وعلى صدر العرب جميعاً. أتحداك أن تفعل ذلك مع السلفيين والوهابيين ثعابين السعودية، أو دبابير حماس أو ذبانية الاخوان أو عقارب القاعدة أو أذناب إيران أو بدو سينا."
5. "إن أجهزة المخابرات العسكرية والمخابرات العامة والأمن الوطنى والبحث الجنائى المُندسة في كل أنحاء مصر والمتجسسة كالجستابو على كل تحركات المواطنين تعلم مُسبقا بتفاصيل ومواعيد مسيرة ماسبيرو وأسماء القائمين بها وأسماء المسلمين الأشراف المؤيدين لأخوتهم الأقباط والمصاحبين لهم. ولو لم تحظي هذه المسيرة بموافقتكم لكنتم أجهضتموها قبل التصريح بها.... لكن..!!! لكن النية كانت مبيتة من جانبك يا طنطاوي!!"
***
كانت هذه الفقرات الخمس بعضاً من مقالي في 17 أكتوبر 2011. واليوم، 17 أكتوبر 2014، أقول: ثلاث سنوات طوال مضت، وما زال الجرح لم يلتئم، ولن يلتئم. وما زالت دماء الضحايا تصرخ على أرض مصر، ولن يصمتها مرور السنين. وأرواحهم الطاهرة تحوم حول أعناق المسئولين بمصر، ولن تهدأ. أما أصوات وقضايا يتامي الضحايا وثكلاهم وأراملهم وأمهاتهم وأباؤهم وأحبائهم فما زالت تُرفع لرجال الحكم والقضاء بمصر ولا من سميع ولا من مجيب!!
في بلاد (الكفـــار) العادلة التي تعرف الله (حقاً) وتقدِّر القانون وعدالته، لو تسبب مواطن في قتل كلبٍ أو قـطٍ يُقبَض عليه ويُحاكم بتهمة القسوة على الحيوان. بينما في بلادنا التي (تتشدق) بالدين ليلاً ونهاراً، و (تدَّعي) التدين في الشوارع قبل المعابد، و(تُكَبِّـر) الله بمناسبة وبغير مناسبة، في بلادنا هذه يُقتل 24-29 مواطن مصري بريء غير مسلح تحت عجلات وجنازير المدرعات الحربية يقودها مصري أخذ أوامره من مصري... ولا يحرك "مسئول" أصبعاً حتى اليوم لإقرار حق القتلى الأبرياء من عدل وقصاص.
فما التدين الباطل والإدعاء بمعرفة الله إلا كذب ونفاق ورياء وضحك على الذقون، بل خداع على الله ذاته. إن قداسة إنسانية الإنسانَ قبل قداسة الدين. لأنها وعاء ضميره، ومكوناتها نبل ومحبة ومودة ورحمة ونقاء وسماحة وعدل، أما الدين (اي دين) فعنصري متطرف متحيز لطائفة واحدة دون الطوائف الأخرى حتى من نفس الدين. فإن فقد الإنسان إنسانيته فقد فقد ذاته وضميره ومقدرته على حمل المشاعر الطيبة. بل يكون قد فقد إيمانه بالله. لأن الله، جل وعز، هو العدلٍ، والعدل إسم من أسمائه وسمة من سماته. ومن تخلى عن العدل فقد تخلى عن الله ذاته. مهما تشدق بغير ذلك!!
فهل من سميع يا سيادة النائب العام، المستشار هشام بركات؟؟
وهل من سميع يا سيادة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب؟؟
وهل من سميع يا سيادة الرئيس الأعلى: عبد الفتاح السيسي؟؟
إن لم يكن منكم سميع لصوت الضحايا... فالله هو السميع.