مينا ملاك عازر
أصبحت الحرب هي سبوبة حماس، وحينما تشعر أن المعون ينضب، والنهر يجف، والأموال تقل، تشعلها حرباً فيموت بعض المدنيين الذين لا قيمة لهم في نظرها فلعلهم لا ينتمون لجماعتهم الإخوان- حيث أن حماس فرعاً وجناحاً عسكري من جماعة الإخوان- وتدمر بعض البنية التحتية في القطاع التي تفرض عليه سيطرتها وقبضتها، وحينها وحينها فقط تنهمر الأموال، ويندفع سيل المعونات والإغاثات، تجري المياه في النهر حينما نغلق حولها الأنفاق وتهدم، وتنقطع بها السبل لتكسب، ولزيادة أرصدة أعضائها في البنوك، تشن حرباً فتنعقد المؤتمرات لإعمار غزة مع أن بديهيات الدخول في الحرب أن يتحمل الداخل فيها مسؤولية إعمار بلاده أو يشارك فيه، ولنا في إعادة أعمار مدن القناة وسيناء في مصر أسوة حسنة، كيف أعدنا إعمار بلادنا بعد حربي النكسة والانتصار في السادس من أكتوبر؟

حماس الكاسب الأكبر من كل حروبها، ليس المنتصر، أقول الكاسب، والمكسب هنا مكسب مادي أكثر منه سياسي، أقول حماس وليس فلسطين ولا حتى غزة، فأي فيض ينهمر على غزة يصب في خزائن حماس، يصب في بنوك قطر حيث يعيش مشعل ومن على شاكلته، الفارقة في هذه المرة حيث مؤتمر إعمار غزة المنعقد في القاهرة، والذي تحضره أمريكا -الممولة للجيش الإسرائيلي الذي خرب غزة- أتت لتغسل أموالها في إعمار ما خربته بسلاحها، أقول المفارقة أيضاً هي أن حماس التي لديها كل هذا السلاح الذي تتباهى به تعجز عن تدبير أموال لإعمار غزة، تنجح في تدبير السلاح لكن لا تنجح في تدبير المال لإعمار البلاد وتطبيب العباد.

تحتضن القاهرة مؤتمر إعادة إعمار غزة، وهي التي لم تعقد مؤتمراً واحداً لإعادة إعمار صعيدها وريفها، القاهرة تجمع الناس لدعم غزة التي ينبع منها كل الإرهاب الموجه لها، كم أنت عظيمة يا مصر، صدرك مفتوح للجميع، وقلبك ملآن بالخير على غيرك، وغيرك قلبه مملوء حقد وكره عليكِ، فيا ليت مصر تلتفت لنفسها وتعيد إعمار عقول أهلها وبنيتها التحتية حتى لا تكن بيئة خصبة لإرهاب حماس، يا ليت مصر تعقد مؤتمراً لإعادة أعمار سيناء بعد تخريب الحمساويين لها فتحرمهم من عمقهم الإستراتيجي، ومكسبهم الحقيقي وميدان حربهم ضد الجيش المصري.

أخيراً، هل تكن حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني المشكلة مؤخراً هي المحبس والسد لوصول المعونات لحماس وتوجيهها بشكل صحيح نحو إعمار حقيقي لغزة، وليس لإعمار حماس هذا السؤال ستجيب عنه الأيام القادمة بإذن الله.