الأقباط متحدون - بعض أسباب تصنع الإرهاب
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | الجمعة ١٠ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٣٠ | العدد ٣٣٥٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بعض أسباب تصنع الإرهاب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
بقلم   د. عمار على حسن 
من التبسيط المخل أو التفكير المتعجل أن نعزى الإرهاب إلى سبب واحد، فوراء كل إرهابى قصة، قد يشارك آخرين من أمثاله فيها، وبعضهم هو صنيعة عدة قصص متداخلة، وهناك من الأسوياء أو المتعدلين أو الذى يرمون العيش فى سلام من مروا بقصص شبيهة بل متطابقة لكنهم سلموا من الوقوع فى براثن التطرف الدينى المؤدى إلى الإرهاب.
 
وتمتد هذه الأسباب لتصل إلى «الصدمة الحضارية» و«التدين المغلوط» و«سذاجة العقل والقلب» لكن أكثرها بروزا وقابلية للقياس هى تلك المتعلقة بالسياق العام أو السمات الشخصية للفرد، ويمكن ذكرها على النحو التالى:
 
١ ـ الاستبداد السياسى: فالبيئة السياسية والاجتماعية العربية التى عانت طويلا ولا تزال من تمركز السلطة واستئثار شخص أو قلة بالقرار وغياب أى فرصة لتداول السلطة سلميا وفقدان التعددية السياسية والتضيق على الحريات العامة مهيأة لظهور التطرف السياسى والدينى وترعرعه أكثر من البيئة السليمة التى تستوعب مختلف الاتجاهات وتتيح لها التعبير عن نفسها بشكل سلمى وعلنى.
 
وليس معنى هذا أن الاستبداد يؤدى بالضرورة إلى تواجد التطرف الدينى الذى يؤسس للإرهاب، أو أن الديمقراطية تعصم منه بالضرورة. فهناك حالات لاستبداد بلا تطرف، وحالات لديمقراطية تشهد متطرفين فكريا ومذهبيا. لكن قدرة الديمقراطية على استيعاب المتطرفين وتهذيبهم وتضييق الخناق عليهم وتجفيف منابعهم السياسية والفكرية أكبر بكثر من قدرة نظم الحكم المستبدة.
 
وقد تبنت الولايات المتحدة عقب حادث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ هذه الرؤية إثر الإجابة على تساؤل يقول: لماذا هاجمنا إرهابيون من منطقة الشرق الأوسط؟ ولذا ضغطت الإدارة الأمريكية من أجل الإصلاح السياسى ثم لم تلبث أن تخلت عن هذا التوجه معولة تارة على ما يسمى «الاسلام المستأنس» وأخرى على ما ترى أنه «الإسلام المعتدل»، وهو تصور ثبت فشله أيضا.
 
٢ ـ الخلل الفكرى والنفسى: فالمتطرف يعتنق أفكارًا مختلة، كثير منها مستمد من مطالعة كتب قديمة كتبت فى سياق مغاير أو كانت إجابة على أسئلة زمان غير زماننا أو كتبها مؤلفوها فى ظروف نفسية سيئة. وقد يكون المتطرف يعانى من عوار نفسى، أو يمر بظروف نفسية صعبة، أو لديه أسباب للتعصب والمقت والكراهية أو على الأقل التجهم والانطواء، وتصور أن العلاقة مع الآخر، أيا كان، يجب أن تقوم على الصراع المفتوح.
 
وحالتا الخلل الفكرى والعوار النفسى قد تقودان شخص نحو الانزلاق إلى الإرهاب. وهناك من يقف عند حد اعتناق تصور فكرى جامد والسقوط فى وضع نفسى متطرف.
 
وما يساعد على استمرار هذا الخلل الفكرى أو تأخر علاجه هو تردى التعليم وتركيزه على الحفظ والترديد والتكرار، وليس النقد والإبداع، إذ إن من يتعلم النقد بوسعه أن يمرر كل ما يقرأ على عقله، فيميز الخبيث من الطيب، والغث من السمين، والمعقول من اللامعقول، ومن ثم يمتلك حصانة ضد الفكر المتطرف.
 
من هنا تأتى مسؤولية نظم التعليم والثقافة ومؤسسات إنتاج الخطاب الدينى عن مكافحة التطرف والإرهاب، الذى يجب النظر إليه باعتباره «مسألة فكرية» قبل أن يكون «مسألة أمنية».
 
٣ ـ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة: فالفقر والبطالة والتهميش والظلم الاجتماعى هى أسباب لتهيئة البيئة أمام التطرف الدينى وإنتاج الإرهابيين. فمن يعانون من هذا الوضع الصعب هم صيد سهل للإرهابيين، كما أن التنظيمات الدينية المتطرفة، أو حتى من لها مشروع سياسى يوظف الدين كأيديولوجيا، استغلت انسحاب الدول من تقديم الخدمات الاجتماعية لكثير من الشرائح والطبقات الاجتماعية، واستغلت التمييز الاقتصادى والاجتماعى، لبناء شبكة من المنتفعين التى شكل جانب منها فيما بعد بيئة منتجة للتطرف وحاضنة للإرهاب. كما تستغل التنظيمات الإرهابية الظروف الحياتية الصعبة لبعض الشباب وتعرض عليهم نقودا مقابل الانضمام إليها أو القيام بعمليات إرهابية لصالحها.
 
نقلآ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع