بقلم : مجدى الجلاد | الخميس ٩ اكتوبر ٢٠١٤ -
٤٢:
٠٥ م +02:00 EET
لا أعرف لماذا اندهشنا جميعاً حين ظهر تنظيم «داعش» الإرهابى؟!.. ولا أعرف كيف بدا علينا «الجزع» عندما شاهدنا «فيديوهات» القتل والذبح وسبى النساء فى العراق وسوريا؟!.. كيف يندهش قوم من أفعال كائن خرج من «أرحامهم»؟! ولماذا لم يسأل أحدنا نفسه: أليس بداخلى «ألف داعش»؟!.. لماذا لا يخرج الإرهاب إلا من «خلايانا»؟!.. وهل «داعش» تنظيم أم حالة أم فكرة أم «تجميعة مركزة» من «داعشية» تسكننا، وتطفح علينا كل لحظة؟!
أنت «داعشى» باقتدار.. وإلا لماذا تعجبك عبارات المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة، فتصفق لها حين تقرأها أو تسمعها، بينما تمارس التمييز فى حياتك اليومية مع سبق الإصرار والترصد: تمييز ضد المرأة.. تمييز ضد الديانات الأخرى.. وتعصب فى مواجهة الآخر لمجرد أنه يختلف معك؟!.. أنت لا تدرى قطعاً أن «داعش» وغيرها من «الجماعات المتشددة» هى مجرد «سلخة» متطرفة من نسيج عقولنا.. أو هى خلية سرطانية انقسمت من «خلية» فاسدة.. وأى تحليل «DNA» سيثبت -بمنتهى البساطة- أنها تنتمى لى ولك، بل هى ابن شرعى لنا جميعاً..!
السلطة فى بلاد العرب «داعشية» بامتياز، مهما قامت ثورات، وتغيرت أنظمة.. وإلا بماذا تفسر إصرار كل «نظام حاكم» على «تخوين» المعارضة، و«اغتيال» أى صوت مختلف بالتشويه والاتهامات دون سند أو دليل؟! هل تختلف السلطة كثيراً عن «داعش» حين «تذبح» معارضاً لمجرد أنه قال «لا»، أو «تقتل» عقلاً لمجرد أنها ضبطته يفكر؟!.. «داعش» يذبح بـ«جز» الرقبة، فيموت الضحية مرة واحدة.. و«السلطة» -أى سلطة- تذبح خصومها بـ«طعن» الشرف، فيموت المطعون كل لحظة.. ثم يجتمع الرؤساء والملوك والزعماء ليبحثوا كيف نقضى على «داعش»؟!.. وإذا ذهب «داعش».. ألن يولد ألف «داعش» كل يوم؟!.. ابحث فى تاريخنا ستجد أن «داعش» مجرد «تطور طبيعى للحاجة اللى جوانا»..!
النخبة فى مجتمعاتنا «داعشية» بتفوق.. انظر إلى أعينهم وهم يتحدثون، سوف تكتشف بسهولة أن الكلمات البراقة، والعبارات الرنانة تخفى «شهوة شبقة» لنفى الآخر.. اغتياله.. وشرب «دمه» لو لزم الأمر.. اسأل نفسك وأنت تشاهدهم: ماذا لو سنحت الفرصة لأحدهم أو جميعهم أن «يحكموا».. أن يجلسوا على «الكرسى».. أن «يركبوا دبابة»؟!.. قطعاً سوف يقطعون الرؤوس ويملأون السجون بالمعارضين.. وإذا كنت لا تصدق.. فعليك فقط بمراجعة معاركهم ورصد «مصالحهم».. انظر فقط إلى «فضائح» الأحزاب فى تحالفات و«خناقات» مقاعد البرلمان.. ثم انظر إلى «التمييز والتطرف» فى إدارة الأحزاب من الداخل.. وإذا كان لديك وقت راجع السير الذاتية لكل «زعيم سياسى»: ماذا قال حين كان «مناضلاً»؟!.. وكيف تصرف عندما «ركب حزباً» أو «جماعة».. ثم حلل خطاب مثقفينا ومفكرينا.. ستجدهم أكثر «داعشية» فى «مص دماء» مصر..!
فى الثورة.. أى ثورة.. كانت «الداعشية» هى الحاكمة.. شباب خرج ضد حكم «مبارك» فأطاح به.. فصفقنا له.. فقفز «التطرف» من داخله.. وأراد أن يضع «حذاءه» فوق رؤوسنا.. بات الأمر فى أذهان «الولاد الجدد» أشبه بالمعركة التى انتصر فيها.. فأصبح من حقه أن «يخطف» البلد كله إلى «ركن سحيق» ليلعب بالمصائر دون خبرة، أو «أمارة».. ولأنه كان «متطرفاً» فى جنى الثمار.. جاء من هو أكثر منه «تطرفاً»، وخطف «الغنيمة».. ثم جلس «الثوار» يلطمون الخدود ويصرخون: «الإخوان» خطفوا مصر..! والحق أن الاثنين كانا «داعشيين».. ومصر كانت -فى نظرهم- السبية الجارية الحسناء التى تنازعوها حتى تمزقت أوصالها..!
ولأن «الإخوان» داعشيون.. والثوار «داعشيون».. كل حسب درجته فى «التطرف».. كان خصومهم «داعشيين» أيضاً.. البعض يرى «الإخوان» ملائكة من نور.. وآخرون يعتبرونهم شياطين من نار.. البعض ينظر لـ«ثوار يناير» شمساً سطعت فى الظلام الحالك.. وآخرون يصورونهم «نحانيح وفئران مراحيض».. لا أحد يضع كل طرف فى موقعه الصحيح وسياقه المنطقى: إما ملائكة أو شياطين..!
بالله عليكم.. كيف نحلم بأن «نلد» أبناء لا يشكلون «ألف داعش» ونحن متطرفون أكثر من «داعش»؟!
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع