الأقباط متحدون - عندما تتحول الأم
أخر تحديث ٠٥:١٦ | الجمعة ١٧ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ٧ | العدد ٣٣٥٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عندما تتحول الأم


 بقلم : ماجد سمير

وصل صديقنا العزيز العريس الجديد كعادته إلى مجلسنا متأخرا ولقب العريس الجديد حسب قواعد شلتنا المجتمعة مساء كل يوم على المقهى الكائن في آخر شارعنا بالجيزة يظل منطبقا على المتزوج حتى دخول ابنه المدرسة أو يقوم هو شخصيا بمطالبتنا بالتوقف نعته بالجديد لأنه أصبح قديما جدا ولم يعد له أدنى علاقة بالحداثة أو حتى بالعريس ووقتها نعلن انضمامه إلى قائمة العظماء كعضوا عاملا لأنه الآن فقط أصبح ككل العظماء في التاريخ وراءه امرأة.
صديقنا يصل دائما متأخر لأسباب مختلفة قبل الزواج كان الزحام والاشارات والعمل حجته الأساسية بعد الزواح المدام وطلبات البيت والأولاد وغيره من تبريراته المعروفة للتأخير الدائم .
 
بعد ما جلس وطلب الشاي مع النعاع طلب المعتاد الذي حفظه صبي المقهى عن ظهر مجرد أن يراه تسمع صوته ينطلق بنغمه حفظتها أذاننا "وعندك واحد شاي بالنعاع سكر برة لأستاذنا.
 
اعتدل في جلسته ومارس هوايته في شم رائحة النعاع وبدأ في شرب الشاي باستمتاع وقال : أنا ما صدقتش الواد ابني لما قال لي يا بابا ماما بتتحول ، ضحكنا جميعا وسأله أحدنا بتهكم عن كيفية تحولها، فأكد أنه في هذه اللحظة جاد جدا وفي منتهى الصدق سألته بشكل مباشر : بتتحول ازاي يعني، اخرج علبة السجائرة وأخرج سيجارة وأشعلها وبعد أن سحب نفس عميق قال بحزن شديد ما معناه انه قرر بدء عشرة أيام من أجازته السنوية قبل انتهاء العام ونام قليلا بعد وجبة الغداء وفجأة صحى على صريخ الولد وزوجته معا فقز نحو الغرفة الأخرى فوجد الأم واقفة رافعة يديها لأعلى والولد مسكين مقرفصا منكمشا على كرسي السفرة صرخ فيها : فيه أيه؟! التفت الزوجة ...وجد ملامحها مختلفة وشكلها غريب ضحكتها الصافية الرقيقة غير موجودة، على وجهها ملامح شريرة لم يراها من قبل شعرها غير منكوش لكنه  أيضا غير مرتب عينها العسلي الجاذابة حمراء وحاجبيها تماما مثل رقم ثمانية بالعربي ...رد عليه بطبقة صوت صارمة ..احنا بنذاكر "الماسيس" – مادة الحساب - ...ثم نظرت لعنيه مباشرة وأمرته بلهجة تهديد : خش كمل نومك.
 
سحب نفسا أكثر عمقا من سيجارته وتأمل خروجه مشكلا سحابة كثيفة من الدخان وضع ساق فقوق مؤكدا في حديثه أنه عاد لغرفته وأكمل نومه كأن متصورا أنه كان يحلم والسبب مشاهدته قبل النوم فيلم " ريا وسكينة " وما أن ذهبت عيونة في النوم إلا وانتفض جسده مرة أخرى على صريخ مشترك مرة أخرى بين الأم والابن وإن اختلفت طبقة الصوت عن المرة السابقة التي تميزت بطبقة أوبراليه في حين تألق الصريخ في هذه المرة بطبقة أكثر غلظة وتوحش وخشونة وفور وصوله وجد ابنه مختبئا تحت السفرة والأم تميل بنصفها الأعلى محاولة الإمساك به, وفور إحساسها بوجوده اعتدلت ونظرت إليه فوجد حاجبيها مثل "الشدة التي يعلوها ضمة " ورسمت على شفتيها  ابتسامة شريرة وقالت أصلنا بنسَمَع العربي ، واضاف أن الولد خرج من تحت السفرة واختبأ ورائي وقال لي يا بابا أنا بقول لك من أول الدراسة ماما بتتحول.
 
ضحكنا مرة أخرى وأكدنا له أن جميع الأمهات تتحول مع بدء الدراسة وأن الأمر جديد عليه لأنها السنة الأولى لابنه في التعليم لكن رفض المنطق مشددا على أنه سينفذ ابنه قبل منهج الجغرافيا  فمن يضمن ألا تليقيه أمه المتحوله من أعلى جبال الهيملايا أو تغتاله في حشائش السافانا أو يهرب منها الولد فيتوه في سايبريا.
 
طلب  صديقنا الصحفي كوب ماء وقال أن مايحدث لأطفالنا جريمة بكل المعاني اغتيال تام لطفولتهم ومناهج كلها قائمة على الحفظ والصم والتلقين وابتسم وقال أن وزارة التربية والتعليم قررت تهدي حكومة "دار السلام " بتنزانيا خطتها الإستراتيجية في التعليم قبل الجامعي. هنا.. وضع صبي المقهى المياه وضحك وقال : على كدة الست اللي ورايا في دار السلام  اللي ليل ونهار تصرخ في ابنها علشان المذاكرة من تنزانيا.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter