الكاتبة- نانا جاورجيوس
لسة الناس إلى الآن شايفة إن مفيش فرق بين ولادة السيد المسيح و عملية خلق آدم وحواء.. بل يروا أن الإعجاز في خلق آدم وحواء أكبر لأنهما بلا أب ولا أم بينما السيد المسيح له أم و بلا أب ؟!
في الحقيقة هناك خداع فكري كبير بيتم تداوله، الموضوع ليس له علاقة بمين إللي له أب وأم أو مين إللي وُجد بدون، بل السؤال إيه الفرق بين عملية الخلق وعملية الولادة. وما الهدف من خلق آدم والهدف من ولادة المسيح بهذه الطريقة الفريدة التي لم تشهد البشرية مثيلها من قبله أو من بعده، فلا يوجد أي وجه للمقارنة بين عملية الخلق و عملية الولادة!
أولاً آدم خلق من طين الأرض أي جُبِل من «أديم» الأرض ولهذا سمى« آدم» فهو مخلوق ترابي. وحواء خلقت من ضلعه لتصير زوجته. فآدم وحواء خلقوا طبيعي ألا يكون لهما أب و أم لأنهما كما الأب و الأم الأولين للبشرية.
أما السيد المسيح وُلد ولادة بشرية فريدة بإعجاز من الروح القدس،فهو{ مولود غير مخلوق}، لهذا فهو { كلمة الله، الإبن الكلمة المتجسد}، في وقت كانت البشرية قد اكتملت عملية خلقها، فالله لم يكن بحاجة ليثبت قدرته الإلهية بعد أن خلق الإنسان في أكمل صورة «آدم وحواء» ولكن وُلد المسيح في زمن إكتملت فيه الطبيعة البشرية من ذكر وأنثى و إكتملت فيهما قوانين الطبيعة وكائناتها و نواميسها بالتناسل.
فكيف ولماذا يعود الخالق إلى ولادة فريدة لإنسان بهذه الطريقة التي لم ولن تحدث، ولا شبيه له في العالم، ما الهدف من هذا؟!
الإجابة أن هذا الإنسان الذي{ صار في شبه الناس..و وُجد في الهيئة كإنسان}«فيليبي2: 7» هو خارج قوانين الطبيعة الإنسانية وخارج دائرة نواميسها ولا يخضع كسائر البشر لها، فلم يدخل للعالم كأي إنسان ولم يخرج منه كأي إنسان. لأنه كما قال يسوع:{ خرجتُ من عندالآب...نزلت من السماء...أنا هو الخبز الذي نزل من السماء}« يوحنا16: 28...يو6: 38... يو6: 41»
فهو الإبن الوحيد الذي خرج من حضن الآب« يو1:18» وطالما خرج من حضن الآب فهو كائن ليس موطنه وليس أصله من الأرض بل من السماء
لأنه خرج من عند الآب ونزل من السماء، لأنه كان في الآب منذ الأزل { أنا في الآب والآب فيَّ }«يو14: 10» و { أنا والآب واحد}«يو10: 30 »
غاية مافي الأمر أنه أخلى ذاته الأولى الأزلية ليأخذ صورة عبد في شبه الناس، ولكن هذا التخلى لا يُحسب خلسة أبداً أنه معادلاً لله الآب:
{ فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ...}«فيلبي2: 5- 7»
فهو مولود ميلاداً أزلياً قبل كل الدهور و قبل أن يدخل للعالم بميلاد بشري، ومن لم يخلق فهو خالقاً و واهباً للحياة، لهذا وكما اعلن يسوع عن ذاته أنه واهب الحياة للعالم:{لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ}«يوحنا6: 33» فمن يهب الحياة فهو خالق وليس بمخلوق. هذا التخلي لم يمنع وجوده - وهو في الجسد كإبن الإنسان- أنه أيضاً كان موجوداً في ذات الوقت في السماء:{ لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ}«يو3: 13»
- فهو ليس واهباً للحياة فقط و سيقيمنا في اليوم الأخير كما قال فقط ، بل كما قال يوحنا عنه:{ و الذي به كان كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان}«يوحنا 1: 7»
- و هو رسم جوهر الآب الذي به عمل العالمين لأنه الحامل لكل شيء بكلمة قدرته:
{ الذي به ايضا عمل العالمين، الذي و هو بهاء مجده و رسم جوهره و حامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي}« عبرانيين1: 2-3«
- و هو الإله المبارك الذي أخلى ذاته وتجسد لإتمام الفداء ولكنه إلهاً منذ الأزل وإلى الأبد:
{وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ}«رومية9: 5»
فمن له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الوحي الإلهي بالروح القدس